يبحث وزيرا خارجية اسبانيا وواشنطن اليوم قضية الناشطة الصحراوية أمينة حيدر، ولكن لا يتوقع المراقبون أن تأخذ حيزا كبيرا من جدول اجتماعهما المزدحم في مواضيع مركزية، في غضون ذلك، صرح وزير الاتصالات المغربي أن هذه القضية مؤامرة منهجية منظمة حاكتها الجزائر.
الرباط: يبحث اليوم وزير خارجية إسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس، مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، تطورات ملف الناشطة الصحراوية أمينة حيدر، المعتصمة والمضربة عن الطعام منذ حوالي 29 يوما في مطار quot;لانثاروتيquot; بالأرخبيل الكناري.
وتأمل مدريد، أن تمارس واشنطن، ضغطا وتأثيرا على الرباط، بعد فشل مساعيها، وذلك نظراً إلى العلاقات الجيدة التي تربط الولايات المتحدة بالمغرب، حتى يلين موقفه الرافض عودة quot;حيدرquot; إلى مدينة، العيون، كبرى مدن المحافظات الصحراوية حيث تقيم مع أسرة الناشطة. إذا لم تعتذر عن ما صدر عنها يوم 14 من الشهر الماضي، حينما رفضت في مطار quot;العيونquot; الإقرار بجنسيتها المغربية، ما حدا بالسلطات إلى سحب جواز السفر منها وإعادتها من حيث أتت، كونها تدعي الانتساب إلى جنسية دون أوراق هوية.
وتعالت أصوات في إسبانيا خلال المدة الأخيرة، وناشدت الإدارة الأميركية، القيام بوساطة بين المغرب وإسبانيا، لإيجاد مخرج من الأزمة التي فجرتها الناشطة الصحراوية والتي حارت مدريد في معالجتها أمام الرفض القاطع الذي قابلت به quot;حيدرquot; جميع الحلول والمقترحات التي عرضتها عليها من قبيل تمكينها من جواز سفر جديد ومنحها حق اللجوء السياسي، وكذا توفير إقامة ملائمة لها ولأسرتها، يل أبقت على تشددها.
وعززت الناشطة الصحراوية موقفها بتعاطف قطاعات واسعة من الرأي العام ووسائل الإعلام الإسباني لدرجة أنها لم تتورع عن توجيه انتقادات بل اتهامات صريحة للحكومة الإسبانية بالتواطؤ مع المغرب، مستغلة وضعها الإنساني كمضربة عن الطعام، والإيحاء بأنها مستعدة للتضحية بالموت في سبيل المبدأ الذي تدافع عنه، أي استقلال الصحراء عن المغرب.
ويذكر أن زيارة موراتينوس لواشنطن، كانت مبرمجة ومقررة منذ مدة، في إطار تدعيم العلاقات بين البلدين التي استعادت دفئها منذ وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض. وأضيفت قضية حيدر إلى هامش جدول أعمال المباحثات في آخر لحظة. ولا يعرف كم ستأخذ من الوقت وإلى أي مدى ستزاحم المواضيع المهمة التي ستوضع على طاولة المباحثات، خاصة أن مدريد سترأس الاتحاد الأوروبي مع مطلع السنة المقبلة، ومن المقرر أن تعقد قمة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فترة الرئاسة الإسبانية.
وكانت واشنطن، تمنعت نهاية الأسبوع الماضي، عن التدخل في أزمة حيدر باعتبارها قضية ثنائية بين المغرب وإسبانيا؛ وفي اعتقادها أن البلدين الجارين (إسبانيا والمغرب) قادران على إيجاد حل لها. وفهم الاعتذار الأميركي على أنه رغبة في النأي عن تكبير أزمة تداخلت فيها الصراعات السياسية بحقوق الإنسان. ويستبعد أن تمارس الإدارة الأميركية ضغطا واضحا وعلنيا على المغرب أو تحمله وحده مسؤولية ما وقع بل ستحث الأطراف على استئناف المباحثات لإنهاء نزاع الصحراء في أقرب الآجال
وحسب المراقبون فإن إضافة الملف إلى مباحثات كلينتون موراتينوس، يدل على الأفق المسدود الذي وصلته الاتصالات بين الرباط ومدريد، لكن ذات المراقبين يتساءلون عن حدود الحلول التي يمكن أن تقبلها حيدر ويرضى بها المغرب الذي جدد تشبثه بموقفه الرافض لما أسماه quot;الابتزازquot;.
إلى ذلك أقرت أمينة حيدر، أنها ناشطة سياسية كما يتهمها المغرب بالدفاع عن مواقف جبهة البوليساريو، فقد وجهت اللوم إلى إسبانيا على الموقف الذي تبنته في مجلس الأمن حين عارضت في اجتماع سابق، أن تتولى بعثة quot;المينورسوquot; الأممية، المشرفة على وقف إطلاق النار في الصحراء، إضافة إلى مهامها الأصلية، مراقبة احترام المغرب لحقوق الإنسان.
ونقل عن الناشطة الصحراوية قولها: لو مارست quot;المينورسوquot; تلك الصلاحيات، لما وجدت نفسها حيث هي الآن، في إشارة إلى أن quot;المينورسوquot; كانت ستضمن دخولها إلى المغرب. إلى ذلك، سمح المغرب أمس إلى نائبة برلمانية منشقة عن الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني بزيارة مدينة quot;العيونquot; وحمل رسالة محررة باللغة الفرنسية، أرسلتها الناشطة quot;حيدر quot;إلى أسرتها الصغيرة.
وقالت النائبة quot;روصا دييثquot; إنها عوُملت بلطف من طرف السلطات المغربية ولكنها رفضت زيارتها لناشطين صحراويين آخرين في نفس المدينة وفي سياق متصل، ساند المهاجرون المغاربة المقيمون في إسبانيا، موقف بلادهم من ملف quot;حيدرquot; من خلال بيان أصدرته جمعيتهم quot;أتيميquot;. وقبل ذلك تظاهر مغاربة لنفس الغاية على حدود مدينة مليلية التي تحتلها إسبانيا في شمال المغرب.
وزير مغربي يتهم الجزائر بحياكة قضية حيدر
في هذه الأثناء، قال وزير الاتصالات المغربي المتحدث باسم الحكومة خالد الناصري لوكالة فرانس برس الاثنين ان قضية الناشطة الصحراوية امينة حيدر المضربة عن الطعام في اسبانيا quot;مؤامرة منهجية منظمة حاكتها الجزائرquot;. واضاف الناصري في اتصال هاتفي مع فرانس برس ان quot;التوقيت يحمل دلالاتquot; والجزائر في موقع ضعف ازاء مشروع الحكم الذاتي للصحراء الغربية الذي اقترحه المغرب ورحب به المجتمع الدولي.
واعتبر الناصري ان قضية امينة حيدر quot;تلاعب بغيضquot; وان الجزائر quot;تظن انها نجحت في التوصل الى طريقة رخيصة لكسب تعاطف الراي العام الدوليquot;. واتهم الجزائر quot;بالتمسك بخطاب الحرب الباردة المبتذلquot;، وقال quot;سقط جدار برلين في اوروبا، لكن جدارا اخر تبنيه الجزائرquot; على الحدود بين البلدين.
واعتبر الناصري ان بلاده واسبانيا ضحيتان لمؤامرة quot;مكيافيليةquot; ترمي الى تحريك الراي العام الدولي مستخدمة قضية امينة حيدر. وخلص الى القول ان بلاده واسبانيا متضامنان، واكد صداقة بلاده واحترامها لاسبانيا.
واوقفت السلطات المغربية امينة حيدر (42 سنة) لدى وصولها في 13 تشرين الثاني/نوفمبر الى العيون كبرى مدن الصحراء الغربية، قادمة من جزر الكناري واتهمتها بانها رفضت quot;القيام باجراءات الشرطة العادية ونبذت جنسيتها المغربيةquot;. وابعدتها في اليوم التالي جوا الى جزر الكناري حيث تواصل منذ 16 تشرين الثاني/نوفمبر اضرابا عن الطعام مطالبة بالعودة الى العيون.
التعليقات