بغداد تبلغ السنيورة موافقتها على تزويد بلاده بنفط تفضيلي
العراق ولبنان شكلا خليتي تعاون وإتفقا على تنقية العلاقات العربية

أسامة مهدي من لندن: إتفق العراق ولبنان على تشكيل خليتي عمل في بغداد وبيروت تعملان على تهيئة اتفاقات لتطوير التعاون المشترك في المجالات السياسية والتجارية والاستثمارية وتزويد العراق للبنان بالنفط بأسعار تفضيلية، كما وضعا أسس عمل مشترك لتنقية العلاقات العربية العربية وعبر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن رغبة بلاده في تطوير علاقاتها مع لبنان بشكل واسع في وقت قريب، بينما أكد رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة أن عودة العرب الى العراق وعودة العراق الى العرب هدف اساسي. وفي مؤتمر صحافي مشترك بين رئيسي الوزراء العراقي واللبناني في بغداد اليوم اعتبر المالكي زيارة السنيورة هذه تشكل تجسيدًا للرغبة الصادقة لدى البلدين في اقامة افضل العلاقات بعد ان لملمة العراق الازمة الامنية التي كادت ان تعصف به. وقال ان الزيارة تشكل بداية علاقات جيدة مع العرب من خلال مشتركات عدة تربط العراق بلبنان.

واضاف ان العراق منفتح على تطوير العلاقات مع لبنان في مجالات الاعمار والخدمات ولتكون الشركات والمستثمرون اللبنانيون شركاء للعراقيين في اعادة الاعمار وتنشيط التجارة من خلال قوانين مشجعة على ذلك. واشار الى انه اتفق مع السنيورة على تعاون واسع في مجالات النفط وتصديره وتطوير الصناعة النفطية العراقية وتزويد لبنان بالنفط العراقي باسعار تفضيلية. واعلن المالكي عن تشكيل خليتي عمل في لبنان والعراق للاعداد لاتفاقيات تعاون مشترك لتنمية العلاقات في المجالات السياسية والتجارية اضافة الى المساهمة بإصلاح العلاقات العربية العربية من اجل ايجاد فرص لتعاون افضل بين دول المنطقة. وردًا على سؤال عما سيقدمه لبنان للعراق مقابل تزويده النفط باسعار تفضيلية اوضح المالكي ان هذا الامر ينبع من رغبة مشتركة لتطوير التعاون بين البلدين وهو لا يتعلق بمنافع مقابل ذلك.

ومن جهته، اشار السنيورة الى انه يحمل تحيات الشعب اللبناني ورئيسه ميشيل سليمان الى الشعب العراقي وعبر عن الاسف لعدم تمكنه من لقاء الرئيس جلال طالباني الذي يقضي فترة نقاهة في الولايات المتحدة حاليًا، وقال إنه سيتصل به اليوم للاطمئنان على صحته . واضاف انه بحث مع المالكي ترجمة المصالح المشتركة للبلدين استنادًا الى علاقاتاتهما التاريخية التي تربطهما والتي تعرضت خلال العقود الماضية الى تقلص بسبب الظروف التي مر بها البلدان.

واضاف السنيورة انه اتفق مع المالكي على اليات عمل لتعاون سياسي واقتصادي وتجاري واستثماري في قطاعات النفط خاصة موضحا ان ذلك سيترجم خلال اسابيع قليلة الى اجراءات عملية لتوسيع التعاون المشترك في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والزراعية والصناعية تحقيقا لرغبة شعبي وحكومتي البلدين لتطوير العلاقات في مختلف المجالات. واشار الى انه اتفق مع القادة العراقيين أيضا على العمل من اجل توطيد العلاقات العربية العربية وقال quot;اننا امام تحديات كبيرة يجب مواجهتها بمزيد من العمل العربي المشتركquot; موضحا انه وجد من المالكي التقدير نفسه لهذه التحديات . ودعا الى ضرورة دراسة ماضي العلاقات العربية للاستفادة من دروسها والترفع عن صغائرها والتركيز على مايجمع العرب وهو كثير وتخطي الاشكالات التي تولدت فيها بسبب ادوار انظمة عربية او بفعل الممارسات الاسرائيلية التي خلقت مشاكل كبيرة للامة العربية.

وحول ما ذا كانت هناك رسالة يوجهها للعرب بالنسبة لعلاقاتهم مع العراق اجاب السنيورة قائلا quot; ان عودة العرب الى العراق وعودة العراق الى العرب هو هدف اساسيquot; . ونفى ان يكون قد اهمل ذكر العراق خلال بيان سابق له عقب العدوان الاسرائيلي على لبنان قبل عامين واشار الى انه لم ينس ذلك في يوم من الايام واوضح انه قد تم تحويل الدعم العراقي لاعادة بناء قرى لبنانية هدمها العدوان لتكون شاهدة على المساعدات العراقية . واضاف انه برغم ان دولا مثل السعودية والامارات وقطر والكويت قدمت مساعدات كبيرة الى لبنان الا انه تأثر للمساعدات التي قدمها العراق انذاك على الرغم منظروفه الصعبة وبإتصال اجراه معه الرئيس الفلسطيني محمود عباس قائلاً ان لدى حكومته 200 طن من الطحين وسيرسل 100 طن منها الى لبنان.

وبوصول السنيورة الى بغداد صباح اليوم فانه قد اصبح الزعيم العربي الثاني والمسؤول اللبناني التالي الذي يحل فيها منذ عام 2003 ليفتح صفحة جديدة في ملف العلاقات العربية العراقية التي بدأت تشهد مؤخرًا تطورًا متسارعًا بعد بطء ملحوظ طيلة السنوات الخمس الماضية وذلك بعد زيارتي العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني في الحادي عشر من الشهر الحالي وزيارة سعد الحريري زعيم تيار المستقبل اللبناني. وقبل المؤتمر الصحافي للمالكي والسنيورة عقد وفدان رسميان برئاستيهما مباحثات استهدفت وضع اسس لتطوير العلاقات بين البلدين اللذين يرتبطان بعلاقات تاريخية طويلة.

وضم الوفد اللبناني وزراء الخارجية فوزي صلوخ والمالية الدكتور محمد شطح والاعلام الدكتور طارق متري والدولة لشؤون التنمية الإدارية إبراهيم شمس الدين والقائم بالأعمال اللبناني في بغداد وعدد من كبار المستشارين والخبراء. اما الوفد العراقي فقد ضم نائب رئيس الوزراء الدكتور برهم صالح ووزراء الخارجية هوشيار زيباري والمالية باقر جبر الزبيدي والبلديات رياض غريب ومستشار الأمن القومي الدكتور موفق الربيعي ومدير مكتب رئيس الوزراء الدكتور طارق نجم عبد الله والناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور على الدباغ والمستشار السياسي صادق الركابي والمستشار الإعلامي ياسين مجيد .

وقد اعادت زيارة السنيورة الى بغداد مراسم افتقدتها خلال السنوات الخمس الماضية حيث استقبله المالكي في مطار بغداد الدولي صحبة الوزراء العراقيين ثم فتشا حرس الشرف وتم عزف السلامين الوطنيين للبلدين وغادرا المطار وسط موكب رسمي يحيط به مستقلي الدراجات البخارية قاطعًا شوارع بغداد حتى المنطقة الخضراء مركز الحكومة والبالغ طولها حوالى 30 كيلومترًا.

وتأتي زيارة السنيورة الى بغداد لتؤكد ان القيادات السياسية العربية قد بدأت باستيعاب الاوضاع الجديدة في العراق وضرورة تواجد عربي في هذا البلد الذي يعاني هيمنة اميركية وايرانية على شؤونه في غياب عربي واضح . ولطالما دافع المسؤولون العراقييون عن سياساتهم ازاء الاتهامات التي توجه إليهم بمنح الايرانيين دورًا كبيرًا في العراق على حساب انتمائه وعلاقاته العربية، بالقول ان ذلك سببه غياب العرب انفسهم عن العراق . ولا يوفر المسؤولون العراقيون مناسبة في هذا المجال من دون توجيه دعوات الى الدول العربية لإعادة افتتاح سفاراتها في بغداد والتي غابت عنها تمامًا منذ اغتيال السفير المصري في بغداد عام 2005.

وكان العاهل الأردني الملك عبد الله قد زار العراق مطلع الاسبوع الماضي في أول زيارة لزعيم عربي منذ عام 2003 والأولى لملك أردني منذ اعتلائه العرش عام 1999 والتقى فور وصوله رئيس الوزراء نوري المالكي ووصف مباحثاتهما بالإيجابية كما زار بغداد زعيم تيار المستقبل اللبناني عضو مجلس النواب سعد الحريري في السابع عشر من الشهر الماضي . وقال الحريري للصحافيين امس الاول ان العراق ولبنان يواجهان الصراعات نفسها، وانهما في الوضع نفسه مبديًا اعتقاده ان العراق بلد ديمقراطي وان هذه الديمقراطية يجب ان تنجح في العراق مثلما يجب ان تنجح في لبنان. وناشد الحريري الشركات اللبنانية الاستثمار في العراق لتوفير فرص عمل والاستفادة من المكاسب الامنية التي تحققت.

وحثت واشنطن الجيران العرب للعراق على بذل المزيد لاستعادة العلاقات الطبيعية مع بغداد التي كانت حكومتها تشكو الى وقت قريب من فتور عربي في التعامل معها . والاحد الماضي اكد الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان سبع دول عربية بصدد فتح سفارات لها في العراق بينها مصر والبحرين والامارات والسعودية والكويت والمغرب والجزائر ومنظمة المؤتمر الاسلامي موضحا ان عددًا من هذه الدول اختار مبان لسفاراتها وتجري حاليًا عمليات تأهيلها. وشدد على وجود رغبة عراقية في أن تسرع هذه الدول الخطى وتستكمل اجراءات وجودها في العراق ليكون هناك quot;تواجد قوي لاشقاءنا العرب في بغدادquot;.

معروف انه لا يوجد سفير عربي في العراق منذ خطف سفير مصر وقتله بعد وصوله بغداد بفترة قصيرة عام 2005. وتوجد في بغداد حاليًا 52 سفارة من بينها 5 سفارات عربية لسورية وفلسطين واليمن ولبنان وتونس ويتباين التمثيل الدبلوماسي فيها بين وزير مفوض ورئيس بعثة فيما يوجد في أخرى عدد من الموظفين لتسيير الاعمال . وقال الناطق باسم وزارة الدفاع العراقية اللواء محمد العسكري ان الوزارات الامنية هيأت جميع المتطلبات لضمان سلامة السفارات التي ستعاود عملها في بغداد. واوضح ان وزارة الداخلية شكلت مؤخراً مديرية خاصة لحماية البعثات الدبلوماسية والسفارات تضم 2500 عنصر. وأكد وجود تنسيق عال بين مختلف وزارات الدولة الامنية من اجل تأمين مقار البعثات الدبلوماسية التي تقع خارج المنطقة الخضراء. واضاف ان بعض البعثات الدبلوماسية قد اختارت ان يكون مقرها داخل المنطقة الخضراء وقد تمت تهيئة بنايات خاصة لتكون مقار لهذه السفارات التي ستكون محمية سواء أكانت داخل المنطقة الخضراء أم خارجها.

يذكر ان لبنان ممثل في العراق بقائم للاعمال ويرتبط البلدان بعلاقات تجارية ايضًا فيما يقيم في لبنان حوالى 50 الف عراقي، ولذلك فإن مباحثات السنيورة في بغداد تتناول ايضًا اوضاع المقيمين العراقيين واللاجئين منهم وعلى الخصوص المسجونين منهم بسبب مخالفات الاقامة والتجاوز على القوانين اللبنانية في هذا المجال.وخلال الاسبوع الماضي أعلنت السفارة الأميركية في بيروت أنها واصلت نقل لاجئين عراقيين مقيمين في لبنان لتوطينهم في الولايات المتحدة خلال شهر تموز (يوليو) الماضي.

وجرت الموافقة على إعادة التوطين الدائم لحوالى 670 لاجئ عراقي، في الولايات المتحدة بعد إتمام آخر دورة من المقابلات. ومن المقرر أن يغادر معظم اللاجئين خلال الشهرين الحالي والمقبل حيث سيتلقون عند وصولهم الدعم والمساعدة من منظمات غير حكومية أميركية متخصصة في مساعدة اللاجئين على بدء حياة جديدة في الولايات المتحدة. وأشارت السفارة في بيان لها إلى أن quot;الحكومة الأميركية التزمت بإعادة توطين 12000 لاجئ من العراقيين لذين يعانون اوضاعا حساسة وذلك قبل حلول الثلاثين من أيلول (سبتمبر) عام 2008quot;. ومنذ عام 2007 وافقت الولايات المتحدة على توطين 7789 لاجئ عراقي حيث تعتبر واشنطن منذ عام 2003 المساهم الأكبر في البرامج المخصصة لمساعدة اللاجئين العراقيين من خلال تمويل البرامج التي تقدم الغذاء والخدمات الصحية والتربوية والمياه والمأوى للأوضاع الطارئة.