إيلاف: انطلاقًا من مساعيها الرامية للظهور أمام العالم في وضعية سياسية ودبلوماسية تحد من عزلتها، شرعت الجماهيرية الليبية خلال الآونة الأخيرة في تطبيق سياسات منهجية مبنية على الانفتاح والوضوح وبعيدة عن أجواء السرية والانغلاق التي تسببت بعزلتها طيلة السنوات الماضية. ويبدو أن الفريق المنوط بتنفيذ السياسة الجديدة قد يواجه عقبات داخلية تتمثل بعدم جهوزية المراقبين المعينين في وزارة الخارجية الليبية. ولفتت صحيفة quot;صنداي تلغرافquot; البريطانية إلى عقبات قد تواجه سياسة الوضوح والصراحة التي تسعى ليبيا جاهدة لإظهارها. وأشارت الصحيفة إلى أن مظهر المراقبين المعنيين في وزارة الخارجية الليبية مازال يخيم عليه طابع السرية، فنظاراتهم السوداء والبذلات التي يرتدونها تجعل من الصعب التمييز بينهم وبين عناصر الاستخبارات الذين يتسكعون عادة في المطارات.

ولفتت صنداي تلغراف إلى أنه بالرغم من دعم المراقبين في الخارجية الليبية للسياسة المبنية على quot;الوضوح والصراحةquot;، إلا أن الأمور مازالت خارجة عن سيطرتهم. واستشهدت الصحيفة بحادثة منع أحد المراقبين لمراسلها نيك ميو من التصوير أمام مقر إقامة القائد الليبي معمر القذافي في العاصمة الليبية.

وتعيش ليبيا مناخًا سياسيا جديدا في العام 2009، فبعد مرور أربعة عقود على توليه مقاليد الحكم، يعيد العقيد معمر القذافي اكتشاف نفسه ويسعى جاهدًا لكسب لقب جديد، يضيفه إلى ألقابه السابقة. فبعد quot;الراعي الرسمي للإرهابquot; وquot;منقذ إفريقياquot; وغيرها من الألقاب، يسعى العقيد القذافي إلى توطيد العلاقة مع الرئيس الأميركي - الكيني الأصل - باراك أوباما، الذي يعتبره القذافي بمثابة الزعيم الإفريقي الزميل.

وأكدت الصحيفة أن النوايا الحسنة للزعيم الليبي تعتبر من الناحية النظرية بمثابة الفرصة السانحة لبلاده كي تنهي عزلتها الدولية للأبد عن طريق إجراء إصلاحات ضرورية في مجال حقوق الإنسان وإدخال الاستثمارات الأجنبية الى البلاد وتقديم مثال تحتذي به الدول quot;معزولةquot; مثل سوريا وإيران وكوريا الشمالية.

وتأكيدًا على النهج الجديد، أصدرت الخارجية الليبية الشهر الماضي تأشيرة دخول لصحافية تعمل في صنداي تلغراف، الأمر الذي اعتبره مسؤولون خير دليل على انتهاء حقبة السرية، إذ quot;يمكنك الآن الذهاب إلى أي مكان تريده ونقل أي حدث من الداخل الليبيquot; وفقًا لما صرح به أحد الدبلوماسيين الليبيين. وبالرغم من المعاملة الحسنة التي يظهرها مراقبو الخارجية تجاه الصحافة الأجنبية، إلا أن الوضع الميداني مازال يؤكد أن الشعب الليبي يخشى الحديث الى وسائل الإعلام بحرية. وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال احدى الحوارات التي أجرتها مع موظف مدني يجيد اللغة الإنكليزية، أكد الموظف بثقة ان الديمقراطية في بلاده تضاهي الغرب، وحين طلب منه مراسل الصحيفة أن يترجم آراء مجموعة من المارة حول الموضوع ذاته، تبخرت فجأة الثقة التي كان يتحدث بها الموظف، وسأل المراسل quot;هل لديك تصريحquot; قبل ان يختفي بسرعة البرق.

وبدا واضحًا أن الحديث بحرية عن الأوضاع الداخلية أو حتى ذكر إسم الزعيم الليبي مازال يعد أمرًا بغاية الخطورة في ليبيا. ولخص دبلوماسي غربي مقيم في طرابلس ذلك بتأكيده وجود quot;قيود خطيرة مفروضة على حرية التعبير والنشاط السياسي في ليبياquot; لافتًا إلى أن السلطات تتعامل quot;بمنتهي الحزمquot; مع أي موضوع يهدد النظام.

في المقابل، أبرزت صنداي تلغراف بوادر حسن النية لدى الزعيم الليبي خلال الفترة الماضية، وآخرها دفع تعويضات بـ1.5 مليار دولار لـ 270 شخص من عائلات ضحايا تفجير لوكربي، الأمر الذي أسفر عن إلى إعادة فتح السفارة الأميركية في طرابلس.
كما أن الخطة التي أعلن عنها القذافي مؤخرًا والتي توزع الحكومة بموجبها عائدات النفط على الشعب مباشرة لاقت أصداء واسعة بالرغم من موجة الشك والحيرة التي انتبابت الكثيرين الذين اعتبروها مجرد وسيلة لتخويف المسؤولين الفاسدين وغير الأكفاء.

ومع ذلك، لم يتضح إذا ما كان القائد الليبي سيحرص على تقليد نهج أوباما. وأرجعت الصحيفة البريطانية الأمل المفرط لدى العقيد معمر القذافي في الرئيس الأميركي الجديد إلى ما كان توقع به كتابه الأخضر الشهير الذي أصدره في العام 1988، بأن quot;السود سيمثلون السواد الأعظم في العالمquot;.

ومع ذلك، انتقد القذافي أوباما بسبب عدم تدخله في حرب غزة الأخيرة في يناير (كانون الثاني) الماضي. وقال quot;نخشى أن يشعر أوباما بعدم الرغبة في التدخل لأنه أسود ويعاني من عقدة نقص، فإن ذلك سيجعله يتصرف بصورة أسوأ من البيضquot;. في المقابل، يبدو أوباما قلقا من التقرب من النظام الليبي، بالرغم من حماسته لتحسين العلاقات بين أميركا والمسلمين، فالنظام الليبي ورغم تخليه عن الطموحات النووية، إلا أنه يحمل سجلا طويلا من الانتهاكات في مجال حقوق الانسان.

الفيديو نقلاً عن التلغراف