صعوبات عراقية لحل صلاحيات الرئيس والاقاليم وتوزيع الثروات
كتل تدعو إلى تأجيل وأخرى إلى سرعة إنجاز تعديلات الدستور
أسامة مهدي من لندن:
تباينت مواقف الكتل السياسية العراقية من التعديلات الدستورية التي تعكف لجنة برلمانية على انجازها بين ضرورة سرعة الإنتهاء منها، وبين تأجيلها لما بعد الانتخابات العامة نهاية العام المقبل، وسط خلافات مستعصية ما زالت من دون حل تتمحور حول صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة والاقاليم وتوزيع الثروات وكركوك والمناطق المتنازع عليها .

وقال سليم عبد الله الجبوري الناطق الرسمي باسم جبهة التوافق العراقية وعضو اللجنة الدستورية في مجلس النواب، إن التأكيد على المسائل المختلف عليها وحسمها هو السبيل الوحيد لتحقيق توافق بين جميع القوى السياسية. وأشار في تصريح صحافي إلى quot;ايلافquot; أن انهاء إشكالية كركوك والمناطق المتنازع عليها يجب أن يتم من خلال إشراك جميع القوى، وكذلك صنّاع القرار وتحديدًا المجلس التنفيذي، وجعل قضية الدستور القضية المحورية التي لا تحل فيها إشكالية كركوك والمناطق المتنازع عليها فقط، وإنما ايضًا عملية بناء الدولة الصحيحة.

وأضاف أن جلّ المشاكل التي تتضارب فيها الآراء ترتبط بنصوص دستورية غير واضحة وهو ما يحتاج إلى تعديل دستوري حتى يستطيع العراق أن ينتقل إلى المراحل التالية في بناء مؤسسات الدولة. وأوضح الجبوري أنه طوال الفترة الماضية ظلت اللجنة الدستورية منشغلة بنصوص تسعى لتعديلها، لكنها تصطدم ببعض الجوانب التي لها مسحة سياسية، الأمر الذي يحتاج إلى رأي قادة القوى السياسية بالدرجة الأولى، وهذا هو الذي جعل النصوص أو القضايا الخمسة التي لم يتم التوصل إلى حل شامل بشأنها ينظر لها من خلال الحاجة الملحة إلى توثيق سياسي.

وأوضح أن القضايا الرئيسة التي لا تزال تشهد إختلافًا وتباينًا في وجهات النظر حتى الآن تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومسألة المادة 115 التي تتناول علاقة الأقاليم بالحكومة الاتحادية في بغداد وقضية المادة 140 حول كركوك والمناطق المتنازع عليها، والتي تختلف الحلول والمواقف حولها، إضافة الى موضوع النفط والغاز الذي لم يكن الدستور العراقي واضحًا ازائه بين حق الشعب باجمعه في هذه الثروة الوطنية وبين مطالبة الاقاليم في ما يكون من ثروات في اراضيها .
واضاف الجبوري ان هذه الأمور جميعها تتوقف بشأنها قوانين عديدة ما زالت تتطلب المناقشة والتصديق quot;لأننا رفعنا شعارًا في أن نبدأ بالدستور وننتهي منه ومن ثم ننتقل بعد ذلك إلى الأمور التفصيليةquot;. واشار الى ان اللجنة الدستورية ستعقد اجتماعًا طارئًا قريبًا سيحضره رؤساء الكيانات السياسية وبعض الشخصيات التي لها مساس بهذا الجانب على أمل الوقوف على القضايا التي تحتاج إلى حل سياسي.

وتواصل لجنة شكلها مجلس النواب في تشرين الاول (اكتوبر) عام 2006 وتضم 29 عضوًا محاولات حاليًا للاتفاق على قضايا خلافية صعبة لم تتمكن من التوصل الى حل لها حتى الآن، الأمر الذي يتوقع انها ستعرضها على المجلس السياسي للامن الوطني الذي يضم القادة العراقيين للاتفاق على تسويات لها قبل حلول الشهر المقبل، حيث ينتظر ان يكون هناك دستور معدل يحل مكان الاول الذي صادق عليه استفتاء شعبي عام جرى منتصف تشرين الاول (اكتوبر) عام 2005 .
وبالعكس من هذه الدعوة إلى الإسراع بانجاز التعديلات الدستورية، قال النائب باسم شريف عن كتلة الفضيلة البرلمانية ان كتلته قدمت مقترحًا بتأجيل المواد الدستورية المختلف عليها بين الكتل السياسية الى البرلمان المقبل الذي سينبثق عن انتخابات عامة ستجري اواخر العام المقبل 2009 .

واضاف شريف ان مجلس النواب الحالي غير قادر على اجراء التعديلات الدستورية موضحًا ان ما تم تعديله حتى الآن تعد نقاطًا هامشية وبعضها لغوية او صياغية ولسيت بثقل وأهمية المواد المختلف عليها. وتوقع عدم تمكن الكتل النيابية من حسم المسائل الدستورية المختلف عليها كون اللجنة الدستورية غير قادرة على اجراء التعديلات منذ عامين، وكثيرًا ما تطلب تمديد عملها بسبب وجود نقاط خلافية اصبح من الصعب حلها .
واضاف ان المواد المختلف عليها رئيسة ومهمة وتتعلق بالبناء السياسي والاداري للدولة العراقية كصلاحية الاقاليم وصلاحيات رئيس الجمهورية وادارة الصناعة النفطية في البلاد والاختلاف على المادة 140 من الدستور وقضية الاحول الشخصية .
ومن جانبه، قال صباح الساعدي النائب عن حزب الفضيلة ايضًا إنه ليس بالإمكان تعديل الدستور الدائم خلال الدورة الانتخابية الحالية لأن الكيانات السياسية الممثلة في مجلس النواب والمعنية بالتعديل لا تعبر عن المكونات الحقيقية للمجتمع العراقي وتسعى إلى إجراء تعديلات معينة لتحقيق مصالحها السياسية .

وكانت اللجنة النيابية المكلفة بإنجاز التعديلات الدستورية قد أشارت مؤخرًا إلى أنها تمكنت منتعديل بعض مواد الدستور واعادة صياغة واضافة اخرى حيث ينتظر ان يتم عملها في تموز (يوليو) المقبل لتعرضه لإستفتاء شعبي يؤمل اجراؤه آواخر العام الحالي، حيث ينص الدستور على اجراء هذا الاستفتاء بعد شهرين من إكمال اللجنة لأعمالها .

وبحث رئيس اللجنة النائب عن الائتلاف الشيعي الحاكم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب همام حمودي مع السفير الاممي ستافان دي مستورا ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق التعديلات الجارية على الدستور. واشار حمودي الى ما توصلت إليه لجنة مراجعة الدستور في اعدادها للصياغة النهائية لعملية المراجعة حيث تضمنت تعديل الكثير من المواد الدستورية واضافة عدد آخر من المواد التي لم يتضمنها الدستور الحالي فضلاً عن اعادة الصياغة اللغوية والقانونية لعدد من المواد الاخرى. وأعرب عن امل اللجنة في ان تنتهي من اعداد هذه الصياغة النهائية للدستور واقرارها من قبل مجلس النواب العراقي بنهاية الشهر المقبل، آملاً في الوصول الى عملية الاستفتاء على هذه التعديلات اواخر السنة الحالية .
وتتكون اللجنة التي قرر مجلس النواب تشكيلها في تشرين الاول عام 2006 من 29 عضوًا بينهم 12 عضوًا من الائتلاف الشيعي و5 من التحالف الكردستاني و 4 من جبهة التوافق وعضو واحد من كل من القائمة العراقية وجبهة الحوار الوطني، إضافة الى ثلاثة اعضاء يمثل الواحد منهم مكونًا من مكونات المجتمع العراقي الأخرى وهي: التركمان والمسيحيون واليزيديون.

وأكد أعضاء في اللجنة على ضرورة أن يجري التوافق بين قيادات الكتل السياسية حول الموضوعات محل الخلاف. وأوضحوا أن quot;جميع الكتل السياسية تشعر بالحاجة إلى عدم الاستعجال وبذل جهود متواصلة للوصول الى نتيجة وذلك هو السبب الذي دعا لجنة تعديلات الدستور إلى أن تطلب من القيادات السياسية التمديد ثلاث مرات خلال الفترة السابقة لتحصل بذلك على توافقات أكثر لأن عمل لجنة التعديلات الدستوريةquot; .

وكانت اللجنة ملزمة بحسب الدستور بتقديم تقريرها في حزيران (يونيو) من العام الماضي، إذ تنص المادة 142 من الدستور على أن quot;يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من أعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسة في المجتمع العراقي مهمتها تقديم تقرير إلى مجلس النواب خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهرquot;. كما نص الدستور على أن تقدم التعديلات كلها دفعة واحدة لغرض التصويت عليها وفق القانون كما جرى في المصادقة على القانون العراقي وأي تعديلات تأخذ بالاعتبار تناغم وتوافق مفرداته بعضها مع بعضها الاخر. وقد مدد مجلس النواب عمل لجنة التعديلات الدستورية ثلاث مرات لغاية نهاية كانون الاول (ديسمبر) عام 2006 ثم تم تمديدها مرتين في حزيران ثم في نهاية كانون الاول الماضيين .

وكانت القوى السنية العراقية قد عارضت الدستور الحالي وهددت بمقاطعة الاستفتاء الشعبي الذي جرى عليه ما لم تتم تعديلات على بنوده فتم التوصل الى حل وسط بالمشاركة في التصويت على ان يتم فيما بعد تعديل بعض المواد التي تطالب بها هذه القوى .
ونصت المادة 142 من الدستور على ان تعرض جميع هذه التعديلات على مجلس النواب دفعة واحدة للتصويت عليها، فإذا حصلت موافقة مجلس النواب بالغالبية المطلقة على عدد اعضاء المجلس فإنها تعد مقرة، وذلك يعني ان تصويت مجلس النواب سيكون بقول (نعم) او قول (لا) من المجلس للمقترحات والتوصيات بشكل مجتمع، وثم فإنه ليس لمجلس النواب قبول بعض المقترحات بالموافقة عليها ورفض بعضها الاخر، وانما سيكون الامر حاسمًا وبائنًا لجميع تلك المقترحات والتوصيات التي تتضمن التعديلات، أي أن مجلس النواب سيقبلها جيمعًا أو يرفضها جيمعًا ولا خيار دستوري ثالث امامه.

وإذا وافق مجلس النواب على التعديلات المقترحة بالغالبية فإن التعديلات لا تكون نافذة ما لم تعرض على الشعب ويوافق عليها، حيث تقول المادة 142 quot;تطرح المواد المعدلة على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين ويكون الاستفتاء ناجحًا بموافقة غالبية المصوتين، واذا لم يرفضه ثلثا المصوتين ثلاث محافظات او اكثرquot;.