طلال سلامة من روما : يزحف المهاجرون غير الشرعيين بحراً الى ايطاليا بفضل أحوال الطقس الجيدة التي تخيم على مضيق صقلية. بدلاً من وصول بضع عشرات من مهاجري شمال أفريقيا، كما يحصل عادة هنا في فصلي الربيع والخريف، يغزو ايطاليا اليوم المئات منهم بحثاً عن حلم أوروبا الغربية، بمالها وشقراواتها، القابل للمشاهدة فقط على شاشات الأجهزة التلفازية التي تلتقط المحطات الأوروبية. مع ذلك، لم يعد هؤلاء المهاجرون يأبهون لا بحلم قد لا يتحقق معهم ولا باحتمال مأساة أخرى تتجسد في حياة ثانية قد يعيشونها للأبد بعيداً عن وطنهم الأم، حيث كانوا يعيشون منبوذون أم فقراء على هامش مجتمعاتهم.

على الرغم من ترحيل ألف مهاجر غير شرعي تقريباً من مركز الاحتجاز بجزيرة لامبيدوزا(صقلية) الى مراكز احتجاز أخرى، داخل ايطاليا، في الأيام السابقة، عادت الأوضاع بجزيرة لامبيدوزا الى الانفجار. إذ سرعان ما امتلأت بفوج جديد منهم(ألف مهاجر تقريباً) لا يقتنع بأن آلاف الدولارات التي سارعوا بدفعها الى تجار البشر ذهبت هدراً ويا ليتهم استعملوها لأغراض أخرى، ربما لتأسيس تجارة صغيرة قرب منازلهم وسط أحياء يعرفونها جيداً وواثقين أنها لا تغدر بهم.

من جانب آخر، يعش روبرتو ماروني، وزير الداخلية الإيطالي، وهماً آخر ذو طبيعة مختلفة. فهو مقتنع أن الاتفاقيات الليبية-الإيطالية المتعلقة بتسيير دوريات بحرية مشتركة سيتم التقيد بها بحذافيرها. وهذا أمر يعلم الجميع هنا أنه أصيب بالتسوس منذ زمن بعيد. بالطبع، لم تعد جزيرة لامبيدوزا تعيش وحدها حالة الطوارئ التي ستمتد تدريجياً كي تشمل كل زاوية من زوايا ايطاليا. لذلك، قررت حكومة روما، اعتباراً من اليوم، نشر الجيش(ثلاثة آلاف عسكري) في عدة مدن إيطالية(لا سيما في محطات القطارات) نظراً لمحاولات بعض المهاجرين الناجحة في الفرار من مركز الاحتجاز بلامبيدوزا(ومراكز احتجاز أخرى) بحثاً عن أي وسيلة تنقلهم الى اليابسة الإيطالية ومن ثم الى شمال البلاد.