أكد لدى افتتاح المؤتمر الثاني للمصالحة رفض الحوار مع البعثيين
المالكي: ألحقنا 35 ألف مسلح منشق عن القاعدة بالقوات المسلحة

مؤتمر المصالحة العراقية في بغداد
أسامة مهدي من لندن: أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن حكومته ضمت 35 ألف مسلح إنشقوا عن تنظيم القاعدة إلى القوات المسلحة العراقية و98 ألف عسكري سابق إلى الجيش الجديد ودعا دول الجوار إلى عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية ومساعدته على تحقيق المصالحة وإتهم قوى سياسية بمحاولات إفشال المصالحة .. بينما طالب رئيس مجلس النواب محمود المشهداني بإعادة صياغة الدستور .. فيما أكد الرئيس جلال طالباني أهمية الحوار مع الجماعات المسلحة الوطنية في حين دعت القوى خارج العملية السياسية إلى جدولة انسحاب القوات الأجنبية. وقال المالكي في كلمة له افتتح بها اليوم في بغداد أعمال المؤتمر الثاني للمصالحة الوطنية أن هذا المؤتمر ينعقد في أجواء كسب المعركة ضد الإرهاب وتحقيق الإستقرار والأمن والإزدهار مشيرا إلى أن المصالحة تعد حدا فاصلا بين أصدقاء العراق وأعدائه وبين المصالح الفئوية والحزبية الضيقة ومصالح الشعب العامة. وأكد أن المصالحة هي رؤية الحكومة الإستراتيجية المتكاملة لتحقيق الأمن والإعمار والبناء وطي صفحة الماضي وليس تقاسما للسلطة والنفوذ. وأشار إلى أن مؤتمرات المصالحة أصبحت تقليدا سياسيا عراقيا بامتياز من اجل تعميق الحوار البناء خاصة وأن المؤتمرين الان يمثلون المنخرطين في العملية السياسية ومعارضيها ايضا .

وشدد المالكي على رفض الحوار مع البعثيين وقال ان الدستور يحظر التعامل معهم مشيرا الى أنهم مازالوا يحملون أفكارا تقف بالضد من العراقيين وينفذون أعمالا إرهابية ويؤمنون بالانقلابات وسيلة للسيطرة على السلطة . وقال إنه لايمكن للحكومة الدخول بمفاوضات أو حوار مع البعثيين لان الدستور يحظر ذلك وان اي حوار من هذا القبيل سيؤدي الى مساءلة الحكومة من قبل مجلس النواب بتهمة خرقها القانون . واضاف المالكي ان من مكاسب المصالحة التي انطلقت قبل عامين إنشاء 29 مجلسا للصحوات والاسناد و13 على طريق التشييد حيث دعمتها الحكومة ماليا ومعنويا بالإضافة الى استيعاب 35 الف مسلح ممن كانوا يعملون في الجماعات المسلحة المنشقة عن تنظيم القاعدة فهم الان يعملون مع القوات المسلحة من اجل حفظ الامن وحيث عمليات انخراط المسلحين واستيعابهم في القوات الامنية مستمر بدقة حتى لاتنفذ اليها الطائفية والتمرد .

المالكي متحدثا
وقال ان القوات المسلحة الحالية استوعبت 98 الف عسكري سابق واحيل 21 الفا منهم الى التقاعد برغبتهم اضافة الى انجاز 48 الف معاملة تقاعد اخرى . وقال ان وزارة المالية تعمل حاليا لتوفير 5 الاف درجة وظيفية لاصحاب الشهادات العليا من منتسبي هيئة التصنيع العسكري المنحلة لاستيعابهم في مؤسسات الدولة مع احالة 23 ألفا من منتسبي التصنيع على التقاعد وإحالة 43 الف معاملة تقاعد اخرى على الدراسة . وأشار الى إنجاز قانون المساءلة والعدالة البديل لقانون اجتثاث البعث وقال انه فرق بين البعثيين الذين ارغموا على الانضمام الى حزب البعث المنحل والاخرين الذين ارتكبوا جرائم ضد العراقيين .. وقال انه تم ايضا اصدار قانون العفو العام الذي استفاد منه حتى الان 3500 من الموقوفين والمدانين باحكام مختلفة . واشار الى ان الحوار مع الجماعات المسلحة التي لم تتورط في سفك دماء العراقيين مستمرة وستتواصل من اجل إلقاء أسلحتها والانخراط في العمل السياسي .

وشدد على ان اكبر انجاز تحقق في العراق هو إبعاده عن الانزلاق في حرب طائفية مدمرة خطط لها انصار النظام السابق والارهابيون من التكفيريين وعودة الكثير من اللاجئين الى العراق ووقف نزوح العائلات . واكد ان حكومته تسعى إلى إنهاء التخندق الطائفي والفئوي والعرقي وتشجيع لغة الحوار والمصالحة . وقال ان طريق انجاز المصالحة ما زال طويلا ومريرا ومحفوفا بالمخاطر لكنه اكد ان الاصرار عليها والتمسك بها كفيل بتحقيق اهدافها الكاملة . واشار بأسف الى وقوف بعض القوى والشخصيات السياسية ضد العملية السياسية والاستقواء بالخارج بهدف افشال المصالحة . واشار الى ان ترك الوزارات فارغة أضر بمصالح البلاد وشعبها وكاد ان يفشل مشروع المصالحة لولا إصرار المخلصين على المضي بالمسيرة حتى تحقيق أهدافها من خلال تعزيز الثقة والابتعاد عن الفئوية الضيقة . وناشد القوى السياسية الى مزيد من الجهود لدعم المصالحة التي اكد انها الوسيلة الوحيدة لبناء العراق وان يكون خطابها تسامحيا موحدا وليس تهديديا اضافة الى الاستقواء بالخارج . ودعا المالكي دول الجوار الى عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية ومساعدة العراقيين على تحقيق المصالحة وقال ان على هذه الدول ان تدرك ان امنها من امن العراق .

ومن جهته طالب رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني بجهود حقيقية لوقف عمليات القتل التي يتعرض لها الاطباء والمثقفون والضباط السابقون ورجال الدين .. وكشف زيف القوى التي ترفع شعار الديمقراطية وتسعى إلى الاستئثار وتدعم الميليشيات والقيادات التي تنتفخ جيوبها بالمال الحرام فيما تفتقر جيوب المواطنين العراقيين . وطالب باعادة النظر في مواد الدستور واعادة كتابته واكد ضرورة إجراء انتخابات المحافظات المقبلة اواخر العام بشكل نزيه يمثل القوى التي تحظى بثقة العراقيين .

وفي كلمة الرئيس جلال طالباني التي ألقاها نيابة عنه رئيس ديوان الرئاسة نصير العاني قال ان المؤتمر يشكل فرصة لجميع ممثلي الشعب من داخل العملية السياسية وخارجها . واضاف ان المصالحة ليست عصا سحرية وانما هي طريق شاق وطويل يحتاج الى الصبر والإصرار على تحقيق الاهداف . واشار الى ان العمليات الإرهابية هي ليست من تنفيذ العراقيين وانما جاءت من الخارج لمنع امنهم واستقرارهم وازدهارهم . وناشد القوى السياسية الى السعي الى الالتقاء في نقطة وسط وتقديم تنازلات متبادلة ورفض العنف والابتعاد عن المحاصصة التي ابتلي بها العراق كما قال . ودعا الى الاقتراب من القوى المسلحة التي لم ترفع السلاح بوجه العراقيين ولها مشتركات وثوابت وطنية ومحاورتها واعانتها على الانخراط في دولة القانون والمؤسسات .

وفي كلمة ألقاها السياسي عبد الاله النصراوي الامين العام للحركة الاشتراكية العربية نيابة عن القوى الوطنية خارج العملية السياسية اشار الى ان المصالحة لايجب ان تكون مع من يستبيحون الدم العراقي وقال انها تتطلب المشاركة والابتعاد عن الاستئثار والمحاصصة وان يكون الجميع من حصة العراق . واحتج على تهميش التيار القومي العربي الذي قال انه كان اول من واجه النظام الدكتاتوري السابق وقدم تضحيات كبيرة في سبيل ذلك مشيرا الى خطأ تحميله وزر ممارسات ادعت القومية . وطالب بالعمل على الحد من التوترات الاجتماعية وحل مشكلة البطالة ومعالجة مشكلة الخدمات الاساسية ووضع حد للخطاب التحريضي بين القوى السياسية . ودعا الى دعم الحوار مع القوى خارج العملية السياسية وخاصة التي ترفض العنف وقال ان المصالحة يجب ان تتوجه الى جميع العراقيين من اجل بناء نظام ديمقراطي يساوي بين العراقيين ويقضي على الفساد ويبني دولة المؤسسات والقانون وحشد جميع الجهود لتحقيق الامن والازدهار . وشدد على ضرورة وضع جدول زمني لانسحاب القوات الاجنبية في العراق بالتزامن مع تنامي قدرات القوات العراقية .

اما وزير الدولة لشؤون الحوار الوطني اكرم الحكيم فقد اكد ان الحوار مفتوح مع كل من يرغب في المساهمة ببناء العراق مشيرا الى ان القوى المشاركة في المؤتمر هي من كافحت ضد النظام السابق وقدمت تضحيات جساما وهي تعمل الان من اجل تحقيق السلم الاجتماعي والامني وانجاز المصالحة . واشار الى ان المصالحة لاتتم مع القوى المناهضة للعملية السياسية وتشجع على الارهاب كاسلوب لتحقيق مكاسب سياسية مشيرا الى ان هذه قوى فاشية لجأت الى الانقلابات سبيلا الى الاستيلاء على السلطة . واشار الى ان الدعوات قدمت الى جميع القوى الاسلامية والقومية والشيوعية وحتى الى بعثيين لكن مطالبتهم بتوجيه الدعوة الى قيادة حزب البعث العراقي (احد فروع الحزب في سوريا) عرقل مشاركتهم لان الدستور يرفض التعامل مع البعث كمنظمة حزبية محظور التعامل معها .

وسيبحث المؤتمر على مدى يومين عدة قضايا في مقدمتهاquot; الاصلاح المؤسساتي والصحوات والميليشيات اضافة الى مناقشة القوانين المهمة واصدار وثيقة شرف بين القوى المشاركة . كما يناقش المؤتمر قضايا تتعلق بأزمة الحكومة الحالية وغياب ثلث وزرائها ودراسة بعض فقرات الدستور وقضية الانتخابات . وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية ان جميع الفصائل السياسية تشارك في المؤتمر لتعزيز المصالحة الوطنية والمساعدة على إنهاء التوترات الطائفية وتفعيل دور القوى المختلفة في العملية السياسية من اجل المساهمة الايجابية في المصالحة الوطنية والاسهام في الدور السياسي ودعم جهود الحكومة في المجال الامني. واضاف ان المؤتمر يسعى الى quot;بناء دولة المؤسسات والقانون عبر اسهامها ودورها المتوقع في الانتخابات لتوسيع الدور والتمثيل السياسي لهذه القوىquot; مشيرا الى ان الحكومة ترى quot;المشاركة السياسية حقا متساويا ولا يمكن لاي حزب او مكون أن يستأثر بالوضع السياسيquot;.

واضاف الدباغ ان المؤتمر quot; يهدف الى تفعيل دور القوى المختلفة في العملية السياسية من أجل المساهمة الإيجابية في المصالحة الوطنية وبناء العراق والإسهام في الدور السياسي ودعم جهود الحكومة في المجال الأمني، إضافة الى استكمال السيادة والإعمار وبناء دولة المؤسسات والقانون عبر إسهامهم ودورهم المتوقع في الإنتخابات لتوسيع الدور والتمثيل السياسي لهذه القوى.quot; وأشار الى أن الحكومة quot; ترى أن المشاركة السياسية حق متساو لكل مواطن ولكل مجموعة سياسية عبر المساهمة في نظام ديمقراطي فاعل، ولايمكن لأي حزب أو مكون أن يستأثر بالوضع السياسي.quot;

واطلق المالكي مبادرة المصالحة الوطنية في حزيران (يونيو)عام 2006 وكان المؤتمر الأول للحوار الوطني بين القوى السياسية عقد في السابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) من العام نفسه بمشاركة شخصيات من داخل العملية السياسية وخارجها ولكن بشكل ضئيل وتمخض عن تشكيل أربع لجان متابعة هي لجنة الموازنة السياسية وتوسيع المشاركة ولجنة النظر في موضوع الفيدرالية ولجنة آليات تعديل الدستور فضلا عن لجنة الكيانات المنحلة. وكانت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثاني للقوى السياسية اصدرت بعد ثماني اجتماعات لها تقريرا في العاشر من الشهر الحالي قررت فيه اسم المؤتمر وشعاره واكدت ضرورة انعقاده في بغداد quot; لتبقى بغداد تحتضن كل القوى الوطنية السياسية العراقية رغم التحديات.quot;