أسامة مهدي من لندن: وصلت الى بغداد اليوم وبصورة مفاجئةوزيرة الخارجية الاميركية غونداليزا رايس لاجراء مباحثات مع رئيس الوزراء نوري المالكي حول خلافات الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الامد بين البلدين. ومن المنتظر ان تناقش رايس مع المالكي ونائئبي رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ووزير الخارجية هوشيار زيباري جملة من القضايا في مقدمتها الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين والتي ما تزال بعض بنودها مثار خلافات بين الجانبين وخاصة مايتعلق منها بالضمانات القانونية للقوات الاميركية والمتعاقدين معها وخاصة الشركات الامنية الخاصة اضافة الى التطورات السياسية والامنية في العراق. وأجرت رايس في السادس من الشهر الحالي اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء نوري المالكي أكد مسؤول أميركي حينها أن رايس طلبت من القادة العراقيين إبداء المزيد من المرونة وبالتحديد ما يخص موضوع منح الحصانة القانونية للقوات الأميركية في العراق ضمن التفاهم الأمني المشترك.

ومن المتوقع ان تقدم رايس افكارا ومقترحات جديدة للحكومة بشأن الاتفاقية التي قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الدكتور علي الدباغ امس الاول ان بغداد وواشنطن اتفقتا على النقاط المفصلية في اتفاقية التعاون المشترك مؤكدا ان وجود القوات الأميركية سيكون محددا بسقف زمني.

وقال مسؤولون أميركيون وعراقيون إن المفاوضين قد أنجزوا مسودة الاتفاق الأمني بين بغداد وواشنطن والتي تنص على إجلاء القوات الأميركية عن المدن العراقية في الثلاثين من يونيو (حزيران) عام 2009 . وقد انجز المفاوضون من البلدين لحد الان مسودة وثيقة عرفت باسم اتفاقية إطار العمل الاستراتيجي التي تحدد الخطوط العريضة للعلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية بين العراق والولايات المتحدة . ويضغط الجانب العراقي باتجاه أن ينص الاتفاق الأمني بين الطرفين صراحة على جلاء القوات بشكل كامل عن الأراضي العراقية بنهاية عام 2011 ناهيك عن تحديد أواسط الصيف المقبل كموعد لإتمام الجلاء عن مدن البلاد.

ومما جاء في مسودة الاتفاق أيضا تمركز بعض القوات الأميركية في قواعد متفرقة في أنحاء أخرى من العراق، وذلك بغية جعل القوات مكشوفة بشكل أقل أثناء تمركزها في تلك المواقع التي تهدف إلى تقديم المساعدة للقوات العراقية عند الحاجة. إلا أن المسؤولين الأميركيين رفضوا الالتزام بشكل قاطع بإعطاء موعد محدد لإتمام الانسحاب النهائي من العراق، معللين ذلك بقولهم إنه لمن الحكمة أن يتم تحديد موعد لذلك بناء على أهداف محددة يجري الاتفاق بشأنها بين الطرفين، ولا تكون مقتصرة على التحسن الأمني في البلاد فحسب، بل تشمل أيضا التقدم الذي يتم إحرازه على الجبهتين السياسية والاقتصادية.

ومن جهته قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي هادي العامري القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي أن المجلس السياسي للأمن الوطني الذي يضم القادة العراقيين سيناقش خلال اجتماع له بعد ايام قليلة المسودة الأولية للاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة ليتسنى عرضها بعد ذلك على مجلس النواب للاطلاع عليها.

وأوضح ان الجانبين العراقي والأمريكي توصلا الى تسوية بشأن اغلب المسائل الخلافية عدا استثناءات قليلة لبعض النقاط العالقة التي لم تحسم بعد . واشار الى عدم وجود أي بنود جديدة في المسودة الأولية للاتفاقية التي سيناقشها اجتماع المجلس السياسي . واعتبر رفض العراق وجود اية قواعد عسكرية أميركية على أراضيه في المدى البعيد quot;مطلبا شعبيا قبل أن يكون مطلباً حكومياً وان وجود هذه القواعد خارج إطار الاتفاقية الأمنية يعد انتهاكاً للسيادة الوطنية واستقلالية العراق.

وكان quot;علان مبادئquot; وقعه الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء نوري المالكي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي قد خطط للتوقيع عليه في 31 من تموز (يوليو) الماضي ليدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني ( يناير) من العام المقبل لكن خلافات اخرت ذلك لحد الان . وتحكم الاتفاقية تواجد القوات الأميركية في العراق بعد عام 2008 إذ يعتمد تواجد ها حاليا على تفويض من الأمم المتحدة يجدد عند نهاية كل سنة بطلب من الحكومة العراقية. وكانت عدة قوى سياسية ومرجعيات دينية عراقية مؤثرة من بينها التيار الصدري أبدت معارضتها الشديدة للاتفاقية وقالت إنها ستتصدى لها بكل الوسائل، معتبرة أنها تنتقص من سيادة العراق وقراره المستقل وتعطي حرية للقوات الأمريكية على أرضه وتمنحها قواعد عسكرية دائمة.