الياس توما من براغ: بعد ساعات قليلة من مصادقة مجلس الشيوخ التشيكي بعد ظهر اليوم على معاهدة لشبونة أعلن الرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس انه لن يسرع في المصادقة عليها وانه سينتظر قرار المحكمة الدستورية بشان الشكوى التي أعلن نواب من مجلس الشيوخ أنهم سيتقدمون بها إلى المحكمة الدستورية.

وفي موقف اعتبر استفزازيا للدول الأوربية الأخرى وللأوساط السياسية التشيكية المؤيدة للاتفاقية وفي نفس الوقت لاستقطاب الاهتمام الإعلامي الدولي به أعلن كلاوس بان هذه المعاهدة بالنسبة له هي لان ميتة لان إحدى دول الاتحاد في إشارة إلى ايرلندا رفضت هذه المعاهدة في استفتاء ولذلك فان القرار بشان المصادقة عليها من قبله ليس واردا في برنامج العمل الآن حسب قوله.

وانتقد نواب الحزب المدني أقوى أحزاب الائتلاف الحاكم من دون أن يسميهم على تصويت بعضهم لصالح المعاهدة متهما إياهم بالإخفاق وبإدارة ظهورهم للمصالح التشيكية الطويلة الأمد والخضوع للمصالح القصيرة الأمد للمسؤولين السياسيين الحاليين ولمصالحهم الخاصة. وكان مجلس الشيوخ قد اقر معاهدة لشبونة بعد أن صوت 54 نائبا بينهم 12 من الحزب المدني من أصل 79 حضروا الجلسة لصالح المعاهدة فيما صوت ضدها 20 نائبا.

وقد سبق لمجلس النواب التشيكي أن صادق على الاتفاقية في الثامن عشر من شهر شباط فبراير الماضي مما يعني أن تتويج هذه العملية قد انتقل الآن إلى أيدي الرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس لأنه وفقا للدستور التشيكي فإن مثل هذه الاتفاقيات الدولية تحتاج إلى مصادقة مجلسي النواب والشيوخ والرئيس.

وكان الرئيس كلاوس المعروف بمواقفه الانتقادية القوية لتعميق عملية التكامل الأوربية قد لمح إلى أنه لن يسرع في المصادقة على هذه الاتفاقية بانتظار معرفة موقف الناخبين الايرلنديين الذين ستعرض عليهم هذه الاتفاقية خريف هذا العام على الأرجح للتصويت عليها من جديد في محاولة من الاتحاد والحكومة الايرلندية لاستبدال الرفض الذي أعلنوه لها خلال الاستفتاء الذي جرى صيف العام الماضي.

ويرى محللون تشيك بان مصادقة المجلس تعتبر رسالة سياسية ايجابية توجهها براغ إلى بروكسل والى عواصم دول الاتحاد مضمونها أن تشيكيا تفي بالتزاماتها الأوربية كما أن هذه المصادقة ستزيد الضغط على الناخبين الايرلنديين كي يصوتوا لصالح هذه الاتفاقية لأنهم أصبحوا الآن سكان الدولة الأخيرة في الاتحاد الذين لم يقروا هذه الاتفاقية الهامة بالنسبة لعمل الاتحاد.

كما رأوا أن هذا التصويت لصالح الاتفاقية من قبل بعض نواب الحزب المدني سيثر حالة من الانقسام والخلافات داخل الحزب لان هناك تيار ليس بالضعيف في الحزب ضد عملية تعميق التكامل الأوربي ويلتقي مع الرئيس كلاوس في هذا التوجه كما أن المؤتمر الأخير للحزب المدني ربط بين إقرار هذه الاتفاقية وبين مصادقة مجلس النواب التشيكي على الاتفاقيتين الخاصتين بوضع الرادار الأميركي في تشيكيا الأمر الذي لم يتم لان الحكومة سحبت مشروع الاتفاقيتين من البرلمان خوفا من رفضها من قبل نواب المعارضة وبعض نواب أحزاب الائتلاف الحاكم.
وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة التشيكية المنتهية ولايتها ميريك توبولانيك يترأس الحزب المدني أقوى أحزاب الائتلاف الحاكم إلا انه دعا نواب حزبه اليوم للمصادقة على الاتفاقية محذرا من التداعيات السلبية التي يمكن أن تتعرض لها بلاده في حال رفض المجلس المصادقة على الاتفاقية وأيضا تأثير ذلك سلبيا على الاستمرار في توسيع صفوف الاتحاد الأوروبي لان بعض قيادات الدول الأوروبية الكبيرة ولاسيما ألمانيا وفرنسا ربطت بين إقرار هذه الاتفاقية وبين التوسيع اللاحق للاتحاد الأوروبي.

واعتبر توبولانيك الاتفاقية بأنها مثيرة للجدل وأن إقرارها سيخفض إمكانيات تحقيق تشيكيا مصالحها القومية داخل الاتحاد غير أن رفضها بالمقابل لن يمكنها من تحقيق هذه المصالح على حد قوله. كما دعا النواب إلى عدم السماح بإلحاق عار جديد بتشيكيا بعد العار الأول الذي تمثل بإسقاط حكومته خلال الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي. هذا وقد رحب رئيس المفوضية الأوربية جوزيه باروسو بمصادقة مجلس الشيوخ معربا عن ثقته بان الرئيس كلاوس سيصادق عليها لاحقا من دون تأخير.