موسكو: دخلت حيز التنفيذ يوم أمس الخميس، 19 يونيو، اتفاقية وقف إطلاق النار بين إسرائيل وقطاع غزة، أو quot;اتفاق التهدئةquot;. ولكن أيا من الطرفين المتنازعين لا يثق بأنها ستؤدي إلى السلام. فما الحاجة، إذن، إلى هذه الاتفاقية؟

والتهدئة ليست حتى هدنة، ناهيك عن أنها ليست بداية مفاوضات قد تؤدي إلى توقيع اتفاقيات سلام. وقليلون علاوة على ذلك من يصدق بأن يصمد الاتفاق ستة أشهر، الفترة التي حددت له.

فقال رئيس وزراء إسرائيل إيهود أولمرت: quot;ليست لدينا أي أوهام. التهدئة هشة ولا يرجح أن تستمر طويلاquot;، مضيفا أن الاتفاق لا يعني استعداد إسرائيل للتفاوض مع حماس التي استولت على السلطة في قطاع غزة قبل عام. وإن مشاعر العسكريين الإسرائيليين متشائمة أكثر، بتأكيدهم أن فترة quot;التهدئةquot; توفر quot;للإرهابيين فرصة استعادة الأنفاس من أجل تعزيز وحداتهم القتالية، وتنمية احتياطي السلاح والعتادquot;. وقد ثبت هذا مرارا. ويشك في صمود quot;التهدئةquot; الفلسطينيون أيضا، لا سيما وأن الحكومة الإسرائيلية أوعزت للجيش بأن يكون على أهبة الاستعداد لحالة فشل الاتفاقية.

ويدل على مشاعر الطرفين المتحاربين ما جرى في اليوم السابق quot;للتهدئةquot;، فقد أطلق المقاتلون الفلسطينيون على جنوب إسرائيل ما لا يقل عن 30 صاروخا و10 قذائف هاون، ثأرا للفلسطينيين السبعة الذين قتلوا عشية ذلك نتيجة غارة جوية إسرائيلية. وبالمقابل وجهت إسرائيل ضربات جديدة إلى مجموعات إطلاق الصواريخ من شمال قطاع غزة. ومن السذاجة في هذا الوضع التحدث عن إحراز تقدم في التسوية السلمية نتيجة التوصل إلى هذا الاتفاق. quot;فالتهدئةquot; مصطنعة، ومن الممكن أن تخرق في أي لحظة. وليس بسبب عدم انضباط المشاركين في النزاع فحسب، بل ولأن العديد من الاتفاقات قد تبقى حبرا على ورق.

وتتضمن الاتفاقية الكثير من الوعود المؤجلة إلى وقت لاحق. فإثر وقف إطلاق النار يتعين إلغاء العقوبات التي فرضتها إسرائيل ضد قطاع غزة تدريجيا، وكذلك التفاوض بشأن فتح معبر رفح بين غزة ومصر، واستئناف المفاوضات حول تبادل السجناء الفلسطينيين بالأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط، والأفق الغامض بشأن وقف العمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وإن الأخير علاوة على ذلك غير مثبت في الوثيقة. وأخذت مصر، راعية الاتفاق الذي تم التوصل إليه، على عاتقها بطلب من حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، وفقا لمعلومات وسائل الإعلام، مهمة إقناع إسرائيل بذلك.

ويبقى غامضا مصير جلعاد شاليط. فقد عرض الإسرائيليون قضية إعادته كشرط أولى quot;للتهدئةquot;، ولكن الفلسطينيين رفضوا، ويحتفلون الآن quot;بنصر الصمودquot;، إذا استطاعوا الإصرار على موقفهم.

ويشعر الإسرائيليون بخيبة أمل كبيرة. فالمعارضة والعديد من أنصار أولمرت عارضوا quot;صيغة الاتفاقquot; التي لم تتضمن إخلاء سبيل شاليط. ولكن أقصى ما تسنى تحقيقه هو الاتفاق على مواصلة المفاوضات بهذا الشأن.

وبهذه الصورة فإن النتيجة الإيجابية الوحيدة الممكنة للاتفاق الذي سرى مفعوله، هو حصول سكان قطاع غزة على المساعدات الإنسانية، واستعادة الأنفاس سواء بالنسبة للإسرائيليين أو الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل الحرب.

ومع ذلك، لا السياسيون الإسرائيليون ولا الفلسطينيون لم يسعوا إلى الاتفاق من أجل استعادة أنفاس قصيرة، تهدد بالتمخض عن إراقة دماء عنيفة أكثر. ذلك أنهم أنفسهم يحتاجون إلى فترة استراحة لتركيز الاهتمام على القضايا الداخلية. فلم يعد الآن ما يشغل حماس عن الحوار مع محمود عباس. وسيتسنى لقادة حزب quot;كاديماquot; الإسرائيلي الحاكم التهيؤ بهدوء للانتخابات الحزبية الداخلية، وبعد ذلك للانتخابات المبكرة إلى الكنيست، التي قد تعلن في أقرب وقت.

وإذا نفذت اتفاقية وقف إطلاق النار مع ذلك كما خطط لها، فإن هذا سيوفر مزايا إيجابية سواء quot;لكاديماquot; بين الإسرائيليين، ولحماس بين الفلسطينيين. ولن يكون هذا زائدا عن اللزوم في الصراع السياسي الداخلي الذي سيواجهه هؤلاء وأولئك. وإن لم تتسن quot;التهدئةquot;، فلن يفقد السياسيون أي شيء، إذ من الممكن على الدوام تحميل الخصم سبب فشل الاتفاق.

ماريا أباكوفا