وسط خلافات وانسحابات صوت مجلس النواب العراقي اليوم ضد نقض نائب الرئيس طارق الهاشمي لقانون الانتخابات رافضا الاستجابة لمطاليبه ومهيئا بذلك لنقض ثان من المؤكد انه سيمارسه في وقت لاحق كما صوت المجلس لصالح احتساب اصوات عراقيي الخارج مع محافظاتهم الاصلية واحتساب نسبة الزيادة السكانية في المحافظات العراقية 2.8% في كل عام استجابة لمطالب الاكراد الذين هددوا بمقاطعة الانتخابات التي اصبح من المؤكد انها ستؤجل نظرا لرفع الجلسات الى الثامن من الشهر المقبل .

لندن: في جلسة لمجلس النواب حضرها 190 نائبا من مجموع 275 هم مجموع نواب المجلس فقد تم التصويت ضد نقض الهاشمي والموافقة على احتساب اصوات المهجرين مع محافظاتهم الاصلية من دون الموافقة على زيادة حصة مقاعد عراقيي الخارج من 5% التي نص عليها القانون الى 15% كما يطالب الهاشمي الذي يتوقع ان ينقض القانون من جديد في وقت لاحق . كما وافق المجلس على طلب الاكراد بزيادة نسبة السكان في المحافظات بنسبة 2.8% بعد ان اشتكوا من قلة النسبة التي منحت لمحافظاتهم الشمالية الكردية الثلاث اربيل ودهوك والسليمانية . وقد دفعت الموافقة على هذه المادة بخمسين نائبا عربيا وتركمانيا الى الانسحاب من الجلسة وهم يمثلون جبهة التوافق والكتلة العراقية وجبهة الحوار بالإضافة إلى بعض النواب الصدريين .

وفي ثلاثة مؤتمرات صحافية متتالية لممثلي الكتل واللجان النيابية فقد ظهرت خلافات كبيرة بين النواب ستحول دون اتفاق قريب الامر الذي سيؤخر اجراء الانتخابات عن موعدها المقرر في 18 كانون الثاني (يناير) المقبل . وقال رئيس اللجنة القانونية بهاء الاعرجي انه تم انهاء مشكلة القانون اليوم بالمساواة بين العراقيين في الداخل والخارج مشيرا الى ان نقضا ثانيا للهاشمي لن تكون له اي اهمية . وقال ان الانتخابات قد تؤجل اياما قليلة . أما رئيس كتلة التحالف الكردستاني فقد رحب بزيادة عدد السكان لإنصاف حصص المحافظات الكردية حيث سيؤدي التعديل الى زيادة مقاعدها في البرلمان . واشار الى رفض بعض النواب لزيادة نسبة زيادة السكان بان الاكراد لايعتبرون الموصل ضمن اقليمهم ولذلك ليست لهم مطامع فيها . اما النائب العربي عن الموصل اسامة النجيفي فقد اعتبر التصويت على زيادة نسبة السكان غير دستورية لانها ستاخذ من مقاعد محافظات الموصل وكركوك وصلاح الدين وتمنحها الى الاكراد واضاف ان التعديلات الجديدة سيتم نقضها ايضا .

وقد رفع مجلس النواب جلساته الى الثامن من الشهر المقبل وهو موعد سيؤجل الانتخابات بالتأكيد لانه في حال نقض الهاشمي للتعديلات مجددا فان هذا النقض يجب ان يعود الى المجلس مرة اخرى ليصوت عليه مرة اخرى وهو ماقد يتطلب ايضا اياما اخرى ستقرب موعد الانتخابات ولن تمكن من اجرائها في موعدها اضافة الى ان القانون يقضي بان تجري بعد 60 يوما من الموافقة على القانون وهو امر لن يتحقق بالتأكيد . وفي وقت سابق اليوم بعث الهاشمي الى مجلس النواب رسالة تتضمن طلبا بتوضيح عدة مسائل تتعلق بالكيفية التي سيتم فيها احتساب المقاعد التي تمثل عراقيي الخارج في البرلمان .. وفيما اذا كان المجلس يعترف بدستورية نقضه وذلك اثر التصريحات التي ادلى بها نواب وسياسيون بان النقض غير قانوني او دستوري . كما طلب الهاشمي اخيرا الاشارة الى ان وفدا نيابيا قد اجتمع به وطلب منه سحب نقضه من اجل إعطاء الضوء الاخضر لاجراء الانتخابات .

وجاءت ملاحظات الهاشمي ردا على رسالة تسلمها امس من رئيس مجلس النواب اياد السامرائي ورؤساء الكتل النيابية وهي تحمل تقديرا لمطاليبه وتفهما لها حيث عقد على الفور اجتماعا الليلة الماضية مع مستشاريه لدراستها ومعرفة ما اذا كانت تنصف فعلا عراقيي الخارج الذين طالب بزيادة نسبة تمثيلهم في مجلس النواب من 5% الى 15% . وكشفت مصادر عراقية عن تعرض نائب الرئيس العراقي لضغوط اميركية للتخلي عن نقضه فيما شوهد السفير الاميركي كريستوفر هيل امس يتنقل بين اروقة مجلس النواب متصلا بالنواب ومتابعا للمناقشات من دون ان يقدم اي مقترحات جديدة .

وينص المقترح الذي حملته الرسالة على ضمان تصويت المهاجرين العراقيين في خارج البلاد لصالح محافظاتهم الاصلية وتقسيم المقاعد التعويضية البالغة خمسة بالمائة بواقع ثمانية مقاعد للاقليات و16 مقعدا لصالح الكتل الفائزة بأكثر عدد من الاصوات في الانتخابات البرلمانية المقبلة بالاضافة الى تحديد نسبة ثابتة للزيادة السكانية في كل محافظة عراقية تبلغ 2،8 عن كل عام تضاف الى سجلات الناخبين لعام 200 لتجنب مقاطعة الاكراد للانتخابات والذين اشترطوا للمشاركة فيها زيادة نسبة 3% الى السكان بعد ان احتجوا على عدم دقة سجلات وزارة التجارة في ما يخص اعداد السكان في محافظاتهم الثلاث اربيل والسليمانية ودهوك .

وفي هذا الوقت الذي يجتهد فيه المكتب الاعلامي للهاشمي بنشر بيانات وتوضيحات وتصريحات متتالية لنائب الرئيس ومستشاريه لتوضيح وجهات نظرهم من هذا الموضوع الساخن فإن الموقع الالكتروني للهاشمي تعرض منذ امس لعملية تخريب يبدو انها تندرج ضمن الحملة الاعلامية والسياسية الدائرة بين مؤيدي ومعارضي النقض . وجاء توجيه الرسالة البرلمانية الى الهاشمي اثر فشل وفد برلماني ضم في عضويته ممثلين عن الكتل السياسية في اقناع الهاشمي امس بالتخلي عن نقضه لقانون الانتخابات اضافة الى اتصالات مكثفة به شارك فيها رئيس مجلس النواب اياد السامرائي رئيس مجلس النواب ورئيس المفوضية العليا للانتخابات فرج الحيدري .

يذكر أن مجلس النواب العراقي أقر في الثامن من شهر تشرين الثاني الحالي قانون الانتخابات البرلمانية بعد مباحثات شاقة استمرت أربعة أشهر، إلا أن بعض مواده أثارت تحفظات عدد من الكتل السياسية لاسيما ما يتعلق بكوتا الأقليات كالمسيحيين في البصرة والشبك في محافظة نينوى، إضافة إلى مقاعد المهجرين خارج العراق. ويقول الهاشمي ان قانون الانتخابات يفتقد إلى الأساس الدستوري وخصوصاً في مادته الأولى quot;ما استدعاني لنقض القانون انطلاقاً من مسؤولية مجلس الرئاسة في السهر على تطبيق الدستورquot; . واشار الى انه لم يكن امامه خيار غير ممارسة حقه الدستوري quot;وضمان تحقق العدالة والانصاف لمختلف المكونات الاجتماعية من جهة والمهجرين من جهة اخرىquot; .

وعن موقف مجلس النواب من النقض اوضح الهاشمي ان quot;هناك آليات دستورية معروفة للجميع في كيفية تعامل المجلس مع القوانين حيث بإمكانه أن يصوت بالإيجاب على المقترحات والتعديلات التي وردت في كتاب النقض أو يعدلها أو يرفضها ويعيدها مرة ثانية إلى مجلس الرئاسة من اجل دراستها واتخاذ القرار المناسب بصددهاquot; واضاف في تصريح وزعه مكتبه ان جميع الاعتراضات على نقضه للقانون لم تكن موضوعية ولم يقل احد quot;ان الهاشمي قد تجاوز القانون أو الدستور او النسبة المئوية التي منحت من مقاعد التعويض إلى عراقيي الخارج وحصة الاقلياتquot; . واوضح ان quot;ادعاءات البعض بعدم دستورية النقض قد فندت أمس في الجلسة التي عقدها مجلس النواب لمناقشة موضوع النقض والوصول الى صيغة مقبولة للمادة المنقوضةquot; التي منحت عراقيي الخارج نسبة 5% .

وازاء فشل مجلس النواب في التوصل الى حل مرض لنقض قانون الانتخابات فقد ناشدت مفوضية الانتخابات رئاسة الجمهورية الى تحديد موعد جديد للانتخابات يؤخرها عن موعدها المقرر في 18 كانون الثاني (يناير) المقبل . وينص قانون الانتخابات الحالي على أن يكون موعد الانتخابات بعد 60 يوما من مصادقة الرئاسة العراقية عليه في حين لم يتبق على الموعد سوى 56 يوما ويحتاج القانون في حال التوصل الى حل للمادة المتعلقة بالمهجرين الى العودة الى الرئاسة للمصادقة عليه ثم اعادته مجددا الى مجلس النواب وهو ما سيستغرق اياما اضافية .

ويواجه النواب العراقيون مهمة صعبة في التعجيل باتخاذ موقف من نقض الهاشمي لقانون الانتخابات مع تواصل العد التنازلي لموعد الانتخابات والتي لم يتبق عليها غير أقل من سبعة اسابيع حيث ان العجز عن حل المشكلة خلال اليومين المقبلين سيرحلها الى ما بعد عطلة عيد الاضحى ما يعني تأجيل الانتخابات بشكل مؤكد وهو ما يحذر منه القادة العراقيون. وقد خصص قانون الانتخابات الذي اقره النواب في الثامن من الشهر الحالي ثمانية مقاعد للاقليات خمسة منها للمسيحيين وواحد لكل من الصابئة والشبك والايزيديين وثمانية للعراقيين في الخارج من اصل 323 مقعدا هي عدد مقاعد البرلمان المقبل .

ويعطي الدستور العراقي لمجلس الرئاسة الذي يضم رئيس الجمهورية ونائبيه حق النقض مرتين لاي قانون يقره مجلس النواب . ومن شروط المصادقة الرئاسية على مشاريع القوانين المصادق عليها برلمانيا الإجماع وبالتالي فإن من حق أي عضو في المجلس نقض أي قانون. وهناك موعد نهائي او قيد دستوري اخر وهو ضرورة اجراء الانتخابات قبل نهاية كانون الثاني .