فيينا: أيا كان الذي سيدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت لاحق هذا العام فسوف يتعين عليه أن يعالج انقساما سياسيا شديدا بشأن خطة للامداد بالوقود النووي تهدف الى حماية العالم من انتشار الاسلحة النووية. وتجري الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الخميس اقتراعا لمحاولة اختيار مدير جديد خلفا لمحمد البرادعي الذي سيتقاعد في نوفمبر تشرين الثاني دون أن يحقق رؤيته للامداد الامن بالوقود النووي للجميع.

وستكون هذه القضية اختبارا للقدرات الدبلوماسية لخلفه ولكن من الذي سيخلفه ما يزال أمرا مجهولا اذ ان هناك خلافا نشأ بين الدول الصناعية والدول النامية حول أفضل المرشحين. ظلت قضية بنك الوقود في اخر الاولويات لعشرات السنين ولكنها لاقت دعما قويا من الرئيس الأميركي باراك أوباما وحصلت على قدر أكبر من الثقل مع برنامج ايران لتخصيب اليورانيوم والذي يعتقد الغرب انه يهدف الى تصنيع قنابل نووية.

وتتوقع الوكالة أن الطلب على الطاقة النووية وهي الاكثر وضوحا حتى الان في أنحاء منطقة الشرق الاوسط التي تعاني من صراعات سوف يتضاعف على مدى الجيل القادم في الوقت الذي تسعى فيه الدول لبديل للوقود الاحفوري الذي يسبب مستويات عالية من التلوث والمقدر له أن ينفد في يوم من الايام. ولكن اليورانيوم المستخدم في محطات الطاقة النووية يمكن أيضا تخصيبه لمستويات عالية ليمثل المادة الانشطارية لصنع قنابل نووية وهو ما يخشى الغرب أن تكون ايران بصدد القيام به ولكن طهران تنفي ذلك قائلة ان الغرض الوحيد من برنامجها هو توليد الكهرباء.

وقال مارك فيتزباتريك وهو زميل رفيع في مجال حظر الانتشار النووي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن quot;هذه قضية ستتطلب بشكل متزايد اهتمام المدير العام (للوكالة الدولية للطاقة الذرية) لادارة توسع الطاقة النووية بطرق تساعد على الثقة.quot; وبدعم من روسيا المنتجة لليورانيوم كان البرادعي يحاول دفع الخطة للامام ولكن اجتماعا لمجلس محافظي الوكالة عقدته الدول النامية في يونيو حزيران منع هذه الخطة لخشيتها انها ربما تقيد حقوقها في اقامة برامجها الخاصة للطاقة النووية. وتقول الوكالة ان نحو 60 دولة ترغب في اقامة مشاريعها الخاصة.

ورغبة من البرادعي في أن يحقق انجازات تتوج 12 عاما في رئاسة الوكالة روج لفكرة التعددية لدورة الوقود عبر بنك تشرف عليه الوكالة والذي سيقدم يورانيوم منخفض التخصيب من مخزونات الدول الصناعية اذا ما أظهرت الدول المتلقية سجلا ناصعا في مجال حظر الانتشار النووي. ويمكن لهذه الدول أن تحصل على الوقود من البنك اذا ما تم قطع امداداتها من الوقود لاسباب سياسية.

وقال دبلوماسي من الاتحاد الاوروبي quot;هناك مسألة صعبة.. الى من توجه هذه الخطة. مع وجود دول مثل ايران كيف يمكن التأكد من المعايير حتى لا نكافيء سلوكا سيئا ولكن في الوقت ذاته نزود دولا نخشى أن تكون منخرطة في مثل ذلك السلوك...هذا توازن دقيق للغاية.quot;

وقادت الهند التي تقترب من أن تصبح مع الصين واحدة من أكبر الدول المستخدمة للطاقة النووية في العالم اعتراضات على الحل الذي يطرحه بنك الوقود رافضة طلب البرادعي للبدء في الاتفاق على تفاصيل الخطة حتى تجري الموافقة عليها في سبتمبر أيلول. وحذرت الدول النامية من quot;أي محاولات تهدف الى الحيلولة دون السعي لاي تكنولوجيا نووية سلمية على أساس من الحساسية المزعومة (لهذه التكنولوجيا).quot;

وتمثل الدول النامية نحو نصف مجلس محافظي الوكالة الذي يصدر قرارات رئيسية من خلال التوافق الدبلوماسي. وعلى الرغم من الانتكاسة التي منيت بها هذه الخطوة يقول دبلوماسيون انها ستظل مطروحة للنقاش. وقال دبلوماسي غربي رفيع quot;يدرك الكثير من الدول أن الامن الزائد للطاقة الذي سيتحقق من خلال تأمين الوقود ربما يجعل الطاقة النووية أكثر جدوى.quot;

ويرى البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام أن جميع المنشآت القائمة لتخصيب اليورانيوم ومعالجته لابد أن تخضع لرقابة متعددة الاطراف ولكنه أقر بان مثل هذا الاقتراح ربما يكون له حساسية سياسية بالغة. وقال للجمعية العامة التابعة للامم المتحدة في أكتوبر تشرين الاول quot;ما من شك.. أن أي آلية تغوح منها رائحة عدم المساواة أو الاتكالية لن تنجح أبدا.quot;

وهناك مسودتان رئيسيتان لبنك الوقود الذي سيكون الخطوة الاولى نحو الملكية الكاملة المتعددة الاطراف. ويقول اقتراح للوكالة ان 150 مليون دولار من التبرعات التي تم التعهد بها لهذه المبادرة من الممكن أن تشتري ما بين 60 و80 طنا من اليورانيوم منخفض التخصيب والذي سيعرض على الدول الاعضاء بأسعار السوق. وعرضت روسيا أن تكون مقرا لمخزون حجمه 120 طنا من اليورانيوم المنخفض التخصيب لامداد الوكالة.

ويبرز الجدل الثائر حول الخطة انقساما في مجلس محافظي الوكالة بين الدول التي لديها طاقة نووية والتي تؤكد على دور الوكالة في حظر الانتشار النووي والدول النامية التي تركز على سلطة الوكالة في تشجيع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وهو الغرض الرئيسي من الوكالة التي يبلغ عمرها 52 عاما.

ولكن الوكالة ترى أن تعزيز التطبيقات السلمية للطاقة النووية لا ينفصل عن مهمتها المتمثلة في منع الانتشار غير المشروع لامتلاك القدرة على تصنيع الاسلحة النووية. وقال ايان فيسر الخبير في شؤون الطاقة النووية بالوكالة quot;أيا كان المدير العام التالي فسيتعين عليه أن يدرك أن دور الوكالة ليس فقط أن تكون حارسا للمواد النووية بل أيضا هي الجهة التي تسهل الاستخدام الافضل لها بطريقة مستمرة.quot;