واصل وزراء البيئة في العالم مفاوضاتهم للتوصّل إلى اتفاقية تدشّن عهدًا جديدًا في مكافحة التغيّر المناخي خلف أبواب مغلقة الأحد في الوقت الذي تواصلتفيه التظاهرات. واعتقلت الشرطة الدنماركية نحو 200 محتج في تظاهرة أخرى على هامش المحادثات، بعد يوم من عملية إعتقال واسعة للمتظاهرين. وشارك في اجتماع الأحد غير الرسمي نحو 40 من وزراء البيئة يمثلون دولاً ذات إقتصاديات وإهتمامات مختلفة بـ quot;الإتفاقية الإطارية للتغير المناخيquot; التي وضعتها الأمم المتحدة.

كوبنهاغن: يتعيّن على وزراء البيئة المجتمعين برئاسة الوزيرة الدنماركية السابقة كوني هيدغارد تحويل مسودة الاتفاق المناخي التي تواجه الكثير من المشاكل، الى اتفاق تاريخي حول التغير المناخي يمكن أن يصادق عليه نحو 120 من قادة العالم يوم الجمعة. لكن مؤتمر كوبنهاغن المستمر حتى 18 كانون الاول/ديسمبر برعاية الامم المتحدة انهى اسبوعه الاول دون تحقيق يذكر بشأن اي من المسائل الرئيسة، الامر الذي يخشى معه التوصل الى اتفاق هزيل على الرغممن حضور اكثر من 110 من رؤساء الدول والحكومات الجمعة.

الا ان كوني هيدغارد اكدت ان التقدم الذي احرز خلال الايام الستة الاولى للمؤتمر كان quot;رائعًاquot; مقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل شهرين. واضافت لوكالة الأنباء الفرنسية quot;لقد بدأت المفاوضات فعلا حول المسائل الاساسيةquot;، ولكن quot;لا تزال امامنا مهمة صعبة خلال الايام القليلة المقبلةquot;. ويعتبر بعض المعلقين ان المؤتمر هو الاهم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وينعقد المؤتمر بهدف السيطرة على انبعاثات الغازات المسببة للارتفاع الحراري والناجمة عن احتراق الفحم الحجري والنفط والغاز عبر منع حرارة الشمس من الانعكاس وحبسها وزيادة حرارة جو الارض. ويؤكد العلماء ان العالم بحاجة الى تحرك سريع وجذري خلال السنوات العشر المقبلة حتى لا ترتفع حرارة الارض بصورة تؤدي الى حدوث موجات من الجفاف والفيضانات والعواصف وارتفاع مستويات البحار، الامر الذي سيؤدي الى موجات من المجاعة والنزوح والفقر تصيب الملايين من البشر.

لكن خفض انبعاثات غاز ثاني اوكسيد الكربون تحول الى مسالة سياسية ضارية في المواجهة بين الدول الغنية والدول الفقيرة مع ظهور انقسامات في صفوف الطرفين. ويتعين على الدول ان تستخدم مصادر الطاقة بالطريقة الأكفأ أو تتحول الى استخدام الطاقة المتجددة وغير الملوثة، ولكن هذا لا يمكن ان يحصل من دون ثمن اقتصادي. ويعقد الوزراء اجتماعهم غير الرسمي الاحد مع توقف اعمال المؤتمر ليوم واحد، باعتباره يوم عطلة.

والسبت شارك اكثر من 30 الف شخص في تظاهرة ضخمة في شوارع كوبنهاغن متوجين يومًا من الضغوط التي مارسها الناشطون لحماية الارض في العديد من دول العالم. وطغت الصبغة الاحتفالية على تظاهرات كوبنهاغن على الرغم من حوادث عنف متفرقة اندلعت على الهامش. واعتقلت الشرطة مئات الاشخاص ما ادى الى اتهامها باساءة معاملة المتظاهرين.

وفي تظاهرات جديدة اليوم الاحد، اعتقلت الشرطة نحو 200 من المناهضين للرأسمالية اثناء محاولتهم اغلاق جزء من ميناء كوبنهاغن. وعدد من الذين اعتقلوا في تظاهرة اليوم التي اطلق عليها اسم quot;التحرك من اجل العدالة للمناخquot;، كانوا قد اعتقلوا السبت واخلي سبيلهم. وفي تجمع لاضاءة الشموع امام مبنى البلدية، سلم دزموند توتو حائز جائزة نوبل للسلام عريضة وقعها نصف مليون شخص الى مسؤول ملف المناخ في الامم المتحدة ايفو دي بور دعت الى عمل جذري للقضاء على التهديد الذي تمثله غازات الدفيئة.

وقال توتو امام حشد زاد عن الف شخص quot;هذه مشكلة. اذا لم نحلها، لن يبقى احد على قيد الحياةquot;. وحذر دي بور في تصريحات لوكالة فرانس برس quot;سيحدث خلاف سياسي كبير اذا لم نتمكن من التوصل الى اتفاق هذا الاسبوعquot;. وفي حال سارت الامور على ما يرام، سيختتم مؤتمر الامم المتحدة حول المناخ بمشاركة 194 بلدًا باتفاق تاريخي يصادق عليه 110 من رؤساء الدول والحكومات بحضورهم الجلسة الختامية.

ولكن ستعقد جولات اخرى من المفاوضات العام المقبل للاتفاق على التفاصيل الفنية الاساسية والتي يمكن تشبيهها بحقل مليء بالالغام السياسية. وينقسم اعضاء المؤتمر الى اربع مجموعات حول مشروع الاتفاق الجاري مناقشته تبعا لمصالح كل منها. وهذه المجموعات هي الدول النامية التي تطالب الدول الصناعية الغنية بخفض كبير وملزم لانبعاثاتها وبتمديد بروتوكول كيوتو وبمنحها مئات مليارات الدولارات لمساعدتها على مواجهة التغير المناخي.

وتضم المجموعة الثانية الدول الكبرى الناشئة التي تواجه ضغوطًا لإعلان إلتزامات طموحة بصورة طوعية، وتمثل المجموعة الثالثة الولايات المتحدة التي تقوم بمراجعة سياسات المناخ المعتمدة في عهد جورج بوش الذي رفض بروتوكول كيوتو، وتمارس ضغوطًا على الاقتصاديات الصاعدة. وهناك اخيرًا الاتحاد الاوروبي الذي يؤكد انه يتقدم الجميع في خفض الانبعاثات والوعود التي قدمها على المدى القصير لمساعدة الدول الفقيرة. ويتردد الاوروبيون في التوقيع على اتفاق قبل ان تقدّم الولايات المتحدة والدول الناشئة التزامات اكبر.