طلال سلامة من روما: لا تزال الأخبار تتضارب حول ضحايا الزلزال الذي ضرب مدينة quot;لاكويلاquot; الجبلية التي لا تبعد كثيراً عن روما. ومن المرجح أن يرتفع عدد الضحايا الى أكثر من 500 شخص، لقوا حتفهم تحت الأنقاض وأغلبهم إيطاليون ومهاجرون من دول أوروبا الشرقية.

أما على صعيد بيت الطلبة، الذي يحتضن طلاباً جامعيين من مختلف الجنسيات وتم تدميره بالكامل، فان الرحمة الإلهية ساعدت في تفادي كارثة ثقيلة المعيار كون معظم الطلاب نجحوا في الخروج قبل انهيار المبنى عليهم بالكامل. للآنلا يزال عدد الضحايا من هؤلاء الطلاب أقل من عشرة ومن ضمنهم طالب يحمل الجنسية الإسرائيلية وأربعة آخرون، إيطاليون.

ومن الغريب أن الساحة السياسية المنشقة بين يمين ووسط ويسار كان بحاجة إلى زلزال، حصد لغاية الساعة 300 قتيل تقريباً، للتضامن في ما بينها. وتأتي أول إشارة من داريو فرانشسكيني، السكرتير العام في الحزب الديمقراطي اليساري، الذي يعطي حكومة برلسكوني ورقة بيضاء تخولهم اتخاذ جميع الخطوات اللازمة تجاه أكثر من 70 ألف مشرد تم نقل جزء منهم الى مدينة quot;بيسكاراquot; الواقعة على البحر الأدرياتيكي.

ولا يتأخر برلسكوني في ترك أجندة أعماله للوصول بمروحية الدفاع المدني الى مدينة quot;لاكويلاquot; المنكوبة، التي هجرها 80 في المئة تقريباً من السكان، للقيام بجولات ميدانية مع رئيس الدفاع المدني بيرتولازو. ويأتي زلزال quot;لاكويلاquot; ليصطدم بروح برلسكوني الديناميكية في العمق. للآن، لا يوافق برلسكوني مثلاً على عروض المساعدة المتأتية من حكومة واشنطن، باستثناء تلك الرامية الى إعادة إعمار الأنسجة الأثرية لهذه المدينة. بيد أنه من الواضح جداً أن يشعر برلسكوني بضيقة مالية تلتف حوله من جميع الجوانب.

وينوي برلسكوني عرض جميع المساعدات الدولية، من ألبسة، للبيع، بهدف تسخير المردود المالي، ان لزم الأمر، لتغطية نفقات المشردين التي تقدر بملايين اليورو. وتتهم المعارضة برلسكوني بالتخطيط السيئ لكيفية التعامل مع المشردين، الذين خسروا كل شيء! رغم غياب التغطية المالية لنفقاتهم، الذي وعد برلسكوني وضع 30 مليون يورو في تصرفهم وهذا مبلغ متواضع جداً ان صمم برلسكوني على بناء مدينة بديلة لمدينة quot;لاكويلاquot; المنكوبة، فانه يواصل دعوة المشردين الى التوجه نحو المدن الواقعة على سواحل الأدرياتيكي، شرق البلاد.

هذا وتم نقل سبعة آلاف مشرد الى هذه المدن، ومن ضمنها مدينة quot;بيسكاراquot;، وتتواصل عملية النقل هذه بمعدل بضع مئات من المشردين يومياً. كما يصطدم طابع برلسكوني العنيد بدعوات المعارضة الى الموافقة على المساعدات الدولية، المتأتية من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا. لكن الصمتلا يزال يحيط قرارات حكومة روما. مما لا شك فيه أن الفنادق التي تكتظ بالمشردين لن تستطيع، في الأسبوع المقبل، استقبال أي دفعة جديدة منهم. فالنفقات خرجت عن سيطرتهم ولا تزال وعود برلسكوني، المتعلقة بتغطية جميع التكاليف، حبراً على ورق وهذا جرح قد تستغله المعارضة لقيادة ثورة سياسية.

على الصعيد الأمني، تتكاثر عمليات السطو على المنازل المهجورة في مدينة quot;لاكويلاquot; ما يدفع روبرتو ماروني، وزير الداخلية، الى إرسال وحدات من الشرطة لتسيير الدوريات، ليلاً ونهاراً، ابتغاء منع بعض المنظمات الإجرامية صغيرة الحجم، من اقتحام البيوت وسلب الأموال التي تقدر، للآن، بأكثر من 200 ألف يورو.

في الحقيقة، سيؤثر الزلزال كذلك على مسار الانتخابات الأوروبية في إقليم quot;أبروتسوquot; أين تقع مدينة quot;لاكويلاquot;. ما قد يؤثرفي صدور النتائج الانتخابية في هذا الإقليم. ويبقى الحل الوحيد نصب الخيم للسماح للمنتخبين بالتوجه للإدلاء بأصواتهم. إذا، علينا استثناء هذا الإقليم، حالياً، من الخطط التي تراهن عليها كافة الأحزاب، لأن وتيرة الانتخابات هناك ستجري بصورة متواضعة جداً وستشهد غياباً لافتاً للمنتخبين.

ولا يستطيع برلسكوني إخفاء قلقه من توغل المافيا في المناقصات الخاصة بإعادة اعمار مدينة quot;لاكويلاquot;. فإقليم quot;أبروتسوquot; معروف بأنه وكر تاريخي للمافيات الإيطالية والألبانية لتبييض الأموال وتنظيم آلية بيع المخدرات. لذلك، قد يستعين برلسكوني بالمعارضة من أجل صوغ قوانين طارئة، ومنها تشديد الخناق على كل من يتم القبض عليه أثناء سطو المنازل ومكافحة التوغل المافياوي بكافة الوسائل الاستخباراتية المتقدمة.