الجزائر: يجري في الجزائر خامس احصاء للسكان منذ استقلال البلاد عن فرنسا في عام 1962. ويحمل هذا التعداد وجها مغايرا للتركيبة الاجتماعية للجزائريين خلافا للعمليات السابقة، حيث يتميز عنها بافرازات اعوام تسعينيات القرن الماضي التي كان من ابرز مؤشراتها اجتياح المد الاسلامي وتغلغله في الأوساط الشعبية التي تعاني من التهميش وأوضاع اجتماعية متدهورة، وتمكن من توظيف الموقف الشعبي في مقارعة نظام الحكم.

وكلف الصدام بين السلطة والجماعات المسلحة الجزائر ثمنا باهضا في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة على امتداد عقد كامل يطلق عليه الآن quot;العشرية الحمراء.quot;

المسؤول الاعلامي في ديوان الاحصاء عبد الرحمن خرشي قال لبي بي سي: quot;إن هذا الاحصاء سيمكن الجزائر من اجراء مسح دقيق لكل الأوضاع، خاصة منها المعطيات الجديدة التي طرأت على التركيبة السكانية للبلاد منذ نشوب المواجهة المسلحة بين المتشددين ونظام الحكم.quot;

ويركز quot;اعوان الاحصاءquot;، وهم الموظفون الذين سخرتهم السلطات لتنفيذ العملية ويقدر عددهم بستين الف موظفا الى طرح اسئلة على الأهالي بخصوص ما اذا كان هناك من ابنائهم قد انخرطوا في الجماعات المسلحة.

وكان وزير الداخلية قد استبق بدء الاحصاء بطمأنة الأهالي على الطابع السري للمعلومات الأمنية، وفسر خبراء الاحصاء تصريحات المسؤول الحكومي بأنها محاولة لدفع المواطنين للادلاء بمعلومات دقيقة لانجاح العملية.

ويتحتم على الحكومة الرد على اسئلة كثيرة تتعلق بظاهرة هروب الشباب الجزائري في هجرة غير قانونية نحو الدول الأوروبية.

وقد تكون استمارات الاستبيان لأعوان الاحصاء دقيقة لتحديد الدوافع الحقيقية وراء موجة الهروب عبر البحر في قوارب غير مؤمنة غالبا ما تؤدي الى الهلاك، مما يسهل على السلطات معالجة الظاهرة.

وقد يصطدم الأعوان المحققون بالارتفا ع الذي يوصف في الجزائر بالمذهل في نسبة العنوسة ، حيث تقدر تقارير اعدتها تنظيمات محلية عدد النساء اللواتي تعدين سن الزواج بتسعة ملايين.

كما سيكشف الاحصاء حجم مشكلة الأمهات العازبات اللواتي انجبن مواليد من زواج غير شرعي، وهي احدى المشكلات المطروحة على الحكومة.

ويتوقع باحثون اجتماعيون ان تؤدي استفسارات اعوان الاحصاء الى الكشف عن الوجه الحقيقي لهذه القضية التي اضحت تثير اهتمام الهيئات الاجتماعية، وتطالب بتوفير الحماية لها.

وتعتزم الجزائر من خلال هذا الاحصاء الى تحديد دقيق للأوضاع في جميع المجالات، وبما يمكنها من توظيف الصورة العامة المستخلصة في رسم سياساتها لمعاجة القضايا التي تهدد استقرار وامن البلاد، واقرار برامج للتنمية انطلاقا مما توصل اليه اعوان الاحصاء من اجابات من المواطنين.

وكان آخر تعداد سكاني قد جرى في العام 1998، وقدر عدد سكان الجزائر بما يزيدعن تسعة وعشرين مليون نسمة، بينما كان عدد السكان في اول احصاء اجري بعد الاستقلال في عام 1966 لايتجاوز اثني عشر مليون نسمة.

وقالت السلطات قبل ايام انها ستقوم بالاحصاء مرة كل خمس سنوات اعتبارا من 2013 بدلا من كل عشر سنوات.

أحمد مقعاش- الجزائر