انقرة: تدخل آلية حظر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بتهمة تعريض العلمانية للخطر، مرحلة جديدة هذا الاسبوع مع تقديم مرافعات المدعي العام ومسؤولين في الحزب. وسيكون المدعي العام في محكمة التمييز عبد الرحمن يالجينكايا اول من سيقدم مرافعته امام المحكمة الدستورية الثلاثاء خلال جلسة مغلقة سيسعى فيها لاقناع القضاة بالاسباب الموجبة لحظر حزب العدالة والتنمية.

وسيقدم ممثلو الحزب الحاكم المنبثق عن التيار الاسلامي بدورهم دفاعهم خلال جلسة مغلقة ثانية الخميس امام اعضاء المحكمة ال11. والى حظر الحزب، يسعى يالجينكايا الى منع حوالى 71 شخصية من ممارسة نشاطات سياسية لمدة خمس سنوات، ومن بينهم الرئيس التركي عبدالله غول ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان.

وتشكل آلية حظر الحزب آخر جولة من معركة محتدمة بين حزب العدالة والتنمية والمدافعين عن النظام العلماني وفي طليعتهم الجيش ومعظم القضاة، وهي معركة بدأت مع وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة العام 2002. ويعتبر يالجينكايا الذي باشر الآلية القضائية في اذار/مارس، ان الحزب الحاكم اضحى quot;محوراquot; لمشروع يهدف الى اقامة نظام اسلامي في تركيا.

ورد الحزب هذه الاتهامات معلنا انه يتعرض لاجراء ذي دافع سياسي واكد التزامه بالعلمانية. غير ان المحللين يرون ان احتمال حظر الحزب ازداد بعدما الغت هذه المحكمة مطلع حزيران/يونيو تعديلا دستوريا اقرته الحكومة ويجيز ارتداء الحجاب في الجامعات وقد اثار احتجاجات واسعة في الاوساط المؤيدة للعلمانية.

غير ان حزب العدالة والتنمية قد يبرز هذا القرار القضائي ليؤكد ان الغاء القانون حول السماح بالحجاب يبطل الاتهام. وانكر حزب العدالة والتنمية ان يكون متمسكا بجذوره الاسلامية وايد مشروع انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، غير انه يؤكد ان تفسيرا متشددا للنظام العلماني يشكل عقبة في وجه الحرية الدينية.

ويرى انه ينبغي السماح للطالبات بارتداء الحجاب لضمان حرية المعتقد الديني والمساواة في الفرص في quot;بلد ديموقراطي يسعى الى تأمين التعايشquot; بين انماط عيش مختلفة. غير ان يالجينكايا يعتبر ان اجراءات اخرى مثل حظر بيع الكحول في مطاعم البلديات التي يديرها حزب العدالة والتنمية، والمترافقة مع خطاب يدعو الى مزيد من الحرية الدينية، يؤشر الى برنامج اسلامي سري.

ويخشى العديدون ان يثير حظر حزب العدالة والتنمية، وهو ائتلاف من المحافظين الدينيين والليبراليين وشخصيات من وسط اليمين، فوضى سياسية في البلاد في وقت يحظى الحزب بشعبية واسعة مقابل معارضة ضعيفة ومشتتة. وفاز حزب العدالة والتنمية ب47% من الاصوات في الانتخابات التشريعية التي نظمت قبل اقل من سنة. ومن المقرر ان تجري الانتخابات التشريعية المقبلة في العام 2011.

حل الاحزاب اجراء سبق ولجأت اليه المحكمة الدستورية التركية مرارا

واعلنت المحكمة الدستورية المكلفة النظر في مطابقة القوانين للدستور، منذ انشائها العام 1963 حل ما لا يقل عن 24 حزبا بينها حزبان انبثق عنهما القسم الاكبر من مسؤولي وناشطي حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان.

واقدم هذين الحزبين هو حزب الرفاه الذي اصبح زعيمه نجم الدين اربكان في 1996 اول رئيس وزراء في حكومة اسلامية في تركيا، قبل ان يرغمه الجيش الضامن لمبدأ العلمانية في الدستور بعد سنة على الاستقالة.

وفي كانون الثاني/يناير 1998 حلت المحكمة الدستورية حزب الرفاه الذي بدأ اردوغان حياته السياسية في صفوفه، لقيامه بنشاطات مناهضة للعلمانية، كما منع عدد من اعضائه منهم اردوغان من مزاولة نشاطات سياسية لمدة خمس سنوات. وشكل اعضاء حزب الرفاه غير المشمولين في قرار المحكمة فيما بعد تنظيما جديدا هو حزب الفضيلة الذي لم يدم طويلا اذ حظرته المحكمة الدستورية بدوره في حزيران/يونيو العام 2001.

وانطلق اردوغان من بقايا حزب الفضيلة لتأسيس حزب العدالة والتنمية الذي يؤكد انه ابتعد نهائيا عن الاسلام السياسي ويعرف عن نفسه على انه حزب quot;ديموقراطي محافظ يحترم العلمانيةquot;. غير ان النيابة العامة تتهم هذا الحزب بالسعي لاحلال نظام اسلامي محل النظام العلماني.

ولم يسبق ان باشرت المحكمة الدستورية حتى الان اجراءات لحظر حزب حاكم. والى التنظيمات المتهمة بالنشاطات الاسلامية، اصدرت المحكمة حظرا على العديد من الاحزاب الكردية بتهمة الارتباط بمتمردين انفصاليين اكراد ينشطون في جنوب شرق البلاد.

وتم حل حزب الديموقراطية عام 1994 لاعتباره quot;بؤرة نشاطات تتعارض مع الوحدةquot; الوطنية، كما تم حل حزب ديموقراطية الشعب المنبثق عنه العام 2003. وتعد المحكمة حاليا اجراءات حل تستهدف آخر التنظيمات المنبثقة عنه، حزب المجتمع الديموقراطي.