أصوات الإسلاميين في مزاد الرئاسيات الجزائرية
كامل الشيرازي من الجزائر:
طغى الحديث عن ترقية المصالحة والاعتناء بالشباب بشكل لافت على الثلاثة أيام الأولى من الحملة الدعائية لانتخابات الرئاسة في الجزائر، حيث ركّز منشطو الحملة في مختلف تجمعاتهم الجماهيرية على الخوض في خطة المصالحة الجزائرية التي دخلت عامها الثالث، كما حرصوا كالعادة على إبداء اهتمامهم بعنصر الشباب الذي يشكل 75 بالمئة من وعاء المجتمع المحلي.

ورغبة في تبديد طابع الفتور الذي يميّز الحملة الدعائية على نحو جعلها الأكثر ركودا مقارنة بسابقاتها، كثف السداسي المعني بموعد التاسع أبريل/نيسان المقبل من خرجاتهم، وبدا الرئيس المرشح عبد العزيز بوتفليقة أكثر تصميما على الاستمرار في نهج المصالحة الذي بادر إليه في خريف 2005 عبر إقرار تدابير تكميلية تحفز ما تبقى من الدمويين على إيقاف العنف، بعدما سمحت تطبيقات الفترة السابقة باستيعاب آلاف المتمردين من مسلحين ومنفيين وسجناء إرهاب.

وأعطى بوتفليقة في مهرجانين شعبيين نشطهما بولايتي باتنة وبشار، إشارات قوية، إلى أنّه ماض في بلورة منظومة المصالحة، ما حمل على الاعتقاد بأنّ بوتفليقة قد يطلق مشروعا رابعا لإنهاء الأزمة الوطنية المزمنة، بعد قانون الرحمة الذي صدر في عهد الرئيس السابق quot;اليمين زروالquot; العام 1995، وقانون الوئام المدني الذي دشّن به بوتفليقة وصوله إلى سدة الحكم سنة 1999 وأخيرا ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المعمول به رسميا منذ الفاتح مارس/آذار 2006.

ويسود اعتقاد أنّ حسم خيار التمديد للرئيس الجزائري الحالي، سيُتيح هامشا زمنيا وسياسيا مواتيا أمام بوتفليقة لتطوير نسخة جديدة تنطوي على قرارات وإجراءات تكميلية قانونية تتجاوز ما اعتبره مختصون quot;قصوراquot; اعترى ميثاق السلم وquot;أعطالاquot; نجمت عن quot;بيروقراطية الإدارةquot;، من خلال تبني نموذج quot;عفو شاملquot; يراه قطاع غالب بكونه سيمثل باكورة تطوي مآسي البلاد بشكل نهائي بعد 17 سنة من التطاحن والعنف الدموي.

بدورها، دعت الزعيمة اليسارية quot;لويزة حنونquot;، في تجمعاتها بولايات سطيف وقالمة وسكيكدة، إلى حل نهائي لأزمة طال مداها، متصورا أنّ الفعالية ستكون مضاعفة إذا ما تمّ معالجة نقاط ظلّ بقيت مبتورة على منوال فئات معتقلي الصحراء ومغتصبات الإرهاب وكذا فئة المتضررين من الإرهاب ممن جرى سلب أو تدمير ممتلكاتهم، بيد أنّ حنون الموصوفة بالمرأة الحديدية، تحدثت أيضا عن تطلعها لإحداث ما سمتها quot;قطيعةquot; مع السياسات الحالية، إن حُظيت بالتزكية الشعبية بعد ثلاثة أسابيع من الآن.
وتصورت حنون التي حلت ثالثة في رئاسيات 2004، أنّه quot;ينبغي وضع حد لسياسة الترقيعquot;، مضيفة أنّ الجزائر تتوفر على إمكانات تمكنها من البروز بفضل امتلاكها 140 مليار دولار من احتياطات الصرف، ما يجعل البلد في منأى بحسب حنون عن (إملاءات) صندوق النقد الدولي أو منظمة التجارة العالمية.

وعلى المنوال ذاته، حضّ الوجه الإسلامي quot;جهيد يونسيquot;، من جهته، على الذهاب إلى مصالحة تتبنى عفوا شاملا، وأيّد quot;جهيد يونسيquot; في تجمع له بولاية البليدة الشمالية، حتمية الارتقاء بالمصالحة الوطنية إلى عفو شامل في كنف احترام قوانين الجمهورية ونبذ العنف، بحيث يتلافى تطبيق الأخير محاذير سابقة، وشدّد يونسي على أنّ الأزمة شاملة ويجب أن تحل بكيفية شاملة أيضا من خلال حوار سياسي دون إقصاء أي من الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية المحلية، وتعويض كل ضحايا المأساة دون تمييز لأنهم كلهم أبناء الجزائر، على حد تعبيره.

ورافع يونسي أيضا من أجل إعطاء المصالحة الوطنية quot;بعدا شاملاquot; وquot;تصفية هذا الملف نهائياquot; حتى يعود للشعب الجزائري أمنه وسلامه. ويرى متزعم حركة الإصلاح الإسلامية أنه إذا لزم الأمر الوصول إلى العفو الشامل، فإننا سنفعل ذلك دون تردد، إذا كان ذاك سيوقف دماء الجزائريينquot;، معتبرا أنّ هذا الملف خضع لما سماها (البزنسة) وطال أمده لأكثر من عشر سنوات.

بالمقابل، عزف كل من الوجه القومي quot;موسى تواتيquot; والمرشح الإسلامي الآخر quot;محمد السعيدquot; إضافة إلى quot;علي فوزي رباعينquot; على وتر التشبيب، وتغنوا مطوّلا بفسح المجال أمام الشباب والاعتناء بمشاكلهم، وقال موسى تواتي مخاطبا الشبان الذين يفضلون الهجرة السرية quot;الهروب من البلاد ليس حلاquot;، ورأى محمد السعيد وعلي فوزي رباعين المخرج في quot;فتح الآفاقquot; أمام الشباب.
;