لندن: احتلت الولايات المتحدة والصين وروسيا والعراق الحيز الأكبر من التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان، وأفردت المنظمة للأوضاع الإنسانية في أميركا حصة تفوق الدول الأخرى، متحدثة عن تنفيذ أحكام الإعدام وأوضاع معتقل غوانتانامو المخصص لعناصر تنظيم القاعدة وحركة طالبان.
وأدانت المنظمة إصرار الإدارة الأميركية على quot;إضعاف حظر التعذيبquot; ومواصلة الاعتقالات السرية ومنح الحصانة للشركات الأمنية في العراق،quot; وقالت إن واشنطن quot;تفوقت في تحدي القانون الدولي،quot; وإنها أثبتت quot;زيف دعوتها للديمقراطيةquot; من خلال إصرارها على دعم الرئيس الباكستاني، برويز مشرّف.
ويأتي التقرير المكون من 398 صفحة في الذكرى الـ60 لإقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، حيث دعت المنظمة الدول الموقعة عليه إلى المزيد من الجهد للوفاء بتعهداتها.
وقالت المنظمة: quot;بعد 60 عاماً من الإخفاق على صعيد حقوق الإنسان، ينبغي على الحكومات أن تقدم اعتذاراً وتفعل شيئاً الآن،quot; بينما قالت أيرين خان، الأمينة العامة للمنظمة: quot;يقتضي الوضع المأساوي لحقوق الإنسان في دارفور وزيمبابوي وغزة والعراق وميانمار اتخاذ إجراءات فورية.quot;
وجاء في التقرير أن أشخاصاً في ما لا يقل عن 81 دولة، quot;ما يزالون عرضة للتعذيب، بينما يواجه آخرون المحاكمات الجائرة في 54 بلداً على الأقل، وتُقمع حرية التعبير في 77 بلداً.quot;
ودعت خان quot;الدول الأقوىquot; إلى أن quot;تشكل قدوة لغيرها،quot; وطلبت من الصين الوفاء بوعودها حول حقوق الإنسان التي قطعتها بشأن الألعاب الأولمبية وأن تسمح بحرية التعبير والصحافة وتضع حداً quot;لإعادة التثقيف عن طريق العملquot;.
كما دعت موسكو إلى quot;إبداء درجة أكبر من التسامح إزاء المعارضة السياسية وعدم التسامح مطلقاً إزاء الإفلات من العقاب بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الشيشان،quot; وطالبت الاتحاد الأوروبي بالمقابل quot;أن يحقق في تواطؤ الدول الأعضاء فيه في عمليات التسليم السري للمتهمين بالإرهاب.quot;
وحذرت خان من أن: quot;قادة العالم في حالة إنكار،quot; وأن quot;تقاعسهم عن التصرف تترتب عليه تكلفة باهظة،quot; ولفتت إلى أن ما يحدث في العراق وأفغانستان، quot;أظهر بأن مشاكل حقوق الإنسان ليست مآسٍ معزولة، لكنها أشبه بالفيروسات التي يمكن أن تنقل العدوى وتنتشر انتشار النار في الهشيم فتعرضنا جميعاً للخطر.quot;
وخصص التقرير الحيز الأكبر من تغطيته الدولية للولايات المتحدة، فقال إن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 quot;أدت إلى تحويل النقاش عن حقوق الإنسان من جديد إلى جدل يثير الفُرقة والانقسام والهدم، بين (الغربيين) و(غير الغربيين،) ويحد من الحريات، ويُذكي مشاعر الارتياب والخوف والتمييز والتعصب.quot;
وأضافت المنظمة: quot;لما كانت الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم، فإنها تحدد معايير السلوك الحكومي على مستوى العالم كله. ولقد واصلت الإدارة الأميركية، في ظل تعتيم قانوني مذهل، جهودها لإضعاف الحظر المطلق على التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة.quot;
وتابعت: quot;رفض كبار المسؤولين إدانة استخدام أسلوب (الإيهام بالإغراق،) الذي ذاع صيته السيئ. وأجاز الرئيس الأميركي لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) مواصلة الاعتقالات والتحقيقات السرية، رغم أنها تُعد بمثابة جريمة دولية هي جريمة الإخفاء القسرى.quot;
ولفتت منظمة العفو الدولية إن مئات من السجناء في غوانتنامو وبغرام، فضلاً عن الآلاف في العراق، quot;يخضعون للاحتجاز دون تهمة أو محاكمة، ومضى على كثيرين منهم ما يزيد على ستة أعوام. ولم تكتف الحكومة الأميركية بالتقاعس عن محاسبة قواتها، بل وصدر عن سلطة التحالف المؤقتة عام 2044 أمراً يمنح شركات أجنبية خاصة للخدمات العسكرية والأمنية، تعمل في العراق، حصانةً من المقاضاة أمام المحاكم العراقية.quot;
وفي انتقاد شديد اللهجة لدعوة quot;نشر الديمقراطيةquot; التي عمل عليها البيت الأبيض جاء في التقرير: quot;لقد تبدى زيف ما تدعو إليه الإدارة الأميركية من ديمقراطية وحرية خارج حدودها في مواصلة تأييدها للرئيس الباكستاني برويز مُشرَّف عندما اعتقل آلاف المحامين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.quot;
كما تطرّق إلى ملف غوانتانامو بالقول: quot;ولن يتأتى للولايات المتحدة أن تتمتع بالسلطة المعنوية باعتبارها نصيرةً لحقوق الإنسان، إلا إذا أغلقت الإدارة المقبلة معتقل غوانتنامو، وقدمت المعتقلين فيه للمحاكمة أمام المحاكم الاتحادية العادية أو أطلقت سراحهم.quot;
وإلى جانب الدول الكبرى، حظيت ميانمار بانتقادات واسعة، حيث جرت الإشارة إلى استمرار اعتقال الآلاف، ومنهم سجناء رأي.
ولم يكن الحال في دارفور أفضل من مثيله ميانمار، إذ عابت المنظمة على الحكومات الغربية quot;عجزها عن إحداث تغيير يُذكر في وضع حقوق الإنسان،quot; كما انتقدت الصين التي قالت إنها كانت قادرة على التأثير في ميانمار والسودان، وكذلك في زيمبابوي، بسبب روابطها الاقتصادية معها.
واعتبرت أن مواقف بعض البلدان، مثل البرازيل والمكسيك، يتسم بالصلابة في الدعوة إلى حقوق الإنسان على المستوى الدولي وفى تدعيم آليات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، إلا إنه لابد من سد الفجوة القائمة بين سياساتها على المستوى الدولي وممارساتها على المستوى الوطني، حتى لا يطعن أحد في مصداقية مناصرتها لحقوق الإنسان.