نجلاء عبد ربه من غزة: ما أن حزمت السيدة أم محمد شحاده أمتعتها وأستقلت سيارة أجرة نحو معبر رفح متوجهة في البداية نحو مجمع إعتمدته وزارة الداخلية في الحكومة المقالة بغزة، بدأت رحلة معاناة مع آلاف المسافرين الآخرين الذين ينتظرون دورهم وأرقام الباصات ( الحافلات) التي ستقلهم لداخل المعبر، ومنه للأراضي المصرية.

هناك في ملعب خان يونس، جنوبي قطاع غزة، يفترش المسافرون الأرض بإنتظار تقرير مصيرهم من قبل مسؤولين في داخلية غزة، وركوب الحافلات الخاصة التي أعدتها لهم بإتجاه المعبر الوحيد لسكان قطاع غزة والبالغ عددهم أكثر من مليون ونصف المليون ساكن. لكن الأمر أصبح معاناة لغالبية المسافرين، خاصة في ظل الحاجة المتزايدة لهؤلاء السكان للوصول إلى القاهرة والإنطلاق من هناك نحو حياتهم الشخصية من علاج أو دراسة وما شابه.

داخل الملعب كانت تجلس منال أنور لم تتجاوز الثلاثين من عمرها وسط طفليها، أحدهما رضيع. تلك السيدة يبدو في عينيها الحيرة والإرهاق، لكنها تأمل أن تغادر خلال الأيام التي قررت مصر فيها فتح المعبر. تقول منال لإيلاف quot;أحاول منذ ما يقرب 7 أشهر للسفر إلى الإمارات العربية المتحدة، فزوجي هناك واستطاع أن يعمل لي ولأطفالي فيزة، في سبيل أن نعيش هناك بعيداً عن العنف الموجود في الأراضي الفلسطينية، لكنني لم أستطع السفر رغم محاولاتي العديدة بذلكquot;.

وأضافت quot;في المقابل فإن زوجي يدفع أموالاً مقابل تجديد الفيزة، بينما هنا لا أحد يهتم بالأمر، ويعتبرونها ترفيه، ويفضلون فئات أخرى من المجتمع علينا، كالمرضى مثلاًquot;. وقالت أم سعيد، مسنة يتجاوز عمرها الستون عاماً، أنها تريد زيارة إبنتها في مصر، لكنها لم تستطع حتى اللحظة من تحقيق أمنيتها هذه، على الرغم من محاولتها لعدة مرات. وأضافت لإيلاف quot;منذ ما يقرب من عام وأنا أحاول أن أسافر لزيارة إبنتي، دون جدوى(..) وها أنا أنتظر دوري، لعلني أستطيع السفر هذه المرةquot;.

هنا في غزة، يحتاج المرء لزيارة مصر، ويعتبرونها ضرورية كالأكل والشرب. ويقول آلاف الفلسطينيين الذين إلتقتهم إيلاف أمام معبر رفح، أنهم بحاجة لزيارة مصر، فمنهم المريض ومنهم الطالب ومنهم من يملك إقامات في دول عربية أو أوروبية.

ويجلس عبد الله الغول، شاب يدرس الإخراج السينمائي في لندن، كان قد قدم إلى غزة عبر من خلال سفينة غزة الحرة، لكنه لم يستطع العودة حتى اللحظة إلى لندن لمواصلة دراسته. يقول الغول quot;قدمت إلى غزة وقمت بإخراج فيلم التخرج عن مدينتي التي عشت فيها، لكنني لم أستطع حتى اللحظة العودة إلى بريطانيا وإكمال ما تبقى لي من شهور لإنهاء دراستيquot;.

وأضاف لإيلاف quot;أبلغتني الجامعة أنني في حال لم أستطع السفر والإلتحاق بالجامعة خلال أسبوعين، فإنهم سيعتبرونني راسب هذا العام، وسأضطر لأن أعيد عاماً دراسياً جديداًquot;. الأمر لا يتعدى عن المواطنين الفلسطينيين، الحاجة الماسة للسفر، لكنه بالنسبة لحكومة غزة، فهو صراع على السلطة والتحكم بكل ما يدخل ويخرج منها. وتبقى إرادة هؤلاء المواطنين تزداد كلما قرر المصريون فتح المعبر.. لكن الأمر يتجاوز أحلام هؤلاء الناس في غزة، وتبقى أحلامهم معلقةً بين مسافة لا تتجاوز الـ 100 متر فقط، وهي نقاط العبور بين الجانبين الفلسطيني والمصري.