خيمت حالة من السعادة البالغة على قادة الاتحاد الاوروبي بعد تصويت الناخبين الايرلنديين بالموافقة على معاهدة لشبونة في ثاني استفتاء عليها جرى يوم الجمعة الماضي.

بروكسل: بهذه المناسبة قال المنسق الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا quot; يسرني أن تلقى معاهدة لشبونة موافقة الشعب الايرلندي ما سيسمح بمزيد من توحيد كلمة الاتحاد ورفع كفاءة العمل داخله وهو ما سينعكس على القيام بدور أكبر في العالمquot;. من جانبه علق رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروزو بعد اعلان النتائج النهائية لعملية الاستفتاء التى اعلنت مساء أمس واظهرت الموافقة على الاتفاقية بنسبة 1ر67 في المئة مقابل رفض 9ر32 في المئة قائلا quot; شكرا لك ايرلندا .. انه يوم عظيم بالنسبة لايرلندا بل انه يوم عظيم لاوروبا كلها quot;.

يذكر أن بروكسل شهدت حالة من القلق البالغ والتوتر قبيل اعلان نتيجة الموقف الايرلندي ازاء المعاهدة فقد غرقت الكتلة الأوروبية المكونة من 27 عضوا العام الماضي في اتون أزمة عميقة بعد رفض ايرلندا لتلك الوثيقة. وبات تكرار ما جرى في يونيو الماضي في ايرلندا بالتصويت عليها quot;بلاquot; أن يمثل نهاية لمعاهدة لشبونة وهو ما سيثير حالة من الاضطرابات الكبرى داخل الاتحاد الأوروبي تعصف عواقبها بعيدة المدى بأوروبا ككل. وبلا شك استندت موافقة الايرلنديين على ماقدمه الاتحاد الأوروبي من ضمانات بأن تلك المعاهدة لن تؤثر بأي شكل من الأشكال على دستور ايرلندا وسيادتها كما انها لا تمثل تغييرا لقواعد الاتحاد الأوروبي الحالية الخاصة بالضرائب فضلا عن انها لن تغير ما تتمتع به كل دولة داخل الاتحاد - من بينها ايرلندا - بضمان دخولها تحت مظلة سياسته الخارجية والامنية والدفاعية.

وتمثل المعاهدة التى وقعها قادة الاتحاد الاوروبي ال 27 في لشبونة في 13 ديسمبر عام 2007 اطار عمل جديدا يتطلبه عمل مؤسسات الاتحاد في ظل تزايد عدد الدول الاعضاء. فمنذ تأسيس الاتحاد الأوروبي ارتفع عدد الدول الاعضاء من ست دول الى 27 دولة ومع تزايد عدد الدول المرشحة لعضوية الاتحاد المدرجة على قائمة الانتظار فسيزداد الاتحاد نموا مستقبلا. وهو ما دفع قادة الاتحاد الاوروبي للمطالبة بقواعد ولوائح جديدة تلائم الظروف الجديدة.

ورغم ذلك لم يشعر الجميع بالسعادة لتصويت الايرلنديين quot; بنعم quot; حيث قال رئيس الجمهورية التشيكية المناهض للاتحاد الأوروبي فاتسلاف كلاوس ان موافقة الايرلنديين كانت quot;خطأquot; وهو ما كان ينتظره الاتحاد الاوروبي. وجاء في بيان لمركز quot; أوبن يوروب quot; البحثي المستقل المتبني لدعوة اصلاح الاتحاد الأوروبي quot; هذا يوم حزين تشهده الديمقراطية في اوروبا quot;. وأضاف البيان ان المعاهدة تحول قوى جديدة ضخمة للاتحاد الأوروبي بعيدا عن الناس العاديين والبرلمانات الوطنية وعلينا جميعا أن نشعر بقلق بالغ ازاء الطريقة التي فرض بها قادة الاتحاد الاوروبي تلك المعاهدة عليناquot;.

وسيتحول التركيز الآن على الجوانب العملية لتنفيذ معاهدة لشبونة وخاصة في بولندا وجمهورية التشيك وهما الدولتان الاوروبيتان اللتان لم تصادقا الى الان على الوثيقة. وحتى يتم دخول تلك المعاهدة حيز التنفيذ يجب ان تصدق عليها جميع دول الاتحاد الأوروبي ال 27. من جانبه قال الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي انه يريد ان ينتظر ويرى نتيجة الاستفتاء الايرلندي فيما تظهر المؤشرات توقيعه على الوثيقة في وقت قريب. والان سيتزايد الضغط على الرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس اكبر المعارضين للمعاهدة للتوقيع عليها.

وكان البرلمان التشيكي صادق بالفعل على المعاهدة الا ان 17 عضوا بمجلس الشيوخ تقدموا الاسبوع الماضي بشكوى دستورية ضد المعاهدة. ومن المتوقع أن تحدد محكمة تشيكية في غضون ثلاثة اسابيع موعدا لجلسة استماع عامة بشأن تلك القضية. وعلى جانب آخر اطلت لندن من جديد على القضية فقد بعث رئيس حزب المحافظين البريطاني ديفيد كاميرون برسالة الى كلاوس طلب منه تأخير توقيعه على المعاهدة حتى موعد الانتخابات البرلمانية البريطانية في ربيع عام 2010. وقال كاميرون الذي يبدو قريبا من الفوز في الانتخابات انه يرغب في اجراء استفتاء على معاهدة لشبونة في المملكة المتحدة رغم مصادقة البلاد بالفعل على الوثيقة.

وفي سياق متصل اشار باروزو الى انه حالما تنتهي اجراءات التصديق على المعاهدة فانه سيستعد للعمل داخل مفوضية أوروبية جديدة حيث سينتهي العمل بمعاهدة المفوضية الحالية في نهاية الشهر الجاري. ومن شأن أي تأخير أن يؤثر على سلسلة من القرارات الهامة بما في ذلك تعيين وزير خارجية الاتحاد الاوروبي ورئيس دائم للاتحاد الأوروبي وهما الوظيفتان اللتان استحدثتهما المعاهدة