خيمة إحتجاج ولجنة للدفاع عن أراضي الكرمل
الدروز في إسرائيل على مفترق طرق

نضال وتد من حيفا: هل الدروز في إسرائيل على مفترق طرق، أم أن التصريحات التي تطايرت طيلة يوم السبت، من على أراضي دالية الكرمل من شخصيات من الطائفة الدرزية، تطالب بمقاطعة احتفالات الدولة العبرية بالذكرى الستين لاستقلالها، كانت نتيجة غضب من أبناء الطائفة (الذين فرضت عليهم الدولة العبرية الخدمة العسكرية الإلزامية، وحاولت على مدار سنين قيامها سلخهم عن بقية أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل من مخططات الحكومية الأخيرة الرامية إلى مصادرة أكثر من سبعة آلاف دونما من أراضي قريتي دالية الكرمل وعسفيا على جبل الكرمل لصالح مد أنبوب غاز قطري على هذه الأراضي، بعد أن كان سبق لها مصادرة أكثر من 30 ألف دونما من أراضي القريتين لصالح ما يسمى quot;بمتنزه الكرمل القوميquot;.

والواقع أن الإجابة على هذا السؤال تختلف وفقًا لمن يوجه له هذا السؤال، فخيمة الاعتصام التي أقيمت أمس على جبل الكرمل، على الأراضي المهددة بالمصادرة، شهدت ربما لوحة نادرة من الإجماع داخل صفوف الطائفة على رفض مخططات السلطة، حتى من قبل جهات وعناصر كانت محسوبة على التيار الداعي للاندماج في الدولة العبرية، وتأدية الخدمة العسكرية كضمان لتحصيل حقوق أبناء الطائفة، فقد دعت جهات كانت محسوبة على هذا التيار إلى مقاطعة احتفالات الدولة العبرية، ومقاطعة المراسم الرسمية لإحياء ذكرى من سقطوا من أبناء الطائفة في حروب إسرائيل، وعدم استقبال أي من المسؤولين الرسميين للدولة.

فقد توافد العشرات من أهالي بلدتي دالية الكرمل وعسفيا، صباح السبت، على خيمة الاعتصام والاحتجاج التي أقيمت على أراضي القريتين المهددة بالمصادرة من قبل السلطات الإسرائيلية، ووصل إلى خيمة الاعتصام كذلك عدد من المشايخ العرب الدروز، تلبية لدعوة
اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض في الكرمل التي دعت الأهالي إلى الوصول إلى المكان، كخطورة تصعيدية في النضال المتواصل من أجل إجهاض مخططات مصادرة الأراضي، بحجة إقامة مشاريع quot;قوميةquot; أعلنت عنها السلطات الإسرائيلية من ضمنها: مد خطوط رئيسة للغاز الطبيعي، وبناء سكة قطار تمتد من ميناء حيفا وحتى الحدود الإسرائيلية الأردنية، إضافة الى مد خطوط رئيسة للكهرباء، وبناء مفترق رئيس ضخم يرتبط بشارع quot;عابر إسرائيلquot; .

وقال فهمي حلبي رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض في الكرمل، ورئيس المجلس المحلي السابق لدالية الكرمل: quot;إنه وبعد مرور 60 عامًا على قيام إسرائيل، فإن سياستها لم تتغير تجاه العرب الدروز، ولذلك نشهد اليوم حالة من الغضب في الشارع العربي الدرزي على تعامل السلطات، وأصبح الشباب الدروز يدركون أكثر من أي وقت مضى مدى الغبن والإجحاف اللاحق بهم، فالقضية ليست متعلقة بالأرض فقط، بل التمييز الصارخ في كافة المجالات، ولذلك نشهد اليوم تحركات شعبية واسعة تطالب بتغيير العلاقة مع دولة إسرائيل، ومنها المطالبة بإلغاء التجنيد الإجباري المفروض على شبابناquot;.

من جهته، قال عضو الكنيست النائب سعيد نفاع (عن حزب التجمع الوطني)، وهو من أوائل رافضي الخدمة العسكرية منذ سنوات الستين، عن التطورات داخل الطائفة العربية الدرزية لجهة تصاعد ونمو المد الوطني والقومي ليست بجديدة فقد كانت موجودة دائما، لكن ما يحدث اليوم بصورة جلية أكثر هو إنكشاف حقيقة السياسة الحكومية للدولة العبرية تجاه المواطنين العرب الدروز لأولئك الذين راهنوا في الماضي على الاندماج في الدولة وعلى الأحزاب الصهيونية، وظنوا أن أداء الخدمة العسكرية سيمنح الدروز في إسرائيل حقوقا كاملاquot;.

وقال نفاع إن سياسة السلطة الحكومية لم تتغير يوما ولم تميز بين دروز وعرب، بل إن التمييز الذي لحق بالعرب الدروز كان أصعب واشد، فأهالي الدالية وعسفيا مثلاً، كانوا يملكون قبل العام 48 أكثر من 70 ألف دونما من الأرض صادرت الدولة معظمها وبقي للأهالي نحو 16 ألف دونما تريد الحكومة الإسرائيلية اليوم مصادرة 7000 دونما منهاquot;.

ويرى سعيد نفاع أن تزايد الوعي لدى الأجيال الشابة وانكشاف زيف مقولة الحكومة والمؤسسة الإسرائيلية حول مساواة الدروز، وخصوصا بعد ازدياد موجات التواصل القومي بين العرب الدروز في البلاد وإخوانهم في سوريا ولبنان، ومد جسور التواصل مع العالم العربي مقابل استمرار سياسة التمييز العنصري، كل هذه العوامل والتطورات مجتمعة تحسم عمليًا الموقف لصالح الانتماء القومي والوطني، خصوصًا بعد أن اتضح للأجيال الشابة اليوم أن الدولة لا تفرق بين مختلف شرائح المجتمع العربي الفلسطيني.

وحذر سليمان أبو ركن، عضو اللجنة الشعبية، وعضو المجلس السابق لمجلس عسفيا، من أخذ الوعود التي يطلقها بعض المسؤولين الإسرائيليين على محمل الجد، وقال أبو ركن إن الوزير بنيامين بن اليعيزر، وزير البنى التحتية، وquot;دائرة أراضي إسرائيلquot; يقولون شيئا ويفعلون شيئًا آخر، فالمخطط جار على قد وساق، بل ويعدون الخرائط التي تتجاهل الوضع الحالي للمنطقة، من ناحية المفترقات القريبة، بهدف المصادقة على الخرائط، وعدم احترام المعايير المتعلقة بالتخطيط السليمquot;.

وطالب ابو ركن بطرد جميع الشخصيات الرسمية، او ذات العلاقة بمخطط المصادرة من بلدتي الكرمل، وعدم التعامل معهم، لأن quot;التجارب أثبتت أنهم يطلقون الأكاذيب، وغير صادقين في نواياهم وفي التعامل معنا، فالخرائط التي بيدنا تثبت حجم المصادرةquot;.

وقال نبيل كيوف، أحد أصحاب الأراضي المهددة بالمصادرة في منطقة المنصورة، بالقرب من بلدة quot;يكنعامquot; اليهودية، quot;أملك 6 دونمات في هذه المنطقة ( المنصورة)، وهي ارض ورثتها انا وشقيقي من جدي ومن والديquot;، لكن ما يجري هو محاولة لسلب أرضي وأرضي جميع الأهالي بغية إقامة مشاريع quot;قوميةquot; كما يدعو على حسابناquot;، هم يريدون الأرض ويخططون المشاريع فقط على أراضينا، بهدف مصادرتها، ونحن بدورنا لن نتنازل عن أرضنا وسنواصل النضال لإفشال هذا المخططquot;.