تؤكد مجلة quot;التايمquot; الأميركية أن quot;العقوبات الأشدquot; التي تفكر أميركا وحلفاؤها في فرضها على طهران للضغط عليها بشأن برنامجها النووي قد لا تعمل إلا على تقوية شوكة الرئيس الإيراني quot;المتشددquot; وكذلك الحرس الثوري، الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز قوة النخبة الموجودة في البلاد على الصعيدين السياسي والاقتصادي، في وقت تدلل المؤشرات على تحكم الحرس الثوري في كثير من مجريات الأمور الإقتصادية في إيران، حتى أنه يحكم قبضته على السوق السوداء.


في وقت ما زالت تشغل فيه الأزمة النووية الإيرانية مجرى الأحداث على الساحة العالمية، وبالتزامن مع التصريح المثير الذي أدلت به اليوم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على أن المجتمع الدولي لن يصبر على إيران للأبد كي تبدي استعدادها للوفاء بالتزاماتها الدولية، تعد مجلة quot;التايمquot; الأميركية تقريرًا تحليليًا مطولاً تنقل فيه تحذيرات خبراء من أن العقوبات الأشد التي تفكر أميركا وحلفاؤها في فرضها على طهران للضغط عليها بشأن برنامجها النووي قد لا تعمل إلا على تقوية شوكة الرئيس الإيراني المتشدد وكذلك الحرس الثوري، الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز قوة النخبة الموجودة في البلاد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

وتمضي المجلة لتؤكد الدور البارز الذي يلعبه الحرس الثوري في كافة جوانب الاقتصاد الإيراني، من المصارف إلى الصناعة التحويلية إلى قطاع النفط، في الوقت الذي يعتقد أن له دورًا أيضًا في تسيير السوق السوداء بالبلاد. وترى المجلة ndash; وفقًا لرأي الخبراء ndash; أن فرض عقوبات قاسية على إيران تؤدي إلى إصابتها بالعزلة عن باقي دول العالم قد تزيد من إحكام الحرس الثوري على مجرى الأمور الاقتصادية في البلاد. وتنقل المجلة في هذا الشأن عن علي رضا نادر، الخبير الإيراني في مؤسسة راند قوله :quot; يرتبط الحرس الثوري بكثير من الشركات التي تستثمر في الاقتصاد المحلي. ويمكنك الاستناد إلى الحجة التي تقول إنك إذا ما قمت بتخويف المستثمرين الأجانب، فإنك تعمل بذلك على تقوية شوكة الحرس الثوريquot;.

وتشير المجلة إلى التحذيرات التي سبق وأن أطلقتها واشنطن وعدد من البلدان الأوروبية بشأن إمكانية فرض عقوبات أكثر صرامة ما لم تسفر المفاوضات مع إيران هذا الشهر عن تحقيق نتائج إيجابية. وتلفت كذلك لتزايد النداءات من داخل الكونغرس الأميركي لفرض مزيد من العقوبات، بما في ذلك احتمال فرض حظر على صادرات البنزين لإيران. ووسط هذا كله، لم تستبعد المجلة احتمالية تؤثر الكيان التجاري والاقتصادي للحرس الثوري بالعقوبات، غير أنها أكدت على الدور الذي قد تقوم به أيضًا ( العقوبات ) في زيادة نفوذ وتوسع الحرس في الاقتصاد. وهنا، تشير المجلة إلى أنه ووسط حملة الخصخصة التي تشهدها إيران خلال السنوات الأخيرة، فازت الشركات المرتبطة بالحرس الثوري بعشرات المليارات من الدولارات من خلال عقود حكومية لم تجرى عليها مناقصات تحت مظلة الرئيس أحمدي نجاد.

وتنتقل المجلة لتشير إلى كم من المشاريع التي يسيطر عليها الحرس الثوري، بما يعكس دوره الفعال في الاقتصاد المحلي، ومنها العديد من الأرصفة البحرية والموانئ، وتلك الصفقة التي قام بموجبها كونسورتيوم اعتماد مبين ( الذي تربطه علاقات بالحرس الثوري ) بشراء حصة نسبتها 50 % من شركة للاتصالات تمت خصخصتها مؤخرًا، وقُدِرت قيمة الصفقة بـ 7.8 مليار دولار. في حين يؤكد الخبراء في المقابل على أن القوة الثورية تعطي موافقتها الضمنية أيضًا على دخول قدر كبير من البضائع المهربة التي تحظرها أميركا إلى داخل إيران ndash; بالإضافة لدورها في تهريب الكحوليات والمخدرات إلى السوق السوداء. وفي حالة فرض عقوبات، يرى الخبراء أن ذلك سيؤدي إلى زيادة رواج الاقتصاد الخفي وتوجيه مزيد من الأموال لعناصر الحرس.

يقول جواد صالحي الأصفهاني، الخبير الاقتصادي في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا والباحث الزائر في معهد بروكنغز :quot; سيحققون مزيدًا من السيطرة على ما يحصل داخل إيران. وهو ما سيمكنهم ويعزز من قوتهمquot;. في حين تشدد المجلة على أن تنامي قوة الحرس الثوري من الناحية الاقتصادية سيكون له دور أيضًا في تنامي نفوذه السياسي. وفي سياق حديثه عن المنافسة الاقتصادية القائمة بين النخبة التقليدية والنخبة الجديدة التي يهيمن عليها الحرس الثوري، عاود رضا نادر ليؤكد قائلاً :quot; إن الانقسامات التي تراها الآن في إيران تحدث على وجه الخصوص نتيجة تخوف رجال الدين من الحرسquot;. وفي النهاية، يقول مايكل جاكوبسون، الخبير في فرض العقوبات بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى :quot; لم يكن الغرض العام عزل إيران تمامًا، بل لتجميع تكلفة القيام بالأعمال. وهذا هو الهدف الأكثر واقعية، والممكن إنجازه بشكل أكبرquot;.