حلقات التغيير التي تهيأ، واستعد لها الرأي العام الأردني خلال الأسابيع القليلة المقبلة ظلت وراء ستار وحبيسة ذهن عاهل الأردن الذي كشف عن quot;أزمة إتصال عميقةquot; على المستوى السياسي والدبلوماسي مع ساسة إسرائيل، حين خاطب الإسرائيليين عبر صحيفة هناك مسترسلا في إشارات ومناصحات وتحذيرات، ربما تكون سببا في عدم إقدام عاهل الأردن حتى اللحظة على أي تغييرات في بلاده، الى جانب إشارات بالغة السوء في الإقليم، إلا أن المعلومات الرائجة في عمان مفادها أن الأسبوع المقبل سيشهد قرارا ملكيا نهائيا بشأن مصير وزارة الذهبي التي تنتظر أمرا بالإستمرار أو الرحيل من لدن عاهل الأردن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بات واضحا في العاصمة الأردنية عمان أن حكومة المهندس نادر الذهبي لا تزال في وضع التجميد بانتظار معرفة مصيرها سياسيا بعد أن أرهقتها عشرات التسريبات التي احتفلت خلال الأسبوعين الماضيين بقرب رحيلها، وهو الأمر الذي لا يزال مرجحا رغم بروز مقترح جديد داخل حلقات النقاش الضيقة جدا في قمرة القيادة العليا تسمح للذهبي المرفق تحت لافتات وعناوين ملفات وأزمات عدة أن يعطى فرصة حتى نهاية العام الحالي تقوم حكومته خلالها بتمرير مشروع الموازنة السنوية العامة للدولة الأردنية للعام المقبل، التي كشفت عن عجز يصل الى نصف المليار دينار أردني، كما تقوم الحكومة بالإشتباك مع البرلمان الذي سيعاود إنعقاده في الأول من كانون الأول (ديسمبر) المقبل لتمرير عدة مشاريع قوانين يقوم البرلمان بتعطيلها بغية توقيع عدة تعديلات عليها، وهو الأمر الذي تتجنبه الحكومة، وكل هذا السيناريو يهدف أساسا الى إطالة عمر وزارة الذهبي عبر تعديل وزاري قد يكون موسعا، بيد أن التعديل الوزاري ndash;إن تقرر- فإنه سيكون لعدم تمكن عاهل الأردن من تجهيز بديل سياسي مقنع وقادر على المناورة، وتقديم حلول quot;فدائيةquot; للمرحلة المقبلة التي يتعين على عمان خلالها التورط خلافا لرغبتها في مسائل لها علاقة بهزات وخضات سياسية ستقع في الإقليم خلال الأشهر المقبلة.

ووفقا لمعلومات quot;إيلافquot; فإن العاهل الأردني غير متحمس أبدا لإبقاء وزارة المهندس الذهبي، وأنه يميل بحكم متابعته للمشهد الداخلي من مناظير مختلفة الى إقصاء وزارة الذهبي، وجلب رئيس وزراء إنتحاري يستطيع أن يأخذ على عاتقه الإقدام على توقيع قرارات موسومة هنا في الداخل بأنها quot;غير شعبيةquot;، لكنها ضرورية للغاية لتصويب مجموعة من الإختلالات في المشهد السياسي الأردني الراهن، إذ تشير معلومات quot;إيلافquot; الى أن عاهل الأردن كان قد التقى بضع شخصيات سياسية أردنية الأسبوع الماضي، إلا أن الحديث مع تلك الشخصيات لم يقتصر على مسألة التغيير، بل ذهب الى حد تلقي عاهل الأردن مناصحات حول الشأن العام على المستوى الوطني، وسمع انتقادات قوية جدا لوزارة الذهبي، بيد أن أحدهم اعتذر عن القبول بفكرة تأليفه لوزارة جديدة، قبل أن يعطى التفويض لعلاج العديد من مشاهد الخلل في تركيبة المشهد الوطني داخليا.

والى جانب ذلك كله تأجل التغيير نظريا الى آخر العام الحالي بسبب الإشتباك غير المعلن بين الأردن وإسرائيل تحت لافتات ومسائل عدة، فقد اختار العاهل الأردني صحيفة quot;هآرتسquot; الإسرائيلية ليدلي إليها بمقابلة سياسية مهمة جدا بدت طبيعتها كما نشرت اليوم بأنها قد صممت بطريقة تخاطب الرأي العام الإسرائيلي، لتحذيره من تصلب قادته من الساسة والعسكر في مسائل سياسية حيوية تخص الصراع السياسي في منطقة الشرق الأوسط، فقد حذر العاهل الأردني من النتائج التي قد تترتب على التجاوزات والمخالفات الإسرائيلية في المدينة المقدسة، محذرا من اشتعال صدامات جديدة تؤدي الى إنهيار عملية السلام برمتها في منطقة الشرق الأوسط، علما أن معركة دبلوماسية حامية الوطيس تدور رحاها بصمت مطبق بين الأردن وإسرائيل فقد أعلن في العاصمة الأردنية الأسبوع الماضي أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ترأس أمس على نحو مفاجئ إجتماعا طارئا لمجلس السياسات الوطني الذي يلتئم عادة حين يكون صاحب القرار السياسي الأول بحاجة الى تصورات وتقديرات للموقف إستباقا لقرارات مهمة سيصدرها لاحقا، بيد أن إعلام القصر الملكي الذي يتولاه المستشار أيمن الصفدي قد ناول الوكالة الرسمية للأنباء (بترا) خبرا مقتضبا جدا حول فحوى ما دار في اجتماع مجلس السياسات الذي تضمن نقدا للعبث الإسرائيلي المتصاعد في مدينة القدس الشرقية التي تحوي الأماكن المقدسة والتي يتولى رعايتها الحكومة الأردنية، مطالبا الأخيرة بالتحرك السريع للتعاطي والتعامل مع الإجراءات والإنتهاكات الإسرائيلية الأخيرة، إذ أكد عاهل الأردن أن القدس ستبقى أولوية أردنية هاشمية، وسيظل الأردن معنيا الى أبعد حد في كل ما يدور في المدينة المقدسة.