موسكو: تقول موسكو إنها اتمت سحب قواتها من جورجيا. ففي ليلة يوم الجمعة، وفي اجتماع بثته التلفزة الروسية بثا حيا، احاط وزير الدفاع الرئيس ديمتري ميدفيديف علما بأن خطة سحب الوحدات الروسية المقاتلة من جورجيا quot;قد نفذت حرفيا.quot; فرنسا تدعو روسيا الى سحب قواتها من غرب جورجيا
ولكن اية خطة تلك التي كان الوزير الروسي يشير اليها؟
فاتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه بوساطة فرنسا يطالب روسيا وجورجيا بسحب قواتهما الى المواقع التي كانت تحتلها في السادس من اغسطس/ آب المنصرم، قبل اندلاع القتال بين الجانبين.
ولكن روسيا تقول إن لها الحق في الاحتفاظ بوجود عسكري داخل الاراضي الجورجية. وقد اقتطعت روسيا لنفسها منطقة عازلة - تطلق عليها اسم quot;منطقة المسؤوليةquot; - داخل الاراضي الجورجية حول اقليم اوسيتيا الجنوبية.
وثمة تقارير تتحدث عن تمترس القوات الروسية في محيط ميناء بوتي التجاري غربي جورجيا على البحر الاسود.
وقد انتقدت الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية الانسحاب الروسي الجزئي.
ويرغب بعض الزعماء الغربيين بمعاقبة روسيا، كأن يصار الى طرد موسكو من مجموعة الدول الثماني الصناعية او عرقلة عضويتها في منظمة التجارة العالمية.
ولكن الحقيقة هي ان لا الولايات المتحدة ولا حلف شمال الاطلسي ولا الاتحاد الاوروبي يستطيعون عمل الكثير للتأثير على روسيا.
فالغرب غير مستعد لخوض حرب مع روسيا من اجل الدفاع عن جورجيا. وموسكو تعرف ذلك جيدا.
فاوروبا تعتمد اعتمادا كبيرا على امدادات الغاز والنفط الروسية. وروسيا تعرف ذلك علم اليقين ايضا.
كما تحتاج واشنطن الى مساعدة موسكو ليس فقط لتزويدها بالطاقة ولكن ايضا في حل الازمة المستعصية مع طهران حول برنامجها النووي وفي مجال منع الانتشار النووي بشكل عام.
لذا يتضح ان روسيا تمسك بكل الاوراق في اللعبة الجيوسياسية الدائرة في جورجيا والقفقاس. ولكن ما هي اهداف روسيا؟
تقول روسيا إن قوات quot;حفظ السلامquot; التابعة لها ستبقى في جورجيا من اجل منع اراقة الدماء وللدفاع عن شعبي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا.
ولكن جورجيا تتهم روسيا بانتهاك سيادتها. ويعتقد منتقدو الكرملين ان روسيا تحاول - من خلال quot;منطقة المسؤوليةquot; سالفة الذكر - زيادة الضغط على تبليسي بهدف الاطاحة بالرئيس ميخائيل ساكاشفيلي.
كما ترسل روسيا بابقاء قواتها منتشرة في جورجيا رسالة واضحة لا لبس فيها للغرب ملخصها ان جورجيا ستبقى داخل دائرة نفوذ موسكو.
وكانت موسكو تشعر باحباط في السنوات الاخيرة ازاء ما تعتبرها محاولات الغرب ايجاد موطئ قدم له على تخومها.
وتعتقد روسيا ان الحكومات الغربية لعبت دورا في quot;الثورة الورديةquot; التي شهدتها جورجيا عام 2003 وquot;الثورة البرتقاليةquot; الاوكرانية في العام الذي تلاه، واللتان ادتا الى المجئ بحكومتين مواليتين للغرب في هذين البلدين.
كما تتهم روسيا وكالات المخابرات الغربية بتمويل المجموعات المعارضة الروسية بشكل سري.
وما لبثت روسيا تنظر بغضب الى امتداد حلف شمال الاطلسي في منطقة بحر البلطيق، وزادت غضبها الوعود الغربية لاوكرانيا وجورجيا بقبول هذين البلدين في عضوية حلف الاطلسي.
اضافة لذلك كله، تعتبر موسكو الخطط الاميركية لنشر درعها الصاروخي في اراضي بولندا وجمهورية التشيك بمثابة تهديد مباشر لامنها القومي.
قبل عقد ونصف من الزمن، كانت روسيا دولة فقيرة وضعيفة قد خسرت توا امبراطوريتها، وتعتمد على فتات الموائد الغربية.
اما اليوم، وبفضل عائدات النفط والغاز الهائلة، تشعر روسيا بالقدرة على استعراض عضلاتها واعادة نفوذها المفقود والدفاع عن مصالحها المباشرة.
ستيف روزنبيرغ
التعليقات