فيما باشر الرئيس العراقي جلال طالباني مباحثات مع الأطراف المعنية حول قانون الإنتخابات قبيل اجتماع المجلس السياسي الأعلى للأمن الوطني غداً لمناقشة تعديلات القانون فقد دعا نائب الرئيس طارق الهاشمي إلى الإتفاق على القضايا الخلافية حولها وترك قضية كركوك المختلف عليها حالياً لانها ستأخذ وقتا طويلاً بينما رفض اجتماع للأحزاب الكردية تجزئة المدينة الى دوائر إنتخابية او استثنائها من الانتخابات العامة فيما دعا التركمان إلى تمثيلهم في المجلس السياسي الذي يضم العرب والأكراد وحدهم.. في الوقت الذي توجه الى طهران وفد رسمي عراقي يترأسه وزير الموارد المائية عبد اللطيف رشيد لبحث استثمارعادل للمياه المشتركة.

لندن:

في أول رد فعل له حول ترحيل قانون الانتخابات من مجلس النواب إلى المجلس السياسي للأمن الوطني قال نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي انه ازاء الخلافات النيابية حوله فلم يكن امام رئيس مجلس النواب اياد السامرائي سوى اتخاذ قرار الترحيل quot;على الرغم من أن قرارات المجلس السياسي غير ملزمة لكنه يشكل منتدى سياسيا يضم قادة الكيانات السياسية وسبق له ان تعامل مع قضايا مصيرية من هذا العيار ووفق بها واعتقد أن المجلس السياسي للأمن الوطني سيتوصل إلى حل توفيقي بشأن ما اختلف عليه أعضاء مجلس النواب ومن بينها مشكلة كركوكquot; التي تمثل عقدة الخلافات كما قال في تصريح صحافي تسلمته quot;ايلافquot; اليوم.

واشترط الهاشمي ان لا يركز المجلس السياسي على مشكلة كركوك وإنما على تشريع قانون انتخابات بأسرع وقت ممكن على اعتبار quot;ان قضية كركوك ستأخذ وقتا طويلا حتى يضع العراقيون حلا توفيقيا يرضي الجميعquot;. واشار الى ان quot;المشكلة اليوم هي ليست مشكلة كركوك وحسب إنما هي مشكلة تشريع قانون جديد للانتخاباتquot;. والمجلس السياسي هو اعلى سلطة في البلاد وتشكل عام 2006 ويضم في عضويته رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ونائبيه ورئيس مجلس النواب ونائبيه ورئيس اقليم كردستان ورئيس المجلس الاعلى للقضاء العراقي و رؤساء الكتل النيابية الكبرى لكن قراراته غير ملزمة التنفيذ رسميا.

ومن جانبه باشر الرئيس طالباني مباحثات حول القانون مستبقا اجتماع المجلس السياسي المقرر غدا حيث اجتمع مع قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ريموند اوديرنو يرافقه روبرت فورد نائب السفير الأميركي لدى العراق وعدد آخر من أركان السفارة.

وتم خلال الاجتماع بحث quot; مجمل التطورات السياسية والأمنية لاسيما الاستعدادات الجارية للانتخابات التشريعية القادمة في العراق والحراك السياسي الحالي بشأن قانون الانتخابات ومواقف الكتل السياسية تجاهه كما تمت مناقشة مسألة كركوك ايضاquot;. وأكد طالباني أهمية هذه الانتخابات واصفا إياها بالمصيرية و شدَّد على ضرورة إجرائها في موعدها المقرر كما نقل عنه بيان صحافي رئاسي الى quot;ايلافquot;. واشار الى بدء الاتصالات التي سيجريها مع الاطراف السياسية من أجل إزالة العراقيل التي تقف بوجه اقرار قانون الانتخابات. من جهته اكد الجنرال اوديرنو اهمية الوصول الى حلول مقبولة للمشاكل التي تعيق مجمل العملية السياسية.

كما بحث طالباني مع رئيس مجلس النواب إياد السامرائي آخر التطورات في العملية السياسية والانتخابات التشريعية القادمة التي من المقرر إجراؤها مطلع العام القادم حيث تمت مناقشة مواقف الكتل النيابية تجاه قانون الانتخابات والصعوبات التي تحول دون إقراره. وأشار طالباني في تصريح صحافي عقب اللقاء إلى أنه بحث مع رئيس مجلس النواب quot;كيفية العمل المشترك من أجل اجراء هذه الانتخابات كي لا تتعطل المسيرة الديمقراطيةquot;.

من جانبه اوضح السامرائي انه اطلع طالباني quot;بالدواعي التي جعلتنا نطلب منه دعوة المجلس السياسي للأمن الوطني للاجتماع وأهمية أن تتحمل الكتل السياسية مسؤوليتها في هذا المجال.quot; واضاف أنه تم خلال اللقاء تداول بعض الافكار بخصوص العقبات التي تحول دون اقرار قانون الانتخابات وطبيعة المشكلات المطروحة ومواقف الكتل السياسية منها. وقال quot;نحن مطمئنون بعد هذا اللقاء انه سيكون بالإمكان معالجة الموضوع بصيغة مرضية للجميع.quot;

ومع قرب انعقاد المجلس السياسي غدا لاتخاذ موقف من تعديلات القانون واعادتها لمجلس النواب للتصويت عليه يوم الاثنين كما هو معلن رسميا فقد بدأت القوى السياسية تصعيد مواقفها إزاء هذه القضية وبشكل يتخذ منحى متشددا يكرس الخلافات التي نشأت داخل مجلس النواب وافشلت ثلاث محاولات للتصويت على القانون الاسبوع الحالي وهو ما يؤشر انتقالا للتناحر حتى داخل المجلس السياسي للقادة العراقيين.

فقد طالب النائب التركماني فوزي أكرم ترزي بحضور ممثلين عن التركمان أثناء مناقشة المجلس السياسي لقانون الانتخابات الذي يخلو منهم. وشدد على انه quot;لا يمكن مناقشة قضية حساسة وشائكة ومعقدة مثل قضية كركوك بغياب التركمان القومية الأساسية الثالثة في العراقquot;. اما على الجانب الكردي فقد ترأس مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان اجتماعا في اربيل لممثلي جميع الأحزاب والكيانات الكردستانية المسجلة لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق بحثت خلاله العملية الانتخابية ومسألة كركوك بالإضافة الى مشروع قانون الانتخابات المقترح في مجلس النواب العراقي.

وطالبت هذه الاحزاب في ختام اجتماعها بإجراء الانتخابات في كركوك تزامناً مع باقي المحافظات العراقية ومن دون استثناء. واكدت في بيان لها الليلة الماضية رفضها تجزئة كركوك الى مراكز انتخابية متعددة وعلى أساس عرقي quot;لأن ذلك مخالف للمبادئ الديمقراطية والدستور العراقيquot;.

وعلى الجانب العربي فقد أعلن حسان حمد دهام الجبوري القيادي في الجبهة العراقية للحوار الوطني وعضو هيئة الرئاسة في المجلس السياسي العربي في كركوك أن العرب سيقاطعون الانتخابات البرلمانية المقبلة في حال عدم منح المدينة وضعا خاصا في ظل ما وصفها بالزيادة الكبيرة الحاصلة في عدد الناخبين فيها. واضاف في مؤتمر صحافي في كركوك ان العرب غير مستعدين لخوض انتخابات هي محسومة سلفا لصالح الأكراد موضحا أن quot;عدد الناخبين في عام 2004 كان 360 ألف ناخب أما الآن فإن عددهم يتراوح بين 825 و850 ألف ناخب. وطالب الجبوري الإدارة الأميركية والأمم المتحدة بالتدخل لحل أزمة كركوك منتقدا المعارضة التي تبديها الأطراف الكردية لمسألة توزيع المقاعد النيابية لمكونات كركوك.

وتعد مشكلة كركوك العقبة الاكبر امام تمرير قانون الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في السادس عشر من كانون الثاني (يناير) المقبل. ويطالب العرب والتركمان بتحديث سجل الناخبين في هذه المدينة التي يطالب الاكراد بضمها الى اقليم كردستان بدعوى ان هناك زيادة كبيرة في اعداد الاكراد. بينما يطالب الاكراد بإلحاق كركوك باقليم كردستان في حين يعارض التركمان والعرب ذلك. ويبلغ عدد سكان المدينة حوالى مليون نسمة هم خليط من التركمان والاكراد والعرب مع اقلية كلدواشورية؟

وقد أعربت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) عن قلقها إزاء تأخير إقرار تعديلات القانون وقالت ان ذلك quot;يؤدي بشكل كبير إلى تعطيل الجدول الزمني والتحضيرات للانتخابات الوطنيةquot;. وأكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم في العراق آد ميلكيرت quot;إن عامل الوقت هو في غاية الأهمية وأن أي تأخير إضافي في المصادقة على التعديلات والإطار القانوني سيؤثر سلبا في الجدول الزمني الحالي للانتخابات ومصداقية العملية الانتخابيةquot;. وأضاف أنه quot;ينبغي الآن أن يرقى أعضاء البرلمان إلى مسؤوليتهم الجماعية لتلبية تطلعات الشعب العراقي في ممارسة حقه في الاختيار أثناء الانتخابات ومن المهم الإقرار بضرورة التركيز على المصلحة الوطنية وتجاوز الاعتبارات الثانوية التي قد تكون السبب وراء التعطيل الحاليquot;.

ومن جانبه اشار رئيس المفوضية العليا للانتخابات فرج الحيدري الى ان المفوضية لا تستطيع الانتظار اكثر لإقرار قانون الانتخابات داخل مجلس النواب موضحا انها بدأت اتخاذ الاجراءات الفنية واللوجستية لاجراء الانتخابات. وأضاف خلال مؤتمر صحافي في بغداد انه رغم عدم الغاء او تعديل قانون الانتخابات لعام 2005 فإن بعض المطالبات الشعبية والنيابية اضافة الى المرجعيات تدعو الى ضرورة اعتماد القائمة المفتوحة في التصويت مطالباً البرلمان بمضاعفة جهوده اذا اريد اجراء الانتخابات في موعدها الدستوري المقرر في السادس عشر من كانون الثاني (يناير) المقبل بكل شفافية ونزاهة ووفقاً للمعايير الدولية.

وازاء هذه التعقيدات فإن الانتخابات التشريعية المقبلة تبقى معرضة الى التأجيل وهو امر سيدخل البلاد في تداعيات سياسية خطرة سيحاول الفرقاء تجنبها من خلال وضع حلول توفيقية باستثناء كركوك منها رغم الاعتراضات القوية للاكراد على ذلك او اعتماد قانون الانتخابات لعام 2005. وهو ما يعني البقاء على نظام القائمة المغلقة في التصويت الامر الذي تعارضه المرجعية الشيعية العليا بقيادة السيد علي السيستاني وتقف ضده الكثير من القوى السياسية ما سيؤثر سلبافي مشاركة العراقيين في الانتخابات التي سينبثق منها مجلس نواب جديد يختار مجلس رئاسة وحكومتين جديدتين.

وزير المياه يصل إلى طهران بحثاً عن استثمار عادل للمياه المشتركة

وصلالى طهران اليوم وفد رسمي عراقي يترأسه وزير الموارد المائية عبد اللطيف رشيد لبحث ملف المياه المشتركة واستخداماتها من قبل البلدين. وقال الوزير قبيل مغادرته بغداد ان الوفد العراقي سيجري مباحثات تفصيلية مع الجانب الإيراني حول المياه المشتركة وكذلك التركيز على أهمية زيادة الإيرادات المائية في الروافد والأنهر التي تنبع من داخل الأراضي الإيرانية وتصب في نهر دجلة حيث إن كميات المياه في هذه الروافد والأنهر تناقصت بشكل كبير نتيجة قيام ايران ببناء عدد من المنشآت عليها.

واضاف ان أغلب الأنهر تم قطع المياه عنها أو تحويل مجاريها إلى داخل الأراضي الإيرانية، وخاصة نهر الكارون والكرخة والوند، ما اثر بشكل سلبي على كمية ونوعية المياه وزيادة نسبة الملوحة في مياه شط العرب وكذلك تأثيراتها على الأراضي الزراعية ومياه الشرب في محافظة البصرة والمناطق الأخرى، إضافة إلى الأضرار الصحية والبيئية المختلفةquot;. واكد ان العراق يسعى وبشكل جدي من خلال الاتصالات والمباحثات المكثفة إلى التوصل لتوقيع اتفاقيات ملزمة مع تركيا وسوريا وإيران من اجل حصول العراق على حصته العادلة والمنصفة من المياه المشتركة.

واشار الى ان المباحثات مع الجانب الايرانquot;تعد في غاية الاهمية بعد انقطاع المباحثات التفصيلية لسنوات طويلة وهي تأتي ضمن نهج وسياسة الوزارة في استمرار وتكثيف الاتصالات مع دول الجوار quot;تركيا وسوريا وايرانquot; بشأن حصول العراق على حصة عادلة ومنصفة من المياهquot;. واوضح ان العراق يشترك مع الجارة ايران بعدد كبير من الانهر والروافد تنبع من الاراضي الايرانية وتصب في نهر دجلة والتي اغلبها تم قطع المياه عنها او تحويل مجاريها الى داخل الاراضي الايرانية وخاصة بما يتعلق بنهر الكارون والكرخة والوند ما اثر بشكل كبير على نوعية المياه في شط العرب. ويشارك في المباحثات ممثلون عن هيئة المستشارين والامانة العامة في مجلس الوزراء ولجنة الزراعة والمياه والاهوار في مجلس النواب وعدد من المختصين والفنيين في اقليم كردستان.