quot;إيلاف quot; سألت والخبراء أجابوا..

لماذا لا تحارب مصر إسرائيل من اجل غزة؟

محمد حميدة من القاهرة: مع بدء العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، بدأت أصوات حنجرية من هنا وهناك تكيل الاتهامات للقاهرة بالخيانة والعمالة والتواطؤ مع تل أبيب على غزة، محاولين دفع بعض الدول، والقاهرة في المقدمة لشن حرب على إسرائيل، في وقت غاب فيه أي دور فاعل وقوي من أصحاب هذه الحناجر لإيقاف الحرب الدائرة على القطاع او حتى دعم حماس بصاروخ او حتى سلاح quot;ار بى جيهquot; لإعانتها على مواجهة النيران الشرسة. وقد انتبهت القاهرة منذ البداية لهذه الحملة وبدأت توجه الاتهامات لإيران وحزب الله وحماس وسوريا وقطر، واعتبرها وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط quot;متاجرة تخدم أجندة وحسابات خاصة بهذه الأطراف في المقام الأول على حساب القضية الفلسطينيةquot;.

لكن السؤال : لماذا تحاول هذه الإطراف دفع القاهرة للدخول في حرب مع إسرائيل؟ ولماذا يتراجع النظام المصري عندما يأتي الحديث عن حرب مع إسرائيل، في وقت يطالب فيه الشعب المصري بالدخول في هذه الحرب؟ وما هي التداعيات المحتملة التي يمكن أن تسفر عنها هذه الحرب؟ طرحت quot;إيلافquot; هذه الأسئلة والخبراء أجابوا عليها.

يقول الباحث فتحي عثمان quot; قبيل الهجوم الإسرائيلي علي غزة ظهرت ملامح إستراتيجية إيرانية سورية بأذرع موالية لإيران بهدف التضليل الإعلامي موجهه بشكل رئيسي على الأنظمة العربية المواجهة للمشروع الإيراني.

ظهرت الصحف الإيرانية بتكثيف هجومها على النظام المصري وما تلاها من حشد جماهيري منظم من قبل القيادة الإيرانية في شكل مظاهرات ضد مصر في طهران التي أعطت الإشارة لحلفائها في دمشق ولبنان وغزة للقيام بمظاهرات مماثلة تندد بمصر لانها لا تفتح معبر رفح.

ويرى عثمان انه quot; بمراجعة التحرك الإيراني ضد مصر ثبت باليقين ان إيران تعمل بقوة لكسب quot;ورقة غزةquot; وذلك عبر حملات شرسة ومدروسة ضد دولا عربية، بعد ان دمرت أميركا العراق بمساعدة ايران نفسها، وصارت اوراقها مفضوحة quot;.

وتساءل عثمان عن موقف ايران خلال الثلاثين عاما الماضية من المجازر التي تعرض لها الشعب الفلسطيني بدءاً من مجازر المخيمات في لبنان إلى مجازر الخليل وجنين وغيرها، quot; لم تفعل شيئا بل عندما تنتهي اسرائيل من مجازرها يبدأ قادة هذا النظام بإطلاق التصريحات النارية و التهديدات الخاويةquot; وبالمثل خلال الأيام الماضية، فحين كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب محرقة غزة قام الرئيس الايراني احمدي نجاد بزيارة الى العراق بحماية كاملة من قوات الاحتلال الأميركي وعلى الرغم من عقده لأكثر من مؤتمر صحافي في بغداد إلا انه لم يتطرق إلى مجزرة غزة، وبداً وكأنه لم يسمع بها، وقد اكتفت حكومته بتسيير مظاهرة يتيمة في جامعة طهران.

وحول رؤيته لموقف مصر قال عثمان ان quot; مصر تعرف دورها جيدا و تعرف كم هو مغرر بالأخوة الفلسطينيين، وتعرف حجم إيران جيدا وتعرف ما تريده وما ترمي إليه. ومصر تعرف القدرة الخارقة للصواريخ الإيرانية التي سوف لن تنطلق أبدا ضد أي أحد. ومصر تعرف أن إيران و ملاليها وعملاءها أمثال حسن نصر الله ومشعل وهنية وأخيرا الإخوان المسلمين وغيرهم ليسوا سوى أبواق. ومصر تعرف الكثير والكثير عن الدور السوري ومحاولة إفشاله لكل جهد مصري يدعو الى السلام ويدعو الى التهدئة ويدعو الى السلام الاجتماعي.

بينما اللواء احمد عبد الفتاح الخبير الاستراتيجي يؤكد ان قرار الحرب ليس بالسهل والذين يتشدقون بالمطالبة به لا يدركون مخاطره وليس لهم دراية بتكلفته على مختلف الأصعدة، وانتقد عبد الفتاح الدول التي تطلب ذلك من مصر متسائلا: ما الذي يمنعهم من تحريك جيوشهم ؟ وأضاف الجميع يريد ان يحارب لكن بجيوش مصر، يكتفون فقط بالشعارات الجوفاء والخطب الصماء متمنيين الخراب لمصر، التي تقف كحائط الصد المنيع أمام تحقيق أهدافهم. وتساءل: ما الذي يمنع سوريا ان تحارب على الرغم ان أجزاء من أراضيها محتلة؟ وحزب الله ان يقاتل بالرغم من وجود تحالف استراتيجي مع حماس؟ والنووية ايران التي تتفاخر بصواريخها بعيدة المدى وشعارات تدمير إسرائيل التي تطلقها بين الحين والآخر؟

وأشار عبد الفتاح الى ان الجيش المصري قادر دائما على حماية الأمن المصر وسلامة الوطن وأراضيه، وتحت امر القيادة السياسية بما يخدم الأمن المصري. واثنى عبد الفتاح على القيادة السياسية مؤكدا انها تتميز بالحكمة والخبرة ولا تنساق الى المحاولات الخبيثة التي يمكن ان تجر المنطقة بأكملها الى ويلات الدمار والحرب.

ومن جانبه قال السيد عليوة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان ان العلوم العسكرية تكون دائما في خدمة القرارات السياسية بما يحقق المصالح الوطنية وضمان حماية الأمن القومي لأي دولة، وبالتالي أي قرار عسكري شأنه شأن أي قرار سياسي واقتصادي لابد ان تحسب إرباحه وخسائره وأثاره على كافة الأصعدة. مضيفا ان القرار العسكري هو احد أدوات العملية السياسية لأيه دوله ويستخدم كأداة تكتيكية كجزء من مخطط استراتيجي يتكون من عدة خطط متكاملة ومستمرة.

وبرأي الدكتور حمدي عبد العظيم استاذ الاقتصاد ورئيس اكاديمية السادات للعلوم الإدارية ان قرار الحرب ليس سهلا مؤكدا ان له مردودات خطيرة تمتد الى سنوات، وبالتالي لابد ان تكون له حسابات آنية ولاحقة. ولابد ان يكون هناك استعدادات اقتصادية خاصة انها تعتبر البعد الأهم في حسابات أي حرب. وأكد عبد العظيم ان الدول العربية لديها قوى عسكريه تمكنها بالفعل من مساعدة غزة ونصرة القضية الفلسطينية بالشكل الذي يمكنها من حسم هذه القضية عسكريا، لكن المشكلة ان المواطن العادي لا يدرك ان خصمنا في الحرب العربية الإسرائيلية لن تكون الدولة العبرية فقط وإنما ستكون اسرائيل والدول الكبرى الداعمة لها على رأسها أميركا، وهو الأمر الذي يجعل مجرد التفكير في شن حرب في اللحظة الآنية بمثابة عملية انتحارية غير مأمونة العواقب. خاصة انه لم يعد للعرب طرف دولي كبير مثلما كان قبل سقوط الاتحاد السوفيتي.

ويرى الخبراء ان بإمكان الدول العربية حسم القضية بالخيار العسكري ليس بإلقاء إسرائيل في البحر بل بخلخلة مواقفها السياسية والعسكرية بشكل يلزمها على قبول تسوية شريفة وعادلة للطرفين. لكن كما يضيف عبد العظيم quot;هذا يتطلب تضحيات بشرية وعسكرية واقتصادية هائلة ستدفع ثمنها مصر وسوريا والأردن ولبنان في حال دخول الحرب ككتلة عربية واحدة، وهو أمر لا تقبله القيادة السياسية في مصر من منطلق استيعابها للدروس الماضية quot;.