العطري والمالكي أكدا ضرورة تغيير شامل في علاقات بلديهما
بحث إعلان مجلس أعلى للتعاون الإستراتيجي بين العراق وسوريا

إيلاف من بغداد: اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان بلاده تتطلع إلى علاقات نموذجية مع سوريا ردا على القطيعة في زمن النظام السابق وما تلاها من عمليات ارهابية بينما شدد رئيس الوزراء السوري ناجي عطري خلال ترؤس المسؤولين لأعمال اللجنة العليا المشتركة بين بلديهما في بغداد اليوم على حرص بلاده على أمن العراق واستقراره باعتباره جزءا اساسيا في منظومة الأمن والاستقرار في المنطقة حيث بحث الجانبان اعلان مجلس اعلى للتعاون الاستراتيجي بين العراق وسوريا. وقال المالكي إن روابط التاريخ والجغرافيا بين البلدين والشعبين الشقيقين هي عوامل اساسية لبناء علاقات استراتيجية تطوي سياسات ومغامرات وحروب النظام السابق التي أثرتفي مجمل علاقات العراق مع اشقائه واصدقائه وليس مع سوريا فقط .

واضاف quot;اننا نتطلع الى علاقات نموذجية مع سوريا ردا على القطيعة في زمن النظام السابق وما تلاها خلال صفحة مواجهة الارهاب وان روابط التاريخ والجغرافيا بين البلدين والشعبين الشقيقين هي عوامل أساسية لبناء علاقات استراتيجية تطوي سياسات ومغامرات وحروب النظام السابق التي اثرتفي مجمل علاقات العراق مع اشقائه واصدقائه وليس مع سوريا فقطquot; .

وعد رئيس الوزراء العراقي زيارة نظيره السوري والوفد المرافق له الحالية الى بغداد بأنها زيارة تاريخية تؤسس لعلاقات واسعة بين البلدين معربا عن سروره واعتزازه بهذه الزيارة التي تمهد الطريق لإعلان المجلس الاعلى للتعاون الاستراتيجي بين البلدين .

واضاف ان العراق وشعبه لم يجن من مغامرات وحروب النظام السابق ومن هوس التدخل في شؤون الاخرين غير علاقات متوترة وحروب داخلية وخارجية وبنى تحتية مدمرة وشعب غير مرفه ، وهذه ملامح سياسة انتهت والحمد لله وإن شعب العراق محب ومتعلق بأشقائه واصدقائه وميال بكل مكوناته الى اقامة افضل العلاقات مع سوريا في جميع المجالات .

وأكد quot; ان الشراكة الشاملة ستتحقق من خلال حقول العمل المتنوعة وأن مساحة التعاون بين العراق وسوريا واسعة ومتعددة وتمتد الى مجالات الخدمات وتوظيف الطاقات و مشاريع البناء والاعمار التي توقفت منذ ثمانينات القرن الماضيquot; . واضاف ان قوة العراق عنصر مهم في استقرار المنطقة قوة تمكنه من حماية حدوده وأمنه موضحا quot;ان القوة التي نعنيها ليست القوة العسكرية التي تحارب وتعتدي وتحتل دول الجوار وليست المغامرات الداخلية والخارجية والمقابر الجماعية واستخدام الاسلحة الكيمياوية ، والعراق القوي سينهض بعلاقات قوية مع محيطه العربي والدولي .

ودعا السيد رئيس الوزراء اعضاء الوفدين الى إنجاح جهود التعاون بين البلدين والخروج بنتائج ملموسة وحاسمة والتركيز على الجوانب الاقتصادية والاستثمارية والعمل بروح اخوية على ازالة كل ما يعترض تطوير العلاقاتquot; .

من جانبه قال عطري quot;ان سعادة كبيرة تغمرني واعضاء الوفد لزيارتنا اشقائنا في العراق الذي هو الأقرب الى قلوب السوريينquot; مؤكدا حرص بلاده على أمن العراق واستقراره بإعتباره جزءا اساسيا في منظومة الأمن والاستقرار في المنطقة .

واضاف عطري مخاطبا المالكي quot;ان سوريا تدعم جهودكم وجهود حكومة الوحدة الوطنية في قيادة العراق الى بر الامان وتعزيز مسيرته السياسية والوفاق الوطني وتهيئة الظروف المناسبة لانسحاب القوات الاجنبية و استعادة دوره المحوري المهم في المنطقة ، متمنيا للشعب العراقي تحقيق طموحاته وتطلعاتهquot; . وقال quot;نتطلع بثقة وتفاؤل كبير الى نتائج مباحثاتنا وتعزيز صلات التعاون والاستفادة من الفضاء اللامحدود امام تطوير العلاقات وتكامل الموارد البشرية والمادية والاستفادة من الموارد والامكانيات المتاحة للبلدين لإرساء علاقة قوية وصلبة تستجيب لتطلعات وآمال شعبينا في الحاضر والمستقبلquot; .

ودعا رئيس الوزراء السوري الى تغيير شامل في العلاقات بما يؤدي الى توسيع افاقها وتمتين حلقات التعاون في مجالات التجارة والصناعة والنقل والنفط والغاز والكهرباء والثروة المعدنية والسكن وتأسيس المصارف والمجالات الزراعية والصحية واستصلاح الاراضي وجميع المجالات وزيادة التبادل التجاري وتفعيل مذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين وتعزيزها باتفاقات جديدة كما دعا التى تطوير آليات التعاون بين غرفتي التجارة وتفعيل دور رجال الاعمال في البلدين .

واكد عطري استعداد الشركات السورية العامة والخاصة لتقديم كل ما يمكن في قطاع الاعمار والبناء ودعم الخطط التنموية التي اقرتها الحكومة العراقية مشيرا الى ضرورة ان يلمس المواطنون في البلدين نتائج هذه الدورة التاريخية المهمة من المباحثات .

وبعد انتهاء الاجتماع الموسع عقد الوزراء اجتماعات ثنائية مع نظرائهم من الجانب السوري للتوصل الى اتفاقات في المجالات المختلفة على ان يعقد الاجتماع الموسع الثاني يوم غد بحضور المالكي وعطري . وقد استقبل المالكي عطري الذي وصل بغداد صباح اليوم على رأس اكبر وفد وزاري عربي يزور العراق حيث جرت له مراسم استقبال رسمية عزف خلالها السلامان الجمهوريان العراقي والسوري .

وكان عطري اعرب لدى وصوله الى بغداد عن تفاؤله بتحقيق نتائج إيجابية على صعيد تعزيز التعاون بين بغداد ودمشق في مختلف المجالات . وقال للصحافيين بعد وصوله الى مطار بغداد الدولي quot;سأبحث مع رئيس الوزراء نوري المالكي وعدد آخر من المسؤولين العراقيين سبل تعزيز علاقات التعاون المشترك وإعادة الدفء والحيوية الى هذه العلاقات بما يحقق المصلحة المشتركة للبلدين في مختلف المجالاتquot;. واشار الى ان زيارته إلى بغداد ستشهد التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تشمل تشجيع الصادرات والمناطق الحرة والتعاون في مجالات الإسكان والتعمير والصحة والثقافة والتعليم العالي فضلاً عن التعاون بين اتحادي غرف الصناعة في البلدين موضحاً ان هذه الاتفاقيات ستوقع على هامش اجتماعات اللجنة العليا المشتركة السورية العراقية .

وتأتي زيارة المسؤول السوري هذه الى بغداد بعد 5 سنوات من شكوك وتبادل اتهامات تبعت مرحلة سقوط النظام العراقي السابق وتحميل بغداد لدمشق مسؤولية السماح لمقاتلين عرب بالعبور الى العراق لتنفيذ اعمال ارهابية وهو ما ظلت تنفيه سوريا بشدة .

ويقوم عطري بزيارته هذه التي تستغرق يومين تلبية لدعوة من المالكي ليترأسا إجتماع اللجنة العليا العراقية السورية المشتركة الذي سيشارك فيه من الجانب السوري وزراء المالية والداخلية والنفط والري والإقتصاد والصحة والنقل والصناعة والكهرباء والإسكان . وسيجري الوفد مباحثات رسمية مع المالكي ومع نظراء اعضائه من الوزراء العراقيين حيث سيتم التوقيع على عدة إتفاقيات لتدعيم التعاون في مختلف المجالات بين البلدين .

وكان وزير الاقتصاد السوري عامر لطفي حسني زار بغداد مؤخراً وأجرى مباحثات مع نظيره العراقي فلاح السوداني وتوصل الجانبان إلى صيغة لحسم ملف الديون والأموال العراقية الموجودة في المصارف السورية . كما اتفق البلدان على توسيع التبادل التجاري وإنشاء مصرف عراقي ـ سوري ومشاريع أخرى سيتم التوقيع عليها خلال اجتماعات اللجنة السورية العراقية في بغداد اليوم .
وسيتم خلال زيارة عطري توقيع اتفاق مشترك بين البلدين بعد ان استكملت اللجان الفنية فيهما عملهما وذلك من اجل تجاوز كل اشكاليات المرحلة السابقة بعد أن اكد البلدان الرغبة المشتركة لتأطير هذه العلاقات باتفاق ثنائي يشمل جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والمالية والثقافية والعلمية والامنية وفي مجالات النفط والطاقة .

وسبق لسوريا ان أرسلت السفير نواف الفارس الى بغداد في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي بعد قرار إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 2006 .. في حين عين العراق علاء الجوادي سفيرا لدى سوريا مطلع العام الحالي وهو أول تمثيل على هذا المستوى بين البلدين منذ 28 عاماً.

والاسبوع الماضي اسفرت مباحثات عراقية سورية استمرت لمدة ثلاثة ايام عن توقيع اتفاق ثنائي شمل المجالات الاقتصادية والتجارية والامنية والثقافية والعلمية والصحية والموارد المائية اضافة الى المواضيع ذات الاهتمام المشترك. ووقع الاتفاق وزيرا التجارة في البلدين السوداني وحسني حيث اشار الوزير العراقي الى ان سوريا تمثل مكانة متميزة لدى العراقيين quot;ولدينا الرغبة كحكومة عراقية في البدء بانطلاقة جديدة تعيد العلاقات الى مستوى متقدم ومتطور يشمل جميع المجالاتquot;. واضاف أن سوريا تمتلك مقومات التصدير والاستيراد كونها من الدول المنتجة للمواد الغذائية والانشائية والمنزلية اضافة الى كونها تشكل عمقاً استراتيجياً للعراق وبوابة مهمة اضافة الى كونها نافذة بحرية مهمة يمكن الافادة منها في توريد المواد والبضائع التي يوردها العراق من دول العالم المختلفة.

من جهته قال وزير التجارة والاقتصاد السوري إن ما تحقق في بغداد من نتائج متميزة بعد ثلاثة أيام من اللقاءات والحوارات يمثل نقطة تحول كبيرة في مسار العلاقات الثنائية يمثل المجالات المختلفة. واوضح أن محضر التعاون المشترك شمل المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية اضافة الى موضوع توحيد اجهزة الفحص والسيطرة النوعية في مجالات المواد الغذائية اضافة الى مواضيع تتعلق بالحدود.

يذكر ان بنود الاتفاق الذي سيتم التوقيع عليه خلال الزيارة الحالية لعطري تضمنت عشرين مادة شملت التعاون في المجال التجاري والمالي والاستثماري واكدت هذه المادة في فحواها على التزام العراقيين بأحكام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وبرنامجها التنفيذي كذلك القرارات الصادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي ورفع كافة القيود غير الكمركية المفروضة على السلع الوطنية المتبادلة بينهما كذلك التنسيق في المحافل الدولية والعربية والقضايا ذات الاهتمام المشترك بما يحقق مصلحة البلدين .

وكانت مباحثات اجراها في بغداد الشهر الماضي وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد ازالت ما اسماها نائب رئيس الجمهورية العراقي عادل عبد المهدي quot;العراقيل والتوجسات التي كانت تعيق تطور العلاقات بين البلدينquot; حيث اكدت مباحثاته مع المسؤولين العراقيين الاخرين ان المتغيرات الراهنة على الصعيدين الدولي والعربي توفر ارضية جيدة للانطلاق نحو بناء واقامة علاقات متطورة بين البلدين اضافة لما اثمرت عنه من اتفاقات على تعاون امني وسياسي وتجاري ونفطي وتعاون مشترك من اجل دحر الارهابيين ومنع تسللهم عبر الحدود ومكافحة الارهاب الذي يهدد امن العراق وسوريا .

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية هوشيار زيباري اكد المعلم استعداد بلاده لدعم جهود المصالحة الوطنية في العراق نافيا ان يكون قد حمل مقترحات بخصوصها خلال زيارته الحالية . وشدد على رغبة سوريا في تحقيق الوفاق الوطني . وفي ما يخص المصالحة الوطنية ووجود معارضين عراقيين في سوريا قال المعلم ان المصالحة شأن عراقي خاص وسوريا لديها امنيات بنجاحها واستعداد لتقديم اي مساعدة لتحقيق هذا الهدف وقال ان سوريا مرتاحة لتطور العملية السياسية في العراق .