غزة: عاود الفلسطينيون المصدومون الظهور في شوارع قطاع غزة المغطاة بالانقاض يوم الاحد لانتشال موتاهم وفحص منازلهم المحطمة بعدد 22 يوما من الضربات الجوية والقصف الاسرائيلي المدمر.
وجلست السيدات تنتحب بكاء فوق ركام منازلهن وهم يخفين وجوههن وكان معظمهمن غير قادرات على الحديث جراء الحزن الشديد. وكانت اخريات تفتش الانقاض ليجمعن المتعلقات العزيزة على قلوبهن في حقائب بلاستيكية.
كانت احداهن تمسك بقلادة وقالت quot;هذا كل ما تبقى.quot;
وحاول الاطفال انقاذ الحقائب المدرسية والكراسات الممزقة.
وتوقف القصف بعد دخول وقف اطلاق النار الذي اعلنته اسرائيل من جانب واحد حيز التنفيذ الساعة الثانية صباحا (00.00 بتوقيت جرينيتش) على الرغم من استمرار وقوع اشتباكات محدودة بين القوات الاسرائيلية ونشطاء حركة المقاومة الاسلامية quot;حماسquot;.
وبدأت العائلات التي فرت من زحف القوات الاسرائيلية في العودة الى احياء يمكن التعرف عليها بالكاد لمعرفة من نجا بحياته ومن قضي أمره. وكان رجل يواسي صديقه قائلا quot;الحمد لله انك حي.. يمكن اعادة بناء المنزل.. ان شاء الله.quot;
ونشرت حماس المتعطشة لاظهار انها مازالت مسيطرة على غزة رجال شرطة في الشوارع. حتى أن رجال شرطة المرور كانوا يقفون في الطرق المشوهة المليئة بالحفر.
وأزاحت الجرافات التابعة للسلطات البلدية السيارات وقطع الخرسانة المتساقطة بعيدا عن الشوارع لكن لا شيء يمكنه اخفاء نطاق الدمار الذي جلبته الآلة العسكرية الاسرائيلية.
وقال رجل شرطة لقائده عبر جهاز اللاسلكي من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع quot;بعض الناس لا يمكنهم حتى التعرف على المكان الذي كان يوجد به منزلهم.quot;
وتعاملت عربات الاسعاف مع الطرق الممزقة جراء القنابل وجنازير الدبابات كي تنتشل الجثث التي ترقد وسط الانقاض في بيت لاهيا والمناطق المفتوحة الى الشمال. وقالت شرطة حماس انه تم اكتشاف 95 جثة تقريبا حتى الان تعود معظمها لنشطاء ومن بينها 20 جثة على الاقل يعتقد انها لمقاتلين قضوا نحبهم في المعارك.
وبلغ عدد القتلى الذي اعلنها الاطباء التابعين لوزارة الصحة التي تديرها حماس 1300 قتيل من بينهم ما لا يقل عن 410 اطفال. كما اصيب 5300 شخص اخرين.
وخشية من تجدد الضربات الاسرائيلية .. أمر قائد الشرطة في شمال قطاع غزة رجاله بالتحرك في جماعات صغيرة للغاية فقط وبحراسة مقرات الشرطة والمباني العامة وعدم الدخول اليها الا اذا اقتضت الضرورة القصوى.
وقال ضابط شرطة لاحد رجاله quot;كن حذرا...هذا ليس هدوءا حقيقيا.quot;
واسفرت الضربات الاسرائيلية عن مقتل عشرات من رجال الشرطة في أول أيام الحرب. وتصنف اسرائيل افراد شرطة غزة على أنهم مقاتلون على الرغم من أن بعض المحامين يقولون انه يجب النظر لهم على أنهم مدنيون.
وتجولت quot;سريةquot; وهي سيدة عجوز ترتدي ملابس سوداء بين انقاض المجمع السكني التي كانت تعيش فيه.
وانتحبت وهي تصارع دموعها قائلة quot;ماذا يتعين علي أن اقول.. هل يتعين علي أن اتحدث عن منزلي الذي دمر أمن أرضي التي جرفت...لقد خرجت بما ارتديه فقط.quot;
وكان جنود اسرائيليون اخبروا صحفيين من رويترز عن استخدام القوة المفرطة وعن جرف منزل في حالة واحدة على الاقل لقتل شخص يشتبه في انتمائه للجماعات المقاتلة بداخله.
ويقول خبراء القانون الانساني الدولي ان القوات العسكرية ليست ملزمة فقط ببذل كل ما في استطاعتها لتحاشي الحاق الاذى بالمدنيين بل أيضا بتفادي تدمير الممتلكات المدنية.
ورفضت اسرائيل اتهامات بأنها ربما تكون ارتكبت جرائم حرب على الرغم من أن عدد من الهيئات الدولية ومن بينها وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة في غزة حثت على اجراء تحقيقات بعد مقتل اطفال ومدنيين آخرين.
وبينما ينتشل عمال الانقاذ مزيد من الجثث من أسفل المباني المحطمة ينظر السكان في حزن وعدم تصديق لم يرونه.
وتعرفت سيدة على رفات زوجها.
وقالت وهي تحمل طفلا quot;كان مقاتلا...لم نكن نعرف انه قتل...هذا الطفل اصبح يتيما.quot;
ودعت والدة الرجل بالانتقام قائلة quot;عسى الله أن يعاقب اسرائيل ويعاقب أمريكا... لقد قتلوا ابني.quot;