واشنطن: قررت السلطات الأميركية معالجة الأزمة المالية التي تهدد بإغراق النظام المالي وذلك بعد أن أقرت بعدم جدوى الجهود التي تتخذها تباعا لحل المشاكل التي تطرأ، وأرسلت إدارة الرئيس بوش في وقت متأخر الجمعة للكونغرس تفاصيل خطة واسعة لدعم البنوك، على ما أفاد مسؤول حكومي.
وقد تكلف الخطة 500 مليار دولار وربما ضعف هذا المبلغ في رأي بعض الخبراء، بحسب ما ذكرت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; على موقعها الالكتروني.
ولم يعط المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته، تفاصيل إضافية عن خطة الإنقاذ الحكومية التي أعلنت مساء الخميس لمواجهة الأزمة المالية.
واقر وزير الخزانة هنري بولسون الجمعة بان الحكومة الأميركية واجهت الأمر حالة بحالة في الأسابيع الأخيرة.
وأضاف انه يتعين الآن اتخاذ إجراءات إضافية وحاسمة لتسوية ناجعة للجذور المسببة للتوترات في نظامنا المالي.
وكان بولسون أعلن الليلة الماضية عزمه التفكير، بالاشتراك مع الكونغرس، في حل لتخليص البنوك من أرصدتها العالية المخاطر التي راكمتها أثناء الطفرة العقارية والتي أصبحت الآن غير قابلة للبيع.
الهدف التصدي لعمق المشكلة
والهدف هو إعداد مشروع قانون بحلول نهاية الأسبوع الحالي يمكن أن يبدأ الكونغرس دراسته نهاية الأسبوع المقبل، كما يأمل كريس دود رئيس اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ.
وأكد الرئيس الأميركي أن هذه الخطة تتطلب تخصيص مبلغ كبير من أموال دافعي الضرائب لها.
وأشار بولسون إلى مئات المليارات موضحا خلال مؤتمر صحافي أن ذلك يجب أن يكون بحجم يكفي لإحداث فرق حقيقي والتصدي لعمق المشكلة.
الخطة قد تكلف ألف مليار دولار
وقال سناتور جمهوري نافذ في وقت سابق ان الخطة يمكن ان تكلف ألف مليار دولار. وبعد ان قامت السلطات الأميركية، معتمدة أسلوب المواجهة حالة بحالة، بوضع اليد على مؤسستي إعادة التمويل العقاري فاني ماي وفريدي ماك ومشاهدة افلاس بنك الأعمال ليمان براذرز واضطرت لتأميم مجموعة التأمين quot;ايه آي جيquot; فانه يبدو انه ليس أمام السلطات الأميركية خيارات أخرى.
وفي إشارة إلى الحلقة المرعبة التي تهدد بالتهام بنوك أخرى مثل مورغن ستانلي، اعتبر الديموقراطي كريس دود ان الولايات المتحدة قد تكون على بعد أيام قليلة من انهيار كامل لنظامها المالي. وردت أسواق المال بحماس على تصميم السلطات الأميركية على تنظيف أرصدتها.
وجاء الإعلان عن هذه الخطة التي تعالج عمق المشكلة متزامنا مع سلسلة إجراءات ذات اثر فوري هدفت إلى الطمأنة بشأن توفر السيولة في الأسواق وإعادة تشغيل أنظمة القروض.
الإجراءات الحكومية بداية نهاية الأزمة
وقال المحلل الاقتصادي جون ردينغ إنه حتى وان بقيت هناك تفاصيل يتعين توضيحها فان وزارة الخزانة والاحتياطي الفدرالي أدركا في نهاية الأمر، عمق الأزمة وطبيعتها الهيكيلة، واضاف ان هذه القرارات سيكون لها مفعول إخماد الحريق الحالي.
واعتبر الخبير الاقتصادي ايان شيفردسون أن الإجراءات الحكومية تجسد بداية نهاية الأزمة.
وقال إنها خطوة عملاقة إلى الأمام والوسيلة الوحيدة لإنهاء الأزمة، مضيفا أن الاقتصاد لا يزال في وضع كارثي لكن احتمال حدوث أزمة هيكلية تراجع كثيرا.
اعتماد نموذج البنك الشامل
وقد أظهرت الأزمة المالية الحالية فوائد نموذج البنك الشامل الناشط في كل المجالات والمعتمد في فرنسا مع أنشطة متنوعة تسمح بالحد من خطر الإفلاس. وبعد إفلاس بنك الأعمال الاميركي quot;ليمان براذرزquot; والبيع المتسرع لمصرفي quot;بير ستيرنزquot; وquot;ميريل لينشquot; والخطر الذي لف ببنك quot;مورغان ستانليquot;، quot;فان البنوك الناشطة فقط في مجال الاستثمار تمر في الوقت الحالي في أزمة كبرى تواجه نموذجها الاقتصاديquot;، بحسب ما اعتبر نيكولا ميرندول المدير العام لصناديق الادخار.
من جهته، أكد رالف سيلفا المحلل لدى شركة الاستشارات المالية quot;تاور غروبquot; في لندن quot;ان النموذج المصرفي الفرنسي والكندي سيكون النموذج الذي سيفرض نفسه، لان النموذج الأميركي الحالي لا يصلحquot;. وهذه كانت حالة بنك quot;بير ستيرنزquot; الذي اشتراه quot;جي بي مورغان تشيزquot;، وهو بنك يمارس كافة الأنشطة، وإنما ايضا حالة quot;ميريل لينشquot; الذي سينتقل إلى ملكية quot;بنك أوف أميركاquot;.
التعليقات