الياس توما من براغ : تبدأ وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس مساء اليوم زيارة رسمية هامة إلى بولندا سيكون الحدث الرئيسي فيها التوقيع غدا على الاتفاقية الخاصة بوضع قاعدة اعتراض صاروخية متطورة فيها.

وتأتي هذه الزيارة بعد اقل من أسبوع على توصل المفاوضين الاميركيين والبولنديين على اتفاق بشان نص هذه الاتفاقية بعد محادثات صعبة وطويلة رفض خلالها الطرف الاميركي الاستجابة لبعض المطالب البولندية في البداية ثم غير رأيه لاحقا ولاسيما بعد أحداث جورجيا كما يقول مسؤولون بولنديون.

ويتوقع أن يعلن غدا في وارسو على اتفاق سياسي بين الولايات المتحدة وبولندا حول المواجهة المشتركة للمخاطر والتهديدات التي يمكن أن تتعرض لها بولندا من طرف ثالث بعد نشر القاعدة الصاروخية التي ستضم 10 صواريخ يصل مداها إلى 2000 كم.

ويقول وزير الخارجية البولندي الذي سيوقع مع نظيرته الاميركية على اتفاقية الدرع الصاروخي ان الاتفاقية تنص على وجود طاقمين عسكريين اميركيين في بولندا الأول سيدير قاعدة الاعتراض الصاروخية والثاني سيشرف على صواريخ باتريوت الستة والتسعين التي ستنشر في المكان الذي سيطلبه الطرف البولندي .

ولم يعلن بعد رسميا عن المكان الذي ستنشر فيه صواريخ باتريوت التي طلبتها بولندا كأحد الشروط للموافقة على وضع الدرع الصاروخي في أراضيها غير أن صحيفة دينييك البولندية ذكرت اليوم أن الصواريخ ستنشر حول العاصمة وارسو على الأرجح لحمايتها.

وحسب الصحيفة فان الاميركيين أرادوا نشرها حول قاعدة الصواريخ الاعتراضية التي ستوضع عند بلدة ريدزيكو التي تبعد نحو 30 كم عن بحر البلطيق غير أن الحكومة البولندية رفضت ذلك معللة هذا الموقف بالقول انه توجد في البلاد عدة أماكن استراتيجية تتطلب الحماية أكثرها جدية المناطق المحيطة بالعاصمة باعتبار أن مراكز القيادة الأهم توجد فيها .

وتنقل الصحيفة عن مسؤولين بولندييين من وزارة الخارجية قولهم إن هذه المناطق المحيطة بالعاصمة لها أهمية استراتيجية لان للأميركيين وللبولنديين الآن موقف موحد يقول ان روسيا تحولت إلى دولة خطيرة وان من الضروري اتخاذ إجراءات دفاعية سريعة لمواجهتها .

ويسود خلاف حتى الآن بين قيادات وارسو بشان قضيتين الأولى المكان الذي سيجري التوقيع فيه على الاتفاقية والثانية بشان الكلمة التي سيلقيها الرئيس ليخ كاتشينسكي بمناسبة التوقيع على الاتفاقية فوزارة الخارجية تريد أن يتم التوقيع على الاتفاقية في مقر الوزارة كما جرى في تشيكيا خلال توقيع رايس مع نظيرها التشيكي في تموز يوليو الماضي على الاتفاقية الخاصة بوضع القاعدة الرادارية فيما يريد الرئيس البولندي أن يتم التوقيع على الاتفاقية في القصر الرئاسي ولذلك يتم الترجيح في وارسو أن توقع الاتفاقية في مقر رئيس الحكومة دونالد توسك .

ويبرر أمين سر الرئيس البولندي ميخال كامينسكي طلب أن يتم التوقيع في قصر الرئاسة بالقول أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات البولندية وهو المسؤول الأول عن امن البلاد كما انه تدخل شخصيا في المحادثات التي جرت بشان مضمون الاتفاقية الخاصة بوضع القاعدة إضافة إلى أن الرئيس يعتبر أن هذه الاتفاقية هي ثاني أهم حدث في مجال الأمن في بولندا بعد انضمام وارسو إلى حلف الناتو عام 1999 .

ويطالب قصر الرئاسة البولندي بان يلقى الرئيس كاتشينسكي كلمة بهذه المناسبة فيما تقول الخارجية البولندية أن هذا الأمر غير معتاد في مثل هذه المناسبات .

وتتزامن زيارة رايس إلى وارسو مع الإعلان عن نتائج استطلاع جديد للرأي اظهر ولأول مرة منذ بدء الحديث عن الدرع الصاروخي بان اغلب البولنديين يؤيدون الآن وضع قاعدة الاعتراض الصاروخية في بلادهم رغم أن 77 بالمائة منهم يعتقدون أن وضعها سيؤدي إلى تدهور العلاقات البولندية الروسية .

وعلى خلاف هذا التحول في المزاج السياسي للبولنديين الذي قد يكون نتج عن التطورات الجارية في جورجيا فان الرأي العام في تشيكيا المجاورة لا يزال رافضا في أغلبيته لوضع القاعدة الرادارية الاميركية.

يذكر أن دخول الاتفاقيتين الخاصتين بوضع الرادار والقاعدة الصاروخية حيز السريان لن يتم إلا بعد مصادقة برلماني البلدين عليها الأمر الذي لا يبدو صعبا في بولندا بالنظر لتأييد بعض أحزاب المعارضة للاتفاقية على خلاق الوضع في تشيكيا حيث ينتظران يشهد البرلمان التشيكي خريفا ساخنا كما ذكر رئيسه فلتشيك بالنظر لكون أحزاب المعارضة ترفض بقوة وضع الرادار فيما يلمح بعض نواب الائتلاف الحاكم ولاسيما من حزب الخضر بامكانية معارضتهم أيضا المصادقة على وضع القاعدة الاميركية في بلادهم.