واشنطن: في محاولة جديدة من جانب المحافظين الأميركيين للتخلص من الأمل في التغيير الذي يحمل رايته المرشح الديمقراطي باراك أوباما خلال حملته الانتخابية الرئاسية التي يقودها تحت شعار التغيير الذي يمكن أن نؤمن به، صدر مؤخرا كتاب - تصدر مبيعات الكتب بالولايات المتحدة - لأحد الكتاب المحافظين وهو جيروم أر كورسى، الحاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة هارفارد العريقة. هذا الكتاب جاء تحت عنوان أمة أوباما .
يحاول الكاتب تتبع السيرة الذاتية للمرشح الأسود من وجهة نظر مغايرة. يدّعى كورسى في كتابه أن أوباما ما هو إلا ابن لأب سكير متعدد الزوجات، وأنه تعامل مع الموضوعات والمشكلات الخلافية والغضب المنتشر بين السود الأميركيين من خلال المخدرات والأفكار الراديكالية. ويؤكد كورسى على أن أوباما دخل إلى عالم السياسة رغم أنه لم يحقق الكثير في هذا المجال، علاوة على أنه طور مجموعة من الأفكار المعادية للقيم والمبادئ الأميركية. وبناء على هذه الأفكار فإن الكاتب يخلص إلى أنه بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض فإنه سيستخدم التحايل والخداع، وسيكون أحد الليبراليين الذين سوف يشقوا الصف الأميركي.
لماذا هذا الكتاب؟
حول هذا الكتاب أعد برنامج quot;Hannity amp; Colmesquot;الذي يذاع بشبكة فوكس نيوز مقابلة خاصة مع مؤلفه، وقد حاول البرنامج استقصاء عدد من الأمور والملابسات خلف توجه المؤلف لإصدار هذا الكتاب في هذا التوقيت بالذات. وعن الأسباب التي دفعته إلى تأليف هذا الكتاب، وهل السبب أنه فقط يريد النيل من أوباما لاعتقاده بأنه راديكالي ومن الخطورة أن يتولى قيادة الولايات المتحدة.
وفي صدد توضيح هدفه من تأليف هذا الكتاب، أكد كورسى أن هدفه هو الخوف من وصول أوباما إلى البيت الأبيض لسياساته وخلفيته، وأنها بالفعل فكرته المركزية، وهذا يتضح من العنوان الفرعي للكتاب السياسات اليسارية وعبادة الشخصية ، فيشير كورسى إلى أنه يعتقد بأن الأميركيين يعلمون القليل عن شخصية أوباما، لذا كان من الضروري أن يتم استجلاء الحقائق حول هذه الشخصية.
هجوم على سياسات منع انتشار الأسلحة النووية
تطرق البرنامج إلى عدد من الموضوعات الخلافية التي انتقدها كورسى في كتابه حول سياسات أوباما، وأهمها ما يتعلق بسياساته عن كيفية التعامل مع ترسانة الأسلحة النووية في العالم، ومنع الانتشار النووي. ففي هذا السياق أكد أوباما أنه يسعى إلى إخلاء العالم من الأسلحة النووية من خلال التفاوض مع روسيا. وأكد مذيع البرنامج أنه بالرغم من أن شخصيات كبيرة في مجال السياسة الخارجية داخل الولايات المتحدة - وعلى رأسهم وزير الخارجية الأسبق هنرى كيسنجر وجورج شولتز ووليم بيرى وغيرهم من الشخصيات الأخرى - قد اتخذوا نفس الموقف المشابه لموقف أوباما، إلا أن مؤلف الكتاب لم يتخذ منهم نفس الموقف الذي اتخذه من أوباما والذي كان محلا لهجومه. فأكد كورسى أن ما كان محل هجومه هو أنه لم يقدم تفاصيل وإجراءات واضحة حول كيفية تنفيذ مثل هذا الأمر.
الإجهاض نقطة هجوم جديدة
كان موقف أوباما من قانون حماية الطفل الحي ، الذي رفضه كلية عندما عرض على المجلس التشريعي في ولاية الينوى حين كان عضوا فيه في عام 2004 أحد نقاط الخلاف التي هاجم فيها المؤلف أوباما. وكان هذا القانون متعلق بهل يجب توفير الرعاية الصحية للأجنة التي تُولد بعد فشل عمليات الإجهاض. وعن موقف أوباما من هذا القانون أشار كورسى إلى أنه كان يستهدف ألا يتم مد الحماية التي يكفلها التعديل الرابع عشر في الدستور الأميركي إلى هذه الفئة، وبالتالي وضع قيوداً على حق الإجهاض، وأكد أنه لا يمكن اعتبار هذا الجنين الذي ولد حياً نتيجة فشل عملية الإجهاض طفلاً فهو مجرد جنين، وبالتالي لا يمكن أن يشمله التعديل الرابع عشر في الدستور. بعبارة أخري يري أوباما أن هذه الفئة لا تستحق الحماية؛ لأن الأم لديها مطلق الحق في الإجهاض.
الاقتصاد في قلب الهجوم
انتقل كورسى إلى أحد الانتقادات الأخرى التي وجهها إلى أوباما في كتابه وهى سياساته الاقتصادية، وفى القلب منها مشكلة إعادة توزيع الدخل في المجتمع الأميركي، فموقف أوباما من مشروع قانون الفقر العالمي والذي دعمه أوباما بقوة كان راديكالي ومستغرب من وجهة نظر الكاتب. فهذا القانون يقضى بوجود ما سماه ضريبة الفقر العالمي ، وهذه الضريبة - كما يشير كورسى - سوف تأتى في صورة زيادة الاعتمادات الموجهة إلى برنامج المساعدات الخارجية للولايات المتحدة، هذه الزيادة بالطبع سيتحملها دافعي الضرائب الأميركيين من أجل مكافحة الفقر العالمي، هذا بالإضافة إلى نسبة الـ 0.7 التي تتحملها الولايات المتحدة كمساهمة منها في ميزانية منظمة الأمم المتحدة.
شخصيات مؤثرة في أوباما
انتقد كورسى في كتابه ndash; طبقا لما أورده البرنامج ndash; النزعة الراديكالية لشخصية أوباما، ويرجع الكاتب هذه النزعة إلى تأثر باراك أوباما بالكثير من الشخصيات التي لها مثل هذه النزعة وعلى رأسها - كما يشير الكاتب ndash; الشيوعي فرانك مارشال ديفيز ، ويعطى كورسى لمحة سريعة عن حياة مارشال ، حيث أشار إلى أنه شاعر شيوعي وكاتب صحفي، وكان أوباما قد خصص جزءاً كاملاً من أحد كتبه للحديث عن هذه الشخصية ومدى تأثيرها عليه. وكان لهذا الشخصية تأثير على أوباما في مرحلة شبابه حينما كان في المدرسة الثانوية ثم عندما انتقل إلى الجامعة، وهذه الفترة شهدت إقبال أوباما الشاب على تعاطي المخدرات خصوصا الماريجوانا والكوكايين بالإضافة إلى تناول الكحوليات وتدخين السجائر.
الجذور الإسلامية لأوباما
وتطرق كورسى أيضا إلى الحديث عن الجذور الإسلامية لباراك أوباما - وهى احدي الأشكال الأخرى للنزعة الراديكالية في شخصية أوباما ndash; وذكر في هذا الإطار أحد الوقائع التي تحدث عنها نيكولاس كريستوف والذي كتب أنه عندما كان أوباما في مكتبه وقت غروب الشمس ردد الآذان بالعربية بصورة بليغة للغاية، وأكد أوباما لـ أن هذا الصوت هو أجمل الأصوات التي يسمعها عند الغروب، فنصحه كريستوف بألا يجاهر بمثل هذا الأمر أمام الناخبين في ولاية ألاباما . وأكد كورسى أنه في كتابه قد أثبت أن أوباما حينما كان صغيرا في المدرسة درس العديد من التعاليم والشعائر الإسلامية.
حملة للدفاع عن أوباما
في سياق مختلف أعدت إلاى ساسلو تقريراً عن الكتاب لفتت فيه الانتباه إلى أن هذا الكتاب رفضته تماما حملة أوباما الانتخابية، كما أنه تم رفضه من غالبية وسائل الإعلام، مثلما حدث مع الكتاب الذي شارك كورسى في تأليفه عام 2004 غير لائق للقيادة ، والذي كان يهاجم فيه المرشح الديمقراطي للرئاسة آنذاك جون كيرى . وسجله في حرب فيتنام، الذي رفضته، أيضا، وسائل الإعلام وقطاع كبير من الناخبين الأميركيين. وفى هذا الإطار أعد جون كيرى . حملة للدفاع عن أوباما من خلال إطلاقه لموقع الكتروني سيضطلع بهذه المهمة الصعبة في مواجهة الادعاءات التي جاءت في كتاب جيرومى أر كورسى . .
ومن ناحية أخرى أكدت ساسلو أنه بالرغم من هذا الكتاب المهاجم لأوباما فإن الديمقراطيين والجمهوريين ما يزالون يعتقدون أن نتيجة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم لن تعتمد على مجرد فقدان قصة أوباما لبريقها من عدمه. حتى وإن كان الأمر كذلك فإن الكتابين اللذان أصدرهما أوباما عن قصة حياته وتجربته المعيشية ما يزالان لهما صدى كبير عند الأميركيين.
وجدير بالذكر أن أوباما قد قام بتأليف كتابين الأول هوحلم من أبى وكتاب آخر بعنوان جرأة الأمل . واللذان يعتبران بمثابة سيرة ذاتيه له، وقد حقق الكتابان مبيعات كبيرة في السوق الأميركية. كما أن أوباما أيضا في دفاعه عن نفسه ضد هذه الادعاءات ndash; كما طرحت الكاتبة - يعتمد على خلفيته السياسية والأرضية الكبيرة التي اكتسبها منذ المؤتمر العام للحزب الديمقراطي في عام 2004 حينما ألقى خطابا حماسيا عن مساءلة العرق في الولايات المتحدة الأميركية.
وفى السياق ذاته أشارت الكاتبة إلى أن الأمر لم يقف عند كتاب أمة أوباما بل إنه في الأشهر الأخيرة شهد سوق الكتب في الولايات المتحدة كتباً أخرى معادية لأوباما وتهاجمه، أبرزها كتاب الذي قاما بتأليفه كل من ديك موريس وأليين ماك جان ، والذي تصدر قائمة أفضل 35 كتابا بموقع بيع الكتب الشهير أمازون .، وهناك كتاب آخر قام بتأليفه ديفيد فريدوسو وهو قضية ضد باراك أوباما . ولفتت الكاتبة إلى أن هذه الكتب يظهر من عناوينها أنها تهدف إلى تدمير الصورة المثالية لباراك أوباما التي كانت السبب في شهرته بين الديمقراطيين والأميركيين بصفة عامة.
التعليقات