طلال سلامة من روما: ثمة من توقع نشوب الحرب بين روسيا وجورجيا قبل عدة أسابيع من اشتعالها، وهذا المتنبئ ليس إلا سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء الحالي، الذي يبدو أنه أرسل مندوباً عنه الى أولمبياد بكين بهدف متابعة الأوضاع السياسية الدولية عن كثب من مقر عمله بجزيرة سردينيا. بذلك، يكون برلسكوني أول رئيس وزراء أوروبي استوعب تماماً آلية هذه الحرب وحتى موعد نشوبها. اعلان حال الحرب في جورجيا 15 يوما
وما دفع برلسكوني الى خوض ألف حساب في هذه التنبؤات هو الوضع الطاقوي السيئ لإيطاليا. يكفي أن تطال الأزمة العسكرية أوكرانيا كذلك(حليفة أميركا) كي تتعرض التجهيزات الطاقوية برمتها الى أزمة قد ينتج عنها حرباً عالمية ثالثة! هناك من يقول أن التيارات السياسية اليمينية الأوروبية غارقة في جهل قاتم إنما ما قامت به حكومة روما اليمينية الجديدة مع مجموعة من الصناعيين هو ضرب من الذكاء الحاذق. فالمعلومات حول الأوضاع السوداوية بين روسيا وجورجيا تسربت الى برلسكوني عن طريق عدد من المتعاونين الخارجيين مع شركة quot;اينيquot; النفطية الإيطالية. ثم جرى quot;غربلةquot; هذه المعلومات عبر وكالة quot;أسومينيرارياquot; قبل أن تقتحم مكتب برلسكوني بروما. هكذا، قرر برلسكوني معاودة عمليات استكشاف واستخراج الغاز من البحر الأدرياتيكي لسد حاجات ايطاليا لمدة ستة شهور في حال انقطعت الإمدادات من أوكرانيا. بمعنى آخر، يعيش برلسكوني حالة من الطوارئ غير المرئية. ويشاركه قلقه وزير الإنماء الاقتصادي، كلاوديو سكايولا.
على الصعيد السياسي، ستواجه خطة برلسكوني الاحترازية معارضة قوية من رابطة الشمال، التي تعتبر جزء لا يتجزأ من حكومته. فحاكم إقليم فينيتو quot;جان كارلو غالانquot;، المنتمي الى حزب رابطة الشمال، يرفض قطعياً فكرة استئناف حفر قاع البحر الأدرياتيكي قبال مدينة البندقية وديلتا نهر الquot;بوquot; لأسباب بيئية أمنية. مع ذلك، سيشق برلسكوني طريقه قدماً مع مجموعة من الشركات الطاقوية الطليعية وعلى رأسها quot;اينيquot;. للآن، نستطيع القول ان تنبؤات برلسكوني الذهبية حول ما يجري اليوم بين روسيا وجورجيا قد صدقت. وكما حصل مع القوانين والإصلاحات الحكومية المتعلقة بملف العدالة، التي حمت برلسكوني من القضاة، سيدهشنا ذكاء هذا الرجل بخطة عسكرية أخرى ذو حدين، سياسي وطاقوي، سيوافق عليها البرلمان الإيطالي ومجلس الشيوخ بالقوة. إذ ان استمرار الحرب بين روسيا وجورجيا لمدة طويلة سيكون لها، من دون شك، تداعيات ثقيلة المعيار على أوروبا التي ما تزال تعارض انضمام جورجيا الى الحلف الأطلسي. ولا بد على السياسيين الأوروبيين من معالجة عدة أمور معقدة لردع ثقل هذه الحرب عليهم، بقدر الإمكان.
التعليقات