الإعلان عن إتفاق لسحب القوات الأميركية بنهاية عام 2011 |
أسامة مهدي من لندن: بعد ساعات من الاعلان في بغداد صباح اليوم عن اتفاق العراق والولايات المتحدة على مغادرة القوات الاميركية في نهاية عام 2011 اكدت الحكومة العراقية أن اي مواعيد في هذا المجال افتراضية وان مغادرة القوات ستكون خاضعة لمتطلبات الامن القومي .. بينما دعا ممثل المرجعية الشيعية العليا احمد الصافي المسؤولين العراقيين إلى عدم تكبيل مجلس النواب باتفاقيات لا يستطيع بسببها أن يحل المشاكل التي قد تمر بها البلاد في حين نظم أتباع التيار الصدري تظاهرات غاضبة عقب صلاة الجمعة في العاصمة ومدن عراقية جنوبية احتجاجا على الاتفاقية والمطالبة برحيل القوات الاميركية.
مغادرة القوات رهن بالوضع الأمني
وأعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ في تصريح مكتوب تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه عصر اليوم أن quot;رحيل كل القوات عن العراق سيكون خاضعاً لمتطلبات الأمن القومي العراقي وما تراه الحكومة العراقية من ضرورة لوجود تلك القوات من عدمه بالإتفاق مع الإدارة الأميركية وسيكون ذلك في موعد يتم تحديده بصورة مشتركة وأن المواعيد والآجال الزمنية المقترحة هي مواعيد إفتراضية يسعى الجانب العراقي للمطالبة بها وتثبيتها في الإتفاقية المقترحةquot; .
وكانت وكالة رويترز نسبت للدباغ قوله quot;ان المفاوضين العراقيين يقترحون ان تنهي القوات الاميركية دورياتها في المدن والقرى العراقية بحلول منتصف العام المقبل وان تغادر القوات الاميركية القتالية العراق بنهاية عام 2011 وان ترحل كل القوات الاميركية بعد ذلك بثلاث سنوات. لكنه اشار الى ان هذه التواريخ لم تصبح قاطعة بعد وانها تعبر عن الموقف التفاوضي للحكومة وليست نصا متفقا عليه وقال quot;هذه وجهة نظر الحكومة العراقية وما تريده الحكومةquot;. واوضح ان مشروع الاتفاق يتصور جدولا زمنيا مرنا للانسحابات يقوم على اساس الظروف على الارض. واشار الى ان هناك تواريخ ستتوقف على الاحوال على الارض وقرارات الحكومة العراقية حسبما تقتضي التطورات الامنية واحتياجات العراقيين. وقال الدباغ إن ما نقلته الوكالة من تصريح عن رحيل القوات الأميركية بعد ثلاث سنوات من مغادرة القوات القتالية والمحدد بنهاية عام 2011 quot;هو غير صحيح وأنه فهم غير مهني لمراسل الوكالة حيث تم تحريف التصريح عن سياقه المقصود بصورة واضحة بسبب إفتقار الوكالة إلى مراسلين محترفين يستطيعون مواكبة العمل المهني في العراقquot;.
وفي وقت سابق اليوم قال رئيس الوفد العراقي المفاوض حول الاتفاقية وكيل وزارة الخارجية محمد الحاج حمود ان الحكومتين العراقية والاميركية اتفقتا على سحب القوات الاميركية من العراق بنهاية عام 2100 وذلك بعد ساعات من مغادرة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس لبغداد الليلة الماضية . واكد ان quot;الجانبين اتفقا على انسحاب القوات الاميركية من العراق نهاية عام 2011quot; . وقال ان quot;المفاوضين انجزوا مهمتهم، الامر الان يتعلق بالقادةquot; السياسيين العراقيين. واضاف ان quot;الجانبين اتفقا كذلك على انسحاب جميع الوحدات المقاتلة الاميركية من المدن بحلول حزيران (يونيو) العام المقبل 2009quot;. واكد حمود ان quot;الرئيس الاميركي جورج بوش وافق على الاتفاقية التي تتضمن 27 فقرةquot;.
القادة العراقيون يبحثون مسودة الاتفاقية
ومن المفترض ان يبحث المجلس السياسي للامن الوطني العراقي الذي يضم اعضاء مجلس الرئاسة ورئيسي الحكومة ومجلس النواب وقادة الكتل السياسية البرلمانية اليوم مسودة للاتفاقية الاستراتيجية سلمت نسخ منها الى اعضاء المجلس خلال اليومين الماضيين واذا ما قرر القادة الموافقة على المسودة فإنها ستحول الى مجلس النواب العراقي خلال فصله التشريعي الخريفي الذي يبدأ في التاسع من الشهر المقبل لدراستها والتصويت عليها . لكنه من الواضح انه اذا وافق المجلس السياسي على المسودة فإنه من الطبيعي ان يوافق عليها مجلس النواب لان الاول يضم قادة الكتل السياسية النيابة وموافقة هؤلاء تعني موافقة كتلهم داخل مجلس النواب وان كان بعض هذه الكتل سيعارض الاتفاقية وخاصة التيار الصدري الذي يقوده رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بدفع من ايران التي تعارض الاتفاقية بشدة حيث تتخوف من وجود اميركي في العراق الى جوارها لفترة طويلة او ان تكون الاراضي العراقية منطلقا لعمل عسكري ضدها لكن معارضة هذه الكتل لن تغير الموقف امام الغالبية من المؤيدين.
ووصف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اجتماع القادة بانه يشكل quot;يوما مهما جداquot; .. وقال quot;اننا قريبون جدا من اختتام الاتفاق وسيكون في صالح الشعب العراقي ولصالح المنطقة .. قلنا لا يوجد جدول اعمال سري وكل شيء سيعرض على ممثلي الشعب العراقي والشعب سيتمكن من ان يفحص الاتفاق . واشار الى ان الاتفاقية التي ستوقع كصفقة واحدة تشمل دعما تقدمه الولايات المتحدة الى العراق في مجالات اقتصادية وسياسية وتجارية وزراعية وصحية وثقافية وعلمية الى جانب الامور الامنية.
وكان quot;اعلان مبادئquot; وقعه الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء نوري المالكي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي قد خطط للتوقيع عليه في الحادي والثلاثين من تموز (يوليو) الماضي ليدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني ( يناير) من العام المقبل لكن خلافات اخرت ذلك لحد الان . ويحكم الاتفاقية تواجد القوات الأميركية في العراق بعد عام 2008 إذ يعتمد تواجدها حاليا على تفويض من الأمم المتحدة يجدد عند نهاية كل سنة بطلب من الحكومة العراقية. وكانت عدة قوى سياسية ومرجعيات دينية عراقية مؤثرة من بينها التيار الصدري أبدت معارضتها الشديدة للاتفاقية وقالت إنها ستتصدى لها بكل الوسائل معتبرة أنها تنتقص من سيادة العراق وقراره المستقل وتعطي حرية للقوات الأميركية على أرضه وتمنحها قواعد عسكرية دائمة.
وخلال زيارتها لبغداد امس قالت كوندوليزا رايس ان بغداد وواشنطن quot; قريبتان جدا من اتفاق بشأن تنظيم الوجود العسكري الاميركي في العراقquot;. واضافت ان quot;المفاوضين احرزوا تقدما نحو وضع اللمسات الاخيرة على الاتفاق لكن ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد ان هناك اتفاقاquot; مشيرة الى انه quot;لا تزال هناك مسائل يجب تسويتها تتعلق بطريقة عمل قواتنا في المستقبل وهذا امر طبيعيquot; .
وفي ما يتعلق بالحصانة للقوات الاميركية في العراق اوضحت الوزيرة quot;لا اريد الدخول في التفاصيل الان لكن ما يمكنني قوله ان كل الامور تتقدم بشكل ايجابيquot;.
موقف المرجعية الدينية العليا
وحول الاتفاقية الاستراتيجية نفسها قال السيد احمد الصافي ممثل المرجعية الشيعية في كربلاء خلال خطبة الجمعة اليوم quot;تارة نتحدث عن الآليات وتارة نتحدث عن المضمون أما الآليات فاعتقد أنها واضحة وتوضع عن طريق رئيس الوزراء وعن طريق البرلمان وهذا أمر تحدثنا عنه مرارا، أما مضمون ما سيوقع عليه الطرفان فهو يتمحور حول:
أولا : نحن نثق بالمسؤولين العراقيين فإنهم يحملون الحس الوطني واعتقد أن لديهم القدرة على تجاوز الصعاب ولكن من باب التنبيه أن يتم التأكيد على سيادة العراق الدستورية والعملية.
ثانيا : لا يمكن أن تكبل الأشياء بحيث يكون المجلس السياسي للامن الوطني عاجزا عن إيجاد بدائل وحلول لبعض الاتفاقيات المهمة كهذه.
ثالثا: لا بد من ملاحظة مصلحة الشعب العراقي من أقصاه إلى أقصاه ومضمون الاتفاقية لا بد أن تشترك به عقول عراقية بحيث نحفظ الأمور الجوهرية العامةquot; .
واشار الى ان هذه الاتفاقية تكتسي أهمية قصوى للعراقيين ولا يمكن أن يرتكز مضمونها على وجهةِ نظر واحدة ربما تكون قاصرة على حد وصفه. ودعا المسؤولين العراقيين إلى عدم تكبيل مجلس النواب في المستقبل باتفاقيات لا يستطيع بسببها أن يحل المشاكل التي قد تمر بها البلاد.
وعلى الصعيد نفسه فقد نظم المئات من أتباع التيار الصدري في العراق تظاهرات غاضبة عقب صلاة الجمعة في العاصمة ومدن عراقية جنوبية تنديدا بزيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس للعراق أمس واحتجاجا على الاتفاقية الإستراتيجية طولية الأمد والمطالبة برحيل القوات الاميركية.
التعليقات