لايزال قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعدم الترشح لولاية ثانية يتفاعل سياسيًا وإعلاميًا، ففي وقت طالبت فيهبعض الدول العربية والأوروبية عباس بالعدول عن إعلانه، قالت حركة حماس إن القرار لا يعنيها، أما حركة فتح فحملت المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركيةمسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في المنطقة.
رام الله: قال القيادي البارز في حركة حماس، الدكتور محمود الزهار إن قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عدم الترشح لولاية رئاسية أخرى هو شأن فتحاوي داخلي لا يعني حماس، لكنه اعتبر هذه الخطوة رسالة عتاب من عباس لمن وصفهم بأصدقائه الأميركيين والإسرائيليين الذين حوّلوه إلى مجرد أداة.
وأضاف الزهار أنه الأولى بعباس التوجه إلى الشعب الفلسطيني ومصارحته بفشل عملية التسوية وإعادة الاعتبار إلى خيار المقاومة واتخاذ إجراءات عملية لاستعادة الوحدة الفلسطينية وفي مقدمتها وقف الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية.
فتح: واشنطن تتحمل المسؤولية
في غضون ذلك، حمل المتحدث باسم حركة فتح د. فايز أبو عيطة المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في المنطقة، خاصة بعد أن أعلن الرئيس محمود عباس نيته بعدم ترشيح نفسه للانتخابات القادمة رئيسًا للسلطة الوطنية الفلسطينية.
وأضاف أن السياسة غير العادلة والمنحازة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأميركية في التعاطي مع القضية الفلسطينية أولاً، وصمت المجتمع الدولي عن جرائم الاحتلال ثانيًا، هو الدافع الحقيقي وراء قرار الرئيس.
وأوضح د. أبو عيطة أن على الجميع أن يعتبر مما أعلنه الرئيس في خطابه الأخير، فالإسرائيلين يجب أن يدركوا أنهم لن يجدوا فلسطينيًا واحدًا يقبل أن يكون غطاءً لسياسة الاحتلال، وعلى الإدارة الأميركية أن تدرك أنه إذا أرادت الاستمرار في دورها الريادي في المنطقة والعالم ، فعليها أن تكون راعيًا محايدًا ونزيهًا لعملية التسوية السلمية في المنطقة.
وأضاف لقد حان الوقت أن تدرك حماس التي دأبت على التشكيك في وطنية ونزاهة الرئيس، أن تدرك أن سياستها لم تصب إلا في خدمة الاحتلال وسياسته الرامية إلى إضعاف الشريك الفلسطيني ممثلاً بالرئيس محمود عباس الذي يحظى باحترام العالم، لما يتمتع به من مصداقية وشفافية، يحرج بها إسرائيل وسياساتها العدوانية اتجاه شعبنا، ولذا وجب على حماس الانحياز لمصالح شعبها.
واختتم د. أبو عيطة بالقول: إن فتح والشعب الفلسطيني يتمسكون بالرئيس عباس رئيسًا للشعب الفلسطيني، وعلى المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية تدارك خطورة الوضع في فلسطين والتعامل مع الشعب الفلسطيني وقيادته بما يكفل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
مناشدات بالعدول عن القرار
وفي سياق متصل، نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية quot;وفاquot; تقريرًا من مراسلها من القاهرة، أشارت خلاله إلى أن إعلان الرئيس عباس بعدم الترشح لاقى صدا واسعا لدى الفعاليات النقابية والشعبية والوطنية الفلسطينية في مصر، كما أن هذا الموضوع ما زال يتصدر عناوين كبرى الصحف ووسائل الإعلام المصرية.
وبحسب الوكالة الفلسطينية فقد عبر موظفو سفارة فلسطين بالقاهرة، ومندوبية فلسطين لدى جامعة الدول العربية عن حزنهم لهذا القرار، وناشدوا الرئيس عباس بالتراجع عنه، وإكمال مسيرة البناء والعطاء والازدهار، ومواصلة نضاله السياسي في سبيل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
وأعلن الدكتور بركات الفرا السفير الفلسطيني في مصر، ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية لـ'وفا' عن أن العاملين في السفارة والمندوبية يجددون البيعة للرئيس عباس، ويلتفون حول الشرعية الفلسطينية. وأوضح الفرا أن السفارة بصدد تنظيم نشاط جماهيري قريبا دعما للرئيس وتأكيدا على أن الرئيس محمود عباس هو ضمير الأمة، وحامي المشروع الوطني، وان الجماهير متمسكة به، وتعتبره مرشحها للانتخابات المقبلة.
كما جدد أبناء حركة (فتح) في مصر، اليوم السبت البيعة للرئيس محمود عباس. وقالوا في بيان صحافي: إننا نجدد البيعة والولاء للرئيس أبو مازن قائدًا ورئيسًا ورمزًا للشرعية والوطنية الفلسطينية، ونؤكد دعمنا له بتمسكه بالثوابت الوطنية. وكرر أبناء وكوادر فتح في مصر مطالبتهم لعباس بالعدول عن قراره بعدم الترشيح للرئاسة ضمانًا للمشروع الوطني الفلسطيني. كما قالت quot;وفاquot;.
بيريز: لا تنسحب يا محمود عباس
أما إسرائيل التي فضلت في البداية الصمت، فقد خرجت عن صمتها، وأعلنت أنها تأمل بقاء عباس في منصبه، حيث دعا الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز مساء السبت عباس الى البقاء في السلطة وذلك امام نحو عشرين الف اسرائيلي تجمعوا في تل ابيب احياء لذكرى اغتيال رئيس الوزراء السابق اسحق رابين. وقال الرئيس الاسرائيلي امام تجمع في المكان الذي قتل فيه اسحق رابين قبل 14 سنة quot;اننا الاثنان وقعنا اتفاقات اوسلو، واخاطبك (يا محمود عباس) كزميل: لا تنسحبquot;.
وكان بيريز يشير بذلك الى اتفاقات الحكم الذاتي الفلسطيني التي جرى التفاوض عليها في النروج ووقعها في واشنطن سنة 1993 شيمون بيريز الذي كان حينها وزير الخارجية ومحمود عباس باسم منظمة التحرير الفلسطينية بحضور اسحق رابين والقائد الفلسطيني ياسر عرفات والرئيس الاميركي بيل كلينتون.
واضاف الرئيس الاسرائيلي quot;اعرف معاناة شعبك منذ خمسين سنة (...) واعرف شعبي والحكومة الاسرائيلية واقول لك ان اسرائيل تريد سلاما حقيقيا (...) قد تحمل السنة المقبلة معها استقلال الشعب الفلسطيني (...) قد تكون السنة المقبلة حاسمة، ان الامر منوط بكم وبناquot;.
تعليق خجول من الإدارة الأميركية
وكان البيت الأبيض استقبل قرار عباس بالقول إن عباس كان شريكًا حقيقيًا في عملية السلام، ورفض روبرت جيبس - الناطق باسمه - الإجابة عن سؤال حول مدى تأثير قرار عباس في الجهود المستقبلية للتوصل إلي سلام موضحًا أن واشنطن تتطلع إلي مواصلة العمل مع عباس بغض النظر عن إعلانه رغبته في عدم الترشح لانتخابات الرئاسة الفلسطينية المقبلة.
وفي بيان لها أعلنت هيلاري كلينتون - وزير الخارجية الأمريكية - إنها ترغب في مواصلة العمل مع عباس في أي منصب سوف يشغله مضيفة أن رئيس السلطة الفلسطينية كان يلتزم في كل مرة مجددًا بالتوصل إلى حل الدولتين لشعبين.
ويذكر أن محمود عباس أعلن مساء الخميس المنقضي عدم رغبته في الترشح لولاية رئاسية جديدة، معربًا عن أسفه للطريق المسدود الذي وصلت إليه المصالحة الفلسطينية مع حركة حماس ومحادثات التسوية مع الحكومة الإسرائيلية.
التعليقات