لندن، وكالات: يصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني صباح اليوم إلى لندن في زيارة دولة لبريطانيا تهدف إلى إعادة تنشيط التعاون بين البلدين. وستحط طائرة الرئيس الفرنسي وزوجته عند الساعة 25،11 بتوقيتي لندن وغرينتش في مطار هيثرو في لندن قبل ان يتوجها الى قصر ويندسور غرب العاصمة البريطانية حيث سينظم لهما استقبال ملكي. وسيقطع الزوج الرئاسي الامتار القليلة التي تفصلها عن القصر الملكي في عربة فاخرة تجرها جياد ترافقهما ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية وزوجها دوق ادنبره.

وسيحضر ساركوزي وزوجته ليلا عشاء رسميا على شرفهما قبل ان يمضيا الليل في قصر وندسور. لكن قبل ذلك بساعات، سيلقي الرئيس الفرنسي كلمة امام مجلسي العموم واللوردات البريطانيين في ويستمنستر في خطوة تكريمية لم يسبقه اليها سوى 31 قائدا اجنبيا منذ 1939. وقالت مصادر قريبة من ساركوزي ان خطابه سيشكل مناسبة للحديث عن العلاقات التي شهدت مراحل من التنافس والصداقة بين فرنسا وبريطانيا. وسيلتقي الرئيس الفرنسي الخميس رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون في اول قمة بينهما في مقر الحكومة البريطانية ثم في ستاد الامارات الخاص بفريق ارسنال الذي يضم خمسة لاعبين فرنسيين.

وسيبحث ساركوزي وبراون في الوضع في افغانستان حيث ارسلت باريس الف جندي اضافي واصلاح المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي ومجلس الامن. ويفترض ان يتناول اللقاء ايضا شفافية اسواق المال ومسألة الدفاع الاوروبي. وسيعلن ساركوزي وبراون خطة مشتركة تهدف الى اقامة محطات نووية في بريطانيا وتصدير تقنياتها الى دول العالم في مرحلة ثانية.

زيارات الدولة السابق لرؤساء فرنسيين الى بريطانيا

ساركوزي هو خامس رئيس في الجمهورية الخامسة في فرنسا يقوم بزيارة دولة الى بريطانيا. وتعود آخر زيارة دولة لرئيس فرنسي الى بريطانيا الى ايار/مايو 1996 وقام بها الرئيس جاك شيراك. وقبل ذلك زار فرنسوا ميتران بريطانيا في تشرين الاول/اكتوبر 1984 وفاليري جيسكار ديستان في حزيران/يونيو 1976 والجنرال شارل ديغول في نيسان/ابريل 1960. ومثل شيراك وميتران وجيسكار ديستان، سيلقي ساركوزي كلمة امام مجلسي العموم واللوردات البريطانيين في القاعة الملكية لقصر ويستمينستر. اما ديغول فقد حظي بتكريم فريد اذ دعي لالقاء كلمة في quot;ويستمينستر هولquot; اقدم قسم في القصر، شيد في القرن الحادي عشر ومخصص لوضع جثامين الملوك الراحلين لالقاء نظرة الوداع عليهم.

وكانت زيارة شيراك جرت خلال ازمة جنون البقر. وقد سعى الرئيس الفرنسي حينذاك الى تهدئة التوتر الناجم عن هذه الازمة. كما عمل على اقناع محادثيه باعتماد العملة الاوروبية الواحدة التي طرحت في 1999 . اما زيارة ميتران في تشرين الاول/اكتوبر 1988، فقد تزامنت مع الذكرى الثمانين لتوقيع اتفاق التفاهم الودي، الميثاق التأسيسي لعلاقات الصداقة بين فرنسا وبريطانيا.

وقد شابه حادث بين رجال الشرطة البريطانيين والفرنسيين، اذ اتهمت سكتلنديارد اجهزة الامن الفرنسية باخفاء متفجرات في مكان مخصص لحفل استقبال حضره ميرتان في محاولة للبرهنة على فشل الكلاب البوليسية الانكليزية. وتمكن الرئيس جيسكار ديستان خلال محادثاته مع رئيس الوزراء البريطاني جيمس كالاهان في حزيران/يونيو 1976، من التوصل الى قرار عملي بعقد قمة فرنسية بريطانية سنوية. وقد عقدت اولى هذه القمم بعد اشهر في تشرين الثاني/نوفمبر 1976 في فرنسا.

وبعد عودته الى انكلترا في 1960، تحدث الجنرال ديغول عن المقاومة المشتركة للنازية للتشديد على الصداقة بين الشعبين. لكن وراء المجاملات الدبلوماسية الح على مسألتين هما ضرورة ان تعامل على قدم المساواة وتغليب اوروبا على الولايات المتحدة.

الألعاب الأولمبية

وكان اعلن ساركوزي انه قد يقاطع افتتاح الالعاب الاولمبية في بكين بسبب ما يجري في التبت. وقال مساعدو ساركوزي ان فرنسا لا تزال تعارض مقاطعة شاملة للالعاب الاولمبية، الا انها قد تقاطع حفل افتتاح الالعاب المقرر في 8 اغسطس/ آب 2008. وكانت الاحداث التي تجري في التبت منذ اسبوع قد القت بظلالها على موضوع مشاركة عدة بلدان في الالعاب الاولمبية.

ولكن رئيس اللجنة الاولمبية جاك روخه كان قد عبر مؤخرا عن ارتياحه لعدم دعم اي حكومة حتى الآن لاي مقاطعة شاملة للالعاب. وقد اشار البيت الابيض يوم الثلاثاء ان الرئيس الامريكي جورج بوش لا يزال على قراره حضور جلسة الافتتاح بينما قالت بريطانيا ان رئيس حكومتها جوردون براون لم يغير حتى الآن رأيه بحضور حفل ختام الالعاب. ولكن موقف ساركوزي، على الرغم من عدم الحسم، جاء مختلفا اذ قال الرئيس الفرنسي ان quot;كل الخيارات مطروحة بما فيها المقاطعةquot;، داعيا quot;السلطات الصينية الى التصرف بمسؤوليةquot;. واضاف ساركوزي: quot;اريد ان يبدأ الحوار وجوابي على سؤال المشاركة سيأتي وفقا لما ستقوم به السلطات الصينيةquot;.

من جهتها، قالت القناة التلفزيونية الفرنسية الرسمية انها قد تقاطع تغطية الالعاب في حال منعت بكين التظاهر خلال فترة الالعاب الاولمبية. وكانت فرنسا ودول غربية اخرى قد حثت بكين على التفاوض مع الزعيم الروحي للتبت الدلاي لاما الذي يعيش في منفاه الهندي.

من جهتها، تتهم بكين الدلاي لاما بتحريض انصاره على القيام باعمال عنف وذلك بعد احداث الاسبوع الماضي في التبت التي تقول الصين انها ادت الى مقتل 19 شخصا بينما تقول الحكومة التبتية في المنفى ان عدد القتلى 140 شخصا على الاقل. وقال رئيس منظمة مراسلون بلا حدود روبير مينار انه طلب موعدا من الرئيس الفرنسي سيحثه خلاله على مقاطعة حفل افتتاح الالعاب الاولمبية دون ان تقاطع فرنسا الالعاب نفسها.

وكان مناصرون للدلاي لاما قد حاولوا اعاقة اضاءة الشعلة الاولمبية في العاصمة اليونانية اثينا يوم الاثنين. وشق المناصرون طريقهم وسط الشرطة اليونانية ورفعوا علم التبت قبل ان تفرقهم الشرطة. وتعليقا على الحادث قالت وزارة الخارجية الصينية الثلاثاء ان ما جرى في اليونان امر معيب.