عمان- روما: عبر مسلمو الاردن السبت عن خيبة املهم بعد كلمة القاها البابا بنديكتوس السادس عشر في اكبر مساجد المملكة لم يقدم فيها اعتذار عن تصريحات سابقة له ربطت بين الاسلام والعنف. وفيما تحدث البابا السبت عن اهمية الحوار بين الاديان وعبر عن أسفه لوجود توتر وانقسام بين اتباع مختلف الديانات في كلمته امام رجال دين مسيحيين ومسلمين في مسجد الملك الحسين بن طلال (غرب عمان)، الا انه لم يبادر الى تقديم اي اعتذار عن التصريحات السابقة.

وكان البابا القى خطابا في 11 ايلول/سبتمبر 2006 في جامعة ريغنسبورغ (المانيا) بدا فيه وكأنه يقيم رابطا بين الاسلام والعنف وتناقضا بين الاسلام والعقل، ما اثار احتجاجات وغضبا في العالم الاسلامي.

واعتذر البابا عن هذه التصريحات علنا في مناسبتين، ثم نظم لقاء استثنائيا مع سفراء الدول الاسلامية المعتمدين لدى الفاتيكان. لكن اعتذاراته ليست كافيه في نظر اسلاميي الاردن.

وقال الشيخ همام سعيد المراقب العام للاخوان المسلمين في الاردن ان quot;ما صرح به البابا حتى الآن لا يعتبر اعتذاراquot;. واضاف quot;نحن نطالب بأن يكون الاعتذار صريحا كما كانت الاساءة صريحةquot;.

واوضح ان quot;توضيحات البابا وما صرح به حتى الآن لا يعتبر اعتذارا والمطلوب اعتذار صريح عما بدر منه وان يعلن خطأه بما قاله. هذا موقفنا وموقف الكثير من ابناء الشعب الاردنيquot;.

من جهته، اكد الشيخ جمال جمعة السفريني خطيب مسجد المسيح عيسى بن مريم في مادبا (30 كام جنوب غرب عمان)، ان quot;ما تكلم به البابا لا يعبر عن اعتذار للمسلمينquot;.

واضاف الشيخ جمال جمعة السفريني الذي كان حاضرا في مسجد الملك حسين quot;كنا نتمنى ان يراعي البابا مشاعر المسلمين الذين هو ضيف لديهم (...) كنا نريد منه كلمة اعتذار واحدةquot;. واكد ان quot;الفرصة مازالت مواتية لان يعتذر عما بدر منه في السابقquot;.

من جهته، رأى الشيخ يوسف ابو حسين، مفتي محافظة الكرك (118 كلم جنوب عمان) ان quot;الكلام الذي صرح به البابا اليوم يعبر عن اعتذار ضمني وان كان ليس بالمستوى المنشودquot;. واضاف ان quot;الاعتذار المنشود هو ان يعتذر بشكل صريح بأن يقول بأن ما بدر منه لا يليق بنبي الرحمة لان الاسلام لم ينشر بقوة السيف وانما بقوة الايمانquot;.

من جانبه،اكد عامر الحافي استاذ علم اللاهوت في جامعة آل البيت صعوبة ان يقدم البابا اعتذارا صريحا للمسلمين. وقال الحافي ان quot;احد الاسباب التي تجعل من الصعب على البابا ان يقدم الاعتذار المباشر للمسلمين هي فكرة عصمتهquot;. واضاف quot;لانه رأس الكنيسة ويعمل من خلال الروح القدس، اعترافه بخطئه سيمس بفكرة رعاية الروح القدس للكنيسة ويمس بمصداقية البابا وعصمتهquot;.

الا ان الامير غازي بن محمد مستشار العاهل الاردني الملك عبد الله للشؤون الدينية اعرب خلال استقباله البابا في مسجد الملك حسين عن ارتياحه للاعتذارات السابقة. وقال الامير غازي quot;اشكر قداستكم على الندم الذي عبرتم عنه بعد المحاضرة عام 2006 (...) وعلى الايذاء الذي سببته تلك المحاضرة لمشاعر المسلمينquot;.

واضاف ان quot;المسلمين يعرفون انه ليس هناك من قول او فعل في هذا العالم يمكن ان يسبب اي اذى لرسول اللهquot;.

واكد الامير غازي ان quot;المسلمين قدروا بصورة خاصة التوضيح الذي صدر عن الفاتيكان بأن ما قيل فيها لا يعكس رأي قداستكم الشخصي وانه كان مجرد اقتباس من محاضرة اكاديميةquot;.

واوضح ان quot;هذه الزيارة رسالة واضحة عن ضرورة الوئام والانسجام بين الاديان والاحترام المتبادل في العالم المعاصر وبرهان ملموس على استعداد قداستكم للقيام بدور قيادي في هذاquot;.

الفاتيكان: توضيحات البابا كافية

قال المتحدث الرسمي باسم الفاتيكان الأب فريدرك لومباردي اليوم أن توضيحات البابا حول الإسلام كانت كافية لتوضيح حقيقية موقفه من الإسلام .
وجاء كلام لومباردي خلال مؤتمر صحافي لمناسبة دخول زيارة البابا للأردن يومها الثاني، ردا على سؤال حول مطالب زعماء دين مسلمين والأخوان المسلمين في الأردن للبابا بالاعتذار عن هذه التصريحات.

وقال لومباردي quot;مر على تلك التصريحات فترة طويلة وعلينا أن ننظر إلى الخطوات التي أعقبت تلك التصريحات مثل توضيح البابا مرتين لهذه التصريحات وتأكيده أنها كانت اقتباس، كذلك لقائه مع سفراء الدول الإسلامية لتوضيح هذا الأمر والزيارة التي قام بها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز للفاتيكان عام 2007 .. كان هناك العديد من الخطوات التي قام بها البابا لتأكيد حقيقة موقفه من الإسلام quot;.

وكان الحبر الاعظم عبر الجمعة في مستهل زيارته الاولى الى الاردن منذ توليه السدة البابوية، عن احترامه quot;العميق للمجتمع الاسلاميquot; واكد ان الحوار بين الاديان السماوية الثلاثة quot;مهم جدا من اجل السلامquot;.

يشار الى ان مسجد الحسين بن طلال هو ثالث مسجد يزوره حبر اعظم بعد زيارة بنديكتوس السادس عشر الى المسجد الازرق في اسطنبول في 2006 وزيارة سلفه البابا يوحنا بولص الثاني الى المسجد الاموي في دمشق في 2001.

البابا لم يخلع حذاءه في مسجد الحسين بن طلال

من جهة اخرى، قال الأب فريدرك أن البابا لم يخلع حذاءه عند زيارته لجامع الحسين بن طلال في عمان كما انه لم يصل صلاة مسيحية داخل المسجد بل وقف وقفة تأمل في مكن مخصص للصلاة.

وأضاف لومباردي quot; تهيأنا جميعاً لخلع أحذيتنا عندما أصبحنا أمام مدخل المسجد وتهيأ البابا لذلك لأننا نعلم أن خلع الحذاء من علامات احترام المسجد ولكن مضيفينا لم يقوموا بأي شيء يدل على انه يجب أن نخلع أحذيتنا بل على العكس قادونا إلى داخل المسجدquot;.

وقال لومباردي أن هناك مسارات داخل المسجد مشى عليها البابا أثناء جولته في المسجد التي رافقه فيها الأمير غازي بن محمد والمهندس الذي قام بتصميم المسجد. ونفى لومباردي أن يكون البابا قد قام بتأدية صلاة مسيحية في المسجد وقال ان البابا وقف وقفة تأمل ودعاء في مكان مخصص للصلاة في المسجد.

وزار بنديكتوس السادس عشر المسجد الذي بني لتخليد ذكرى الملك الراحل حسين بن طلال في خطوة وصفت بانها جاءت لتأكيد احترام البابا للإسلام.