إفتتاح المتحف الوطني العراقي بعد 6 سنوات من نهب مقتنياته
بغداد: قادرون على حفظ أمن المتحف ومنظومة إلكترونية تحمي آثاره

معروضات اثرية بالمتحف الوطني العراقي
أسامة مهدي من لندن: احتفل في بغداد اليوم بأعادة افتتاح المتحف الوطني العراقي احد اشهر متاحف العالم بعد تأهيله من جديد اثر عمليات النهب والتخريب التي تعرض لها عند دخول القوات الاميركية الى العاصمة العراقية في عام 2003 حيث جهز بمنظومة حماية الكترونية وعرضت في اجنحته الستة 6 الاف قطعة اثارية استعيدت بعد سرقتها من بين 15 الف قطعة نهبت انذاك وتعاون دول عربية واجنبية على اعادتها الى العراق بعد مصادرتها من سارقيها فيما رد مسؤولون عراقيون على حملة التشكيك بقدرتهم على حفظ امن المتحف وموجوداته بالتأكيد انه لاخطر عليها وان منظومة الكترنونية تساعد في هذه المهمة الان .

وخلال حفل افتتاح المتحف اليوم الذي حضره ضيوف عرب واجانب يتقدمهم كما الدين اوغلو الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي قال رئيس الوزراء نوري المالكي ان نهب المتحف وتدمير قسم من محتوياته الاثارية القيمة عام 2003 جسدت موجة عاتية صفراء لم ينج منها الانسان العراقي في عمليات اجرامية طالت ايضا والجسور والمباني وكان من اثارها ما اصاب المتحف الوطني من تخريب ونهب . واشار الى ان ما حصل للمتحف عام 2003 مثل الحقد على العراق وحضارته التي تضرب في عمق التاريخ .

واشاد المالكي بجهود الدول العربية والاجنبية التي اعانت العراق على اسعادة اثاره التي نهبت وليتم فتح ابواب هذا المتحف الذي قال انه في طليعة متاحف العالم لانه يحكي مسيرة الحضارات التي تعاقبت على البلاد منذ عهد النبي ابراهيم . ودعا الى تطوير المتحف والاهتمام بمتاحف البلاد الاخرى ومواصلة الجهود لاستخراج الاثار الاخرى المدفونة تحت التراب في ارض العراق .

ومن جهته رد وزير السياحة والاثار قحطان الجبوري على المشككين في قدرة السلطات العراقية على حفظ المتحف ومقتنياته بالتأكيد على quot;انه لاخطر الان على المتحف ولاهم يحزنزنquot; . وشدد على ان الوزارة قادرة على حفظ موجوداته . واشار الى انه تمت استعادة 6 الاف قطعة اثارية من بين 15 الف قطعة مسروقة اضافة الى استعادة 10 الاف قطعة سرقت من مواقع اثارية منتشرة في انحاء العراق . واشار الى ان دولا عدة اعادت اثارا مسروقة بعد ان صادرتها من سارقيها ومنها سوريا التي اعادت 700 قطعة اثارية والاردن 2466 قطعة والولايات المتحدة 1046 قطعة اضافة الى دول اخرى مثل مصر وايطاليا والسويد والبيرو .

وقالت مديرة المتاحف أميرة عيدان ان المعرض يحوي على اثار تجسد مسيرة العراقي منذ عصر ماقبل التاريخ حتى عام 2003 . وشرحت مراحل اعادة تأهيل المتحف الذي قالت انه يعرض الان القطع الاثارية المستعادة بعد نهبها . وقالت ان المتحف كان يضم 26 قاعة عرض لكنه يقتصر الان على بعضها .

مقتنيات أثرية مستعادة
والمتحف الوطني العراقي انشئ في العام 1923 في منطقة القشلة وسط مدينة بغداد ثم نقل مع محتوياته بعد أربعة أعوام الى منطقة المأمون quot;المتحف البغدادي حالياquot; بسبب عدم قدرته على استيعاب الاعداد المتزايدة من الاثار جراء عمليات التنقيب التي استمرت مع التوسع في أعداد الاثار ما تطلب إنشاء متحف كبير . وتم في ضوء ذلك اختيار الموقع الحالي في منطقة الصالحية لبناء متحف من طبقتين استمر العمل فيه خلال الفترة بين 1957 و 1963 وتم افتتاحه بشكل فعلي في عام 1966 ليكون من أهم المتاحف في الشرق الاوسط.

ويضم المتحف سبعة أجنحة تعرض فيها مجموعة من الاثار .. في الجناح الاول توجد الاثار المسروقة من المتحف التي أعادها المواطنون خلال السنوات التي اعقبت سقوط النظام السابق فيما يضم الجناح الثاني الاثار المسروقة التي أعادتها الدول الصديقة . كما يضم المتحف ايضا جناح الآثار الاشورية وآخر لمخطوطات بمختلف العلوم اضافة الى الجناح الاسلامي فيما يضم الجناح السادس التراث الاسلامي ثم جناح لعرض الاثار التي تم اكتشافها خلال عمليات التنقيب التي جرت خلال العامين الماضيين.

وتشير احصائية اعدتها وزارة السياحة والاثار الى تعرض أكثر من 15 ألف قطعة متحفية الى النهب والسلب خلال الاحداث التي رافقت دخول القوات الاميركية الى بغداد في نيسان (أبريل) عام 2003. ومن بين هذه القطع المسروقة تمت استعادة حوالي 6 الاف قطعة اثرية فيما لازالت هناك أكثر من تسعة الاف قطعة في عداد المفقودات حتى الان .

وشهد المتحف خلال الأعوام الماضية اعادة تأهيل بنيته التحتية التي تضررت نتيجة أعمال السلب والنهب والعمليات العسكرية التي أعقبت سقوط النظام .. فيما نفذت قوات وزارتي الدفاع والداخلية اجراءات ساندة لحماية المتحف اضافة الى منظومة حماية ذاتية الكترونية تعمل داخل المتحف للحفاظ على الاثار المعروضة وتنظيم الزيارات التي ستكون متاحة لاجراء البحوث وتفويج الزوار الأجانب ضمن برامج الرحلات السياحية.

وكانت ثارت خلافات رسمية عراقية بين وزارتي السياحة والاثار والثقافة الاسبوع الماضي حول أمن المتحف الذي يعتبر الاهم في العالم . فبعد ان اكد وكيل وزارة الثقافة العراقية جابر الجابري تأجيل اعادة افتتاح المتحف الوطني في بغداد حتى استكمال تنظيم القطع الاثرية وترتيب الوضع الامني المحيط بالمتحف ادلى مستشار وزارة الدولة لشؤون السياحة والآثار بهاء المياحي استغرابه من تصريحات الجابري هذه حول تأجيل موعد الافتتاح مؤكدا بذل جهود لاتمام ذلك في الثالث والعشرين من الشهر الحالي كما جاء في بيانين صحافيين رسميين استلمتهما quot;ايلافquot; في حينها .

وتمثل إعادة افتتاح المتحف مرحلة هامة في جهود الحكومة لاستعادة القطع الاثرية والحفاظ على المواقع الأثرية بعد خمسة اعوام من السرقة والدمار والعنف. ويوصف العراق بانه موقع quot;مهد الحضارةquot; وهي المنطقة بين نهري دجلة والفرات كما اعتبر نهب الآثار التي يعود تاريخ بعضها إلى آلاف السنين مأساة للعراق والعالم.

وقال قحطان الجبوري وزير الدولة العراقي للسياحة والاثار مؤخرا إن العراق يحاول تشجيع اعادة القطع المسروقة ويعرض مكافآت كما يتعهد بعدم توجيه اتهامات بشأن القطع الأثرية التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني. واشار الى انه يتم استعادة القطع المسروقة من خلال السفارات العراقية في أنحاء العالم على أمل تعقب قطع أخرى سرقت قبل أو بعد عام 2003 بسبب ضعف الحماية. وقال إن العراق حصل على تمويل او خبرات من الولايات المتحدة وايطاليا لترميم مواقع أثرية وبناء مراكز للتدريب وللحفاظ على الاثار. وقدمت واشنطن 13 مليون دولار للمساعدة في تجديد المتحف و700 ألف دولار لإصلاح أضرار ألحقتها قوات التحالف بمدينة بابل القديمة (100 كم جنوب بغداد).

وخلال الاسبوع الماضي أعربت مجموعة من علماء الآثار العالميين عن تحفظها على إعادة الافتتاح قريبا وعدوا ذلك مجازفة قد تعرض الاثار للخطر. واشار هؤلاء العلماء وهم من اصول عراقية في رسالة وجهوها الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس لجنة الثقافة في مجلس النواب مفيد الجزائري ووزير الدولة لشؤون السياحة والآثار قحطان الجبوري الى انهم ليسوا ضد فكرة إعادة افتتاح المتحف العراقي إلا أن مثل هذه الأعمال يجب أن تسير وفق المعايير الدولية لعلوم المتاحف والصيانة الأثرية . واضافوا ان افتتاح أي متحف ليس ببساطة فتح الأبواب فتهيئة المجاميع الأثرية في المتاحف تتطلب على الأقل سنة كاملة من العمل الدقيق والمتأني حتى إن كان ذلك في أفضل الظروف .