الكويت: تعتبر العلاقات بين الكويت وتركيا تاريخية ومتميزة وهي في تطور مستمر على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والسياحية يجمعها رابط الأخوة والصداقة والرؤية المشتركة بين الطرفين. وازدادت هذه العلاقات رسوخا بالزيارات المتبادلة والاتفاقيات والبروتوكولات المشتركة التي بلغلت حتى الآن 14 اتفاقية اضافة الى التعاون المشترك في مختلف المجالات.

وارتبطت دولة الكويت بعلاقات دبلوماسية مع تركيا عام 1969 حيث أقيمت أول علاقة دبلوماسية بين البلدين عبر التنسيق مع سفارة جمهورية تركيا في بيروت ثم انتقلت العلاقات الى سفارة جمهورية تركيا التي تم افتتاحها في الكويت في العام 1971.

وتميزت العلاقات الكويتية - التركية بعد ذلك بالاحترام المتبادل عبر الزمن لكنها شهدت تطورا متسارعا عقب الموقف المشرف الذي اتخذته تركيا من الغزو العراقي للكويت عام 1990 والمساهمة مع قوى التحالف في تحرير البلاد ثم فتح قواعدها العسكرية أمام هذه القوى للاشراف على مراقبة منطقة حظر الطيران شمال العراق.

ومنذ الساعات الأولى للغزو العراقي نددت تركيا بهذا العمل الهمجي واعتبرته عدوانا واعتداء على القانون الدولي ومبدأ الشرعية الدولية وأعلنت تضامنها مع الكويت للمطالبة بعودة السيادة والاستقلال اليها.
وقد أدى قرب تركيا من العراق دورا أساسيا في تطور العلاقات بين الكويت وتركيا اذ اتخذت الأخيرة موقفا مشرفا عقب الغزو مباشرة بوقف ضخ النفط من الآبار العراقية المارة عبر الأراضي التركية كما أعلنت انضمامها الى التحالف الدولي الذي قاد معركة تحرير الكويت وساهمت بفعالية في قوات هذا التحالف على الرغم من الخسائر الاقتصادية التي منيت بها جراء موقفها.

وتعبيرا عن شكر دولة الكويت لهذا الموقف المبدئي زار سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح تركيا في نوفمبر عام 1991 وأعرب عن تقدير الكويت وامتنانه الشخصي لموقف تركيا من الغزو العراقي وتضامنها مع الحق الكويتي.

وقال سموه رحمه الله في أثناء الزيارة ان الموقف التركي توج العلاقات المتينة الراسخة التي ربطت بين البلدين منذ سنين عدة وفتحت صفحة أخرى من التعاون البناء المثمر لخير الشعبين وصالحهما ودعا سموه الى مواصلة الضغوط على النظام العراقي للافراج عن الأسرى الكويتيين المحتجزين في سجونه واعادتهم الى أهلهم وذويهم.

وعقب تحرير دولة الكويت وزيارة سمو أمير البلاد الراحل الى تركيا تواصلت الزيارات بين البلدين على شتى المستويات وشهدت ترسيخا وتطورا تمثل في الاتفاقيات التي تم توقيعها في عدد من المجالات.

ففي سبتمبر عام 1991 قام وزير التجارة والصناعة الكويتي السابق عبدالله حسن الجارالله بزيارة الى تركيا حيث وقع مع نظيره كاظوم يوسيلين البروتوكول التجاري بين البلدين.

وفي سبتمبر عام 1992 زار وزير الاعلام الكويتي السابق بدر جاسم اليعقوب تركيا ونقل الى الرئيس التركي تورغوت اوزال شكر المسؤولين الكويتيين على مواقف تركيا من قضايا الكويت العادلة .
وأكد الرئيس التركي من جانبه التزام بلاده بضرورة تطبيق العراق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة على الرغم من تضرر بلاده بهذه القرارات.

وفي ابريل عام 1993 زار أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد تركيا عندما كان بمنصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية حيث شارك في تشييع جثمان الرئيس التركي الراحل تورغوت اوزال ممثلا سمو أمير البلاد الراحل.

وفي ديسمبر عام 1993 زار وزير التجارة والصناعة الكويتي السابق الدكتور عبدالله الهاجري تركيا والتقى الرئيس التركي سليمان ديميريل وكبار المسؤولين الأتراك ووقع أثناءه محضر الاجتماع الثالث للجنة الكويتية - التركية المشتركة الذي تضمن بنودا عدة منها تنشيط التبادل التجاري بين البلدين .

وفي الشهر نفسه زار وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي السابق عبد العزيز الدخيل انقرة ووقع مذكرة تفاهم تتعلق بالقطاع الزراعي وتضمنت تبادل الخبرات والمعلومات الزراعية بين البلدين والاستعانة بالعمالة التركية في هذا القطاع وانشاء شركات زراعية مشتركة في مجال القطاع الخاص.

وقام أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في سبتمبر عام 1995 بزيارة الى تركيا سلم خلالها رسالة من سمو أمير البلاد الراحل الى الرئيس التركي ديميريل وأكد سموه أنه وجد من المسؤولين الأتراك دعما قويا لسياسة الكويت وحرصا ثابتا على استقلالها وسيادتها.

- وزار الدخيل تركيا مرة أخرى في فبراير عام 1998 حيث نقل رسالة من سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الى الرئيس ديميريل في اطار تحرك الكويت السياسي لشرح موقفها من الأزمة التي افتعلها العراق مع مفتشي الأمم المتحدة.

وفي مايو من عام 2006 وقع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية محمد صباح السالم الصباح ونظيره التركي عبدالله غول اتفاقية تفاهم مشترك لتطوير العلاقات بين البلدين تهدف الى تعزيز العلاقات الثنائية والتوصل الى مراجعة شاملة للعلاقات تتضمن تنفيذ الاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم والوثائق الأخرى الموقعة بين البلدين.

وقام رئيس مجلس الوزراء ناصر المحمد الصباح بزيارة رسمية لتركيا في شهر ابريل 2007 بحث خلالها مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان العلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع في المنطقة والتنسيق والتشاور حيال القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة.

كما زار مدينة اسطنبول حيث التقى عددا من رجال الأعمال الأتراك واستمع الى شرح منهم عن مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين.

ومن الجانب التركي قامت وفود عدة بزيارة الكويت ففي مايو عام 1992 زار وزير التجارة والصناعة التركي طاهر كوسه الكويت لحضور اجتماعات اللجنة الاقتصادية بين البلدين وأعرب عن الأمل بتعزيز علاقات التعاون الاقتصادي بين الكويت وتركيا .

وأكد نائب رئيس الوزراء التركي اردال اينونو في زيارته الى الكويت في نوفمبر 1992 استمرار دعم بلاده لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وأشاد بالمنجزات التي حققتها الكويت في مجال اعادة الاعمار.

وفي يناير عام 1993 زار رئيس الوزراء التركي سليمان ديميريل البلاد على رأس وفد رسمي حيث أجرى محادثات مع المسؤولين تناولت تعزيز العلاقات الثنائية ووسائل تعزيز التعاون البناء بينهما في مختلف المجالات.

وفي يناير عام 1995 زار رئيس حزب الرفاه نجم الدين أربكان الكويت حيث دعا النظام العراقي الى تطبيق جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بعدوانه على دولة الكويت وأكد التزام بلاده بالعقوبات المفروضة على بغداد.

وفي 6 اكتوبر عام 1997 وصل الرئيس التركي ديميريل الى الكويت في زيارة استمرت يومين التقى فيها كبار المسؤولين الكويتيين وأجرى محادثات مع سمو أمير البلاد تناولت العلاقات الثنائية والقضايا محل الاهتمام المشترك.

وتم في أثناء الزيارة توقيع اتفاقية مالية بين البلدين تهدف الى منع الازدواج الضريبي كما تم توقيع اتفاقية ثقافية تهدف الى تعزيز التعاون الثقافي بينهما.
وفي ديسمبر من العام نفسه قام وزير الدولة التركي رفاع الدين شاهين بزيارة الى الكويت حيث اجتمع مع سمو أمير البلاد وسلمه رسالة من الرئيس ديميريل

- وفي اغسطس 1999 زار وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم الكويت وسلم رسالة من الرئيس ديميريل الى سموه وأكد دعم بلاده للكويت في وجه أي تهديد من العراق ودعا بغداد الى احترام قرارات الأمم المتحدة وشكر الكويت على المساعدات التي قدمتها لضحايا الزلزال الذي ضرب تركيا حينذاك.
كما أعربت تركيا في شهر اكتوبر 1999 عن بالغ الشكر للمساعدات المقدمة من أجل مساعدة ضحايا الزلزال الذي هز تركيا في اغسطس من العام نفسه وأوقع نحو 15 ألف قتيل .
جاء ذلك في رسالة بعث بها الرئيس التركي ديميريل مع مبعوثه الخاص وزير الدولة حكمت كتشجلير الى سمو أمير البلاد .

وكان سمو أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد قد تبرع شخصيا بمبلغ مليون دولار مساهمة من سموه رحمه الله في اغاثة منكوبي كارثة الزلزال والتخفيف من معاناتهم كما قدمت جمعيات كويتية أخرى مساعدات عينية ونقدية كبيرة.

وتضامنا من دولة الكويت مع الشعب التركي الصديق ألغت سفارة الكويت لدى تركيا في فبراير عام 2000 احتفالها بالعيد الوطني وعيد التحرير وقررت التبرع بنفقات الحفل لصالح منكوبي الزلزال.
ولم تقتصر الزيارات على الوفود الرسمية اذ قام وفد برلماني كويتي يرأسه رئيس مجلس الأمة السابق أحمد عبد العزيز السعدون بزيارة الى أنقرة في عام 1994 التقى أثناءها نظيره التركي وكبار المسؤولين.

وقام وفد برلماني تركي يرأسه نائب رئيس المجلس الوطني (البرلمان) ياسين اوغلو بزيارة الى الكويت في يونيو عام 1996 ودعا جميع الشعوب المحبة للسلام الى تكثيف جهودها من أجل اطلاق سراح أسرى الكويت المحتجزين في السجون العراقية وأكد أن بلاده لاتألو جهدا في طرح هذه القضية في المحافل الدولية.

وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية فبالاضافة الى الاتفاقيات المذكورة التي وقعت أثناء زيارات المسؤولين من البلدين فان تركيا والكويت وقعتا العديد من الاتفاقيات التجارية منها اتفاقية لنقل المسافرين وبضائع الترانزيت عام 1970 واتفاقية التعاون الاقتصادي والصناعي والفني عام 1983 التي أثمرت تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة للتعاون الاقتصادي عقدت عدة اجتماعات في البلدين.
كما يرتبط البلدان باتفاقية لتشجيع الاستثمار وحمايته منذ عام 1988 وفي مايو عام 1995 وقعت غرفة تجارة وصناعة الكويت مع اتحاد غرف التجارة والصناعة والشحن وتبادل السلع في تركيا بروتوكول تعاون تضمن ست مواد تنص على أهمية التعاون بين البلدين من خلال تأسيس علاقات تجارية مباشرة وفعالية بينهما

- وحول مجالات الاستثمار المتاحة للقطاع الخاص الكويتي في تركيا يقول المسؤولون الأتراك ان هناك عددا من أهم الاجراءات المساندة للاستثمار أهمها برنامج الخصخصة الذي تم بموجبه التخطيط لبيع مشروعات حكومية اقتصادية في عام 1995 تبلغ قيمتها خمسة مليارت دولار في مجالات حيوية كالاتصالات والنقل الجوي والمنسوجات والبتروكيماويات.
وفي اكتوبر من عام 2005 قام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بزيارة رسمية للكويت أكد فيها أنه رغم النمو الذي شهده التعاون التجاري بين البلدين في عامي 2003 و2004 فانه لايزال غير كاف ولا يعكس القدرات المتوفرة في البلدين.

وقال ان حجم التبادل التجاري بين بلاده والكويت حقق زيادة بلغت 60 في المئة خلال عام 2004 مقارنة بالعام الذي سبقه معربا عن الأمل بزيادة حجم هذا التبادل الى مليار دولار في أقرب وقت ممكن.
وتعد تركيا من أبرز شركاء الكويت التجاريين وهي ضمن قائمة أكثر من 15 دولة تتعامل معها الكويت تجاريا وقد بلغ حجم الصادرات الكويتية لتركيا عام 2006 حوالي خمسة ملايين دينار كويتي في حين بلغ حجم الواردات ما يقارب 67 مليون دينار.

وعلى الصعيد السياحي فان الكويت تعد من أبرز الدول التي تتعامل سياحيا مع تركيا وحسب احصائية تركية فقد بلغ عدد السائحين الكويتيين الى تركيا عام 2006 زهاء الي 34 ألف سائح.
وبفضل تميز تركيا بموقع استراتيجي من خلال أهمية دورها كجسر يربط الشرق بالغرب وبفضل المناخ الجذاب الذي جعل من تركيا أرضا خصبة للاستثمارات الأجنبية والتي حظيت باهتمام كبير من المستثمرين الكويتيين الذين يهتمون بعدة قطاعات أهمها قطاع البنوك الخاصة وقطاع الألبسة الجاهزة اضافة الى قطاعات أخرى بلغ عدد الشركات ذات رأس المال الكويتي فيها 17 شركة في العام 2003 ويبلغ مجمل رأس مال هذه الشركات حوالي 200 مليون دولار أميركي.

كما يبلغ رأس المال الكويتي في استثمارات متنوعة أخرى حوالي 115 مليون دولار أميركي لهذه الشركات.

ومن أهم الاستثمارات الكويتية في تركيا امتلاك مجمع (جواهر اوغلو) التجاري في مدينة اسطنبول من قبل شركة (سانت مارتيناز) البريطانية الجنسية التي تعود ملكيتها للهيئة العامة للاستثمار الكويتي وبلغت قيمته 421 مليون دولار أمريكي

- ويعد مجمع (جواهر اوغلو) أكبر مجمع تجاري في أوروبا والشرق الأوسط وثاني أكبر مجمع تجاري في العالم بأسره بعد مجمع مشيغان الأميركي.كما يعد البنك الكويتي - التركي الذي يملك بيت التمويل الكويتي نسبة عالية من أسهمه من البنوك الرائدة في القطاع المصرفي في تركيا من خلال عدم تعامله بالفائدة.

وفي العام 2006 اشترت شركة المستثمر الدولي الكويتية بنك (اضا) حيث بلغت قيمة المبلغ الذي دفعته الشركة 33 مليون دولار أميركي.

وفي اطار تعزيز التعاون وتفعيله في شتى المجالات وخصوصا التجارية والاقتصادية بين الجانبين تم ابرام عدة اتفاقيات اعتبرت أساسا مهما للاتفاقيات التي ستليها أهمها اتفاقية التعاون الاقتصادي والصناعي التقني في العام 1982 ثم اتفاقية دعم المستثمرين وحمايتهم في كلا البلدين في العام 1992 واتفاقية المطابقة بين اتحاد المتعهدين في تركيا والكويت.

وأما التعاون بين جمهورية تركيا والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية فيعود الى عام 1979 عندما مدت التمويلات الكويتية قروضها الأولى الى جمهورية تركيا لتعزيز مشروعها لخطوط نقل الكهرباء عبر البوسفور الذي يمثل أول انخراط للكويت في تمويل مشروعات داخل تركيا ومنه انطلق الطرفان الى تنمية العديد من القطاعات والأنشطة الأخرى في تركيا.

وقدم الصندوق 12 قرضا حتى نهاية عام 2007 بلغت قيمتها 167.106 مليون دينار كويتي وذلك لتمويل مشروعات ذات أولوية كبرى في مختلف القطاعات وأهمها قرض قيمته 53 مليون دولار لاعادة بناء شبكة طرق تربط وحدات التوطين السكنية التي بنيت عقب زلزال 17 اغسطس في العام 1999 في منطقة مرمرة وفي اطار البرنامج نفسه قدم الصندوق قرضا بقيمة 3.28 مليون دولار لاعادة تأهيل البنى التحتية التي تضررت من الزلزال.

أما على صعيد التعاون الثقافي فيعد توقيع بروتوكول التوءمة بين مدينة غازي عنتاب التركية ومدينة الكويت في الكويت من أهم أوجه التعاون بين البلدين التي تنص على التعاون الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.

كما يرتبط البلدان منذ فبراير الماضي باتفاقية للتعاون الصحي تتركز على ابتعاث المواطنين للعلاج في تركيا خصوصا مرضى السرطان والقلب اضافة الى تلبية احتياجات وزارة الصحة الكويتية الفنية من الكوادر الطبية والتمريضية وفنيي المختبرات والأشعة من تركيا.