موسكو: بعد شهر تماما على العدوان الجورجي على العاصمة الأوسيتية الجنوبية تسخينفال، أوفت موسكو بوعدها، وتم الإعلان عن إقامة علاقات دبلوماسية على مستوى السفارات بين روسيا وكل من جمهورية أوسيتيا الجنوبية وجمهورية أبخازيا.

ولم يكن تأخير هذا الإعلان انتظارا لمغادرة الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو والمنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا موسكو لإجراء مباحثات في العاصمة الجورجية تبليسي، هو اللفتة الروسية الوحيدة للإعراب عن الاحترام الروسي لساركوزي.

فالحفاوة الروسية بالرئيس الفرنسي كانت واضحة منذ بدء المباحثات، وربما كان ذلك ما يحتاجه ساركوزي الباحث، بعد فشل مشروع الاتحاد المتوسطي بين دول شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، عن دور مستقل نسبيا عن واشنطن الغارقة في أزماتها، وذلك ما فهمته موسكو جيدا.

وعلى الرغم من أن الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف كان يخاطب نظيره الفرنسي باسمه نيكولا، بينما كان يسمي ممثلي الاتحاد الأوروبي بالزملاء، إلا أن موسكو سعت بكل جهدها لحفظ ماء وجه بروكسل وللإيحاء، وفقا للمحلل السياسي الروسي دميتري يفستافييف، بأن الاتحاد الأوروبي، بعكس الولايات المتحدة، يملك نفوذا على روسيا. وجاءت هذه المباحثات للتنسيق حول إجراءات إضافية لتنفيذ خطة quot;ميدفيديف-ساركوزيquot; الموقعة في 12 أغسطس الماضي.

وتقضي هذه الإجراءات برفع القوة الروسية لحواجزها العسكرية الخمسة على الطريق بين مدينتي بوتي وسيناكي الجورجيتين خلال أسبوع. كما تنص هذه الإجراءات على نشر 200 مراقب من الاتحاد الأوروبي حتى الأول من أكتوبر المقبل في المنطقة العازلة حول أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وبعد ذلك وخلال 10 أيام تنسحب القوة الروسية من الأراضي الجورجية. وفي المقابل تسلمت موسكو رسالة كتابية من الرئيس الجورجي ميخائيل سآكاشفيلي تضمن عدم استخدام القوة ضد سوخوم وتسخينفال.

وبالطبع فإن أهم نتائج المباحثات في موسكو هو استبدال القوة الروسية بمراقبين الدوليين. وقد بدد مصدر في وزارة الدفاع الروسية لصحيفة quot;غازيتاquot; المخاوف من أن يؤدي سحب الحواجز العسكرية إلى قلقلة الأوضاع من جديد في المنطقة ويغري جورجيا بالقيام بهجوم جديد على جارتيها، مؤكدا أن quot;وجود القوات الدولية يرضي غرور جورجيا العسكري، التي لن تجرؤ على الهجوم بحضور غرباءquot;.

وفي سياق متصل، أكد مصدر رفيع المستوى في الكرملين لصحيفة quot;كوميرسانتquot; الروسية أن الجانب الروسي لم يبد أي ممانعة حيال انسحاب القوات الروسية إلى مواقعها السابقة، وأضاف quot; كانوا (ممثلو الجانب الأوروبي) يظنون أننا لن نقبل بذلك، ولكننا لسنا معتوهين، نحن مهتمون بإخراج أبنائنا من هناك، وبنشر أكبر قدر ممكن من المراقبين الأوروبيين مكانهم لضمان فصل القوات. ووافقنا بكل سرور على استبدال قواتناquot;.

أما حول مسألة الاعتراف بالجمهوريتين الوليدتين وردا على اتهام مراسلة صحيفة quot;ليبيراسيونquot; الفرنسية بتجاهل موضوع وحدة الأراضي الجورجية في المباحثات، فقد ذكر ساركوزي أن البحث جارٍ حول الحاضر وليس عن المستقبل، وأن المهم الآن هو quot;صمت الأسلحةquot;.

مدفيديف من ناحيته وفي نهاية مؤتمره الصحفي المشترك مع ساركوزي أكد quot;أن لا رجعةquot; عن القرار الروسي بالاعتراف بالجمهوريتين القوقازيتين، وأفاد أن روسيا ستوقع معهما اتفاقيات حول إقامة العلاقات الدبلوماسية والتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.