في مسعى لبناء موقف عربي مشترك إزاء المبادرة الفرنسية
إجتماع وزاري بالقاهرة لمناقشة quot;الاتحاد من أجل المتوسطquot;

نبيل شرف الدين من القاهرة: بدأ اليوم السبت وزراء ومسؤولون عرب في القاهرة، إجتماعاً لتنسيق جهود دولهم حيال المبادرة الفرنسية لقيام الإتحاد من أجل المتوسط، والتي يتوقع إطلاقها رسميا في تموز (يوليو) المقبل، بينما تستضيف المغرب إجتماعا مماثلا في الأسبوع الأول من الشهر المقبل . ويشارك في الإجتماع وزراء ومسؤولون كبار بوزارات خارجية كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والأردن وفلسطين ولبنان وسورية، بالإضافة إلى أمين عام الجامعة العربية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي إن القاهرة تسعى بصفتها المنسق العربي لدول عملية برشلونة الى بناء موقف عربي مشترك إزاء المبادرة الفرنسية كي يطرح على الجانب الاوروبي خلال الفترة القادمة، وذلك في إطار الاستعداد للقمة التي تستضيفها فرنسا يوم 13 تموز (يوليو) المقبل لتدشين المبادرة . وسبق أن واجه هذا المشروع انتقادات وتحفظات من قبل عدة دول أوروبية حين أطلقه في البداية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، غير أنه قوبل بعد ذلك بترحيب بعد تدخل ألمانيا لإجراء تعديلات عليه ليخرج المشروع في ثوبه الجديد تحت اسمquot;الاتحاد من أجل المتوسطquot; .

وكان مشروع الاتحاد المتوسطي يقضي في البداية بإنشاء اتحاد جديد قائم بذاته يجمع الدول الأوروبية المطلّة على البحر الأبيض المتوسط ودول شمال إفريقيا الأخرى المطلّة عليه، ويتكون من أجهزة مركزية مقتبسة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي لتعزيز التعاون الاقتصادي والبيئي والأمني بين دول حوض المتوسط، إلا أن ألمانيا أبدت تحفظها إزاء هذا المشروع لرغبتها في مشاركة جميع بلدان الاتحاد الأوروبي مما دفع بفرنسا إلى خفض طموحاتها وتعديل مشروعها ليصبح quot;الاتحاد من أجل المتوسطquot; الهادف إلى تحديث عملية برشلونة والاستفادة من كافة المكاسب التي حققتها في الأعوام الماضية في إطار الشراكة الاورومتوسطية، ومن المقرر أن تكون رئاسة quot;الاتحادquot; مشتركة بين دولتين إحداهما من شمال المتوسط والأخرى من جنوبه.

مخاوف وطموحات

وتباينت القراءات وردود الفعل الدولية إزاء هذا المشروع الفرنسي الألماني، ففي الوقت الذي رحب به كثير من الدول الاوروبية مثل أسبانيا وايطاليا والبرتغال، إضافة لدول اسكندنافيا والنمسا التي كانت ترفض في البداية تمويل اتحاد يستبعدها من آليات قراراته ويستثنيها من عضويته، أبدت بعض الدول العربية تحفظها إزاء المشروع خشية أن يكون مسعى غير مباشر لإدماج إسرائيل في المنطقة، فيما عارضته تركيا بشدة لأنها رفضت أن يكون هذا الاتحاد بديلاً عن عضويتها في الاتحاد الاوروبي . أما على الصعيد السياسي فلا يُنتظر أن يقدم الاتحاد الجديد حلولاً ملموسة للمشكلات الموجودة في المنطقة وأبرزها القضية الفلسطينية التي حاول المشروع أن ينحيها جانباً استناداً إلى أنها تعتمد على آليات أخرى غير آليات الاتحاد.

ويرى مراقبون أن الدول العربية ذات القدرات الاقتصادية الأكبر نسبيا تمثل سوقاً جيداً للاستثمارات المالية الأوروبية، كما تمثل بعض هذه الدول مصدر تأمين لنسبة عالية من احتياجات النفط والغاز لأوروبا بتكاليف منخفضة نسبيا وأكبر مثال على ذلك ليبيا والجزائر، ومن ثم لا يجب أن نعول على عامل quot;التفاوتquot; كسبب رئيس في تغييب الدول العربية عن المبادرة. وعليه، يُرجح المراقبون أن السبب في ذلك هو رغبة الاتحاد الاوروبي في أن يتعامل جماعياً مع الدول العربية كـ quot;كيانات منفصلةquot; وليس كقوة موحدة، وذلك لتدعيم قوته وتمكينه من الحصول على النتائج المرجوة لصالحه في مواجهة الدول العربية quot;المتفرقةquot;.

فضلاً عن ذلك، يرى مراقبون أن الخلافات بين الدول الاعضاء قد تتسبب في عرقلة عمل هذا الاتحاد بسبب الخلافات بين المغرب والجزائر بشأن مسألة quot;البوليساريوquot;، والعلاقات المتدهورة بين سورية وفرنسا بسبب الأزمة اللبنانية، مما يجعل احتمال التوافق على دولة جنوبية كي تحظى بمقعد المشارك في الرئاسة أمرا صعب المنال .

لهذا لا يتوقع أن يحقق مشروع quot;الاتحاد من أجل المتوسطquot; في صيغته المطروحة أكثر مما حققته اتفاقية برشلونة، فقد يساهم في تنمية الروابط الاقتصادية بين ضفتي المتوسط سواء بإقامة مشروعات مشتركة أو توفير تسهيلات جمركية بين الجانبين، كما يمكن أن يحقق نجاحات ملموسة على المستوى البيئي إذا ما أٌقيمت مشروعات لمعالجة تلوث البحر المتوسط وتطوير استخدام الطاقة الشمسية في بلاد الجنوب، فضلاً عن إمكانية حدوث تبادل ثقافي خاصة إذا وٌضع نظام يضمن حرية انتقال الطلاب بين الدول الأوروبية والعربية .