نبيل شرف الدين من القاهرة : بعد التدهور الحاد في العلاقات العراقية ـ السورية عقب موجة التفجيرات الأخيرة التي اتهم العراق شخصيات وقوى وجماعات بعثية عراقية تقيم في سورية بالضلوع فيها، كشف مصدر مطلع في جامعة الدول العربية عن اعتزام وزراء الخارجية العرب مناقشة التدهور الأخير في العلاقات بين بغداد ودمشق في اجتماعات الدورة العادية الـ131 لمجلس جامعة الدول العربية التي تعقد يومي 9 و10 أيلول (سبتمبر) المقبل، بالإضافة إلى ملف تطورات التسوية الشرق أوسطية . وأشار المصدر ذاته إلى أن عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية يتابع عن كثب التطورات والاتصالات العراقية ـ السورية، إثر الاتهامات التي وجهت إلى بعض قيادات حزب البعث العراقي بالضلوع في الترتيب والتخطيط ودعم منفذي التفجيرات الأخيرة في بغداد، التي أسفرت عن مقتل نحو 100 شخص وإصابة أكثر من 600 آخرين بجروح متفاوتة، معظمها بالغ الخطورة .

ولفت المصدر إلى أن موسى أجرى اتصالات مع دمشق وبغداد في محاولة للإحاطة بالموضوع والعمل على معالجته، حيث طالب بتكثيف الحوار والاتصالات الهادئة بين العاصمتين توخياً لحسن إدارة الأمور وتحقيقاً للتعاون ومنعا للتصعيد وحماية العلاقة بين البلدين ومصالحهما، وأوضح أن الجامعة العربية تبقى مستعدة للمساهمة في عملية تفاهم وتواصل تصب في مصلحة العلاقات بين العراق وسورية، بصفة خاصة، والعلاقات العربية بشكل عام . تجدر الإشارة إلى أن تنظيم القاعدة العراقي أعلن مسؤوليته عن تفجيرات بغداد مساء الثلاثاء بينما عبر مراقبون عن شكوكهم في إمكانية التعاون بين أنصار صدام حسين السابقين والمتطرفين الإسلاميين من تنظيم quot;القاعدةquot; الإرهابي .

أما الولايات المتحدة فقد اعتبرت الخلافات التي نشبت مؤخرا بين العراق وسورية على خلفية التفجيرات الدامية التي هزت بغداد الأسبوع الماضي، بأنه شأن داخلي، داعية الحكومتين العراقية والسورية إلى حل الخلاف عبر الحوار، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية إيان كيلي : quot;نعتقد كمبدأ عام، أن الحوار الدبلوماسي هو أفضل وسيلة للتعامل مع القلق لدى الجانبينquot;، وأشار المتحدث الأميركي أيضاً إلى أن واشنطن تعمل مع الجانب العراقي على كشف ملابسات التفجيرات الأخيرة في بغداد .

وساطات واتهامات
وفي القاهرة نفى مصدر دبلوماسي وجود وساطة عربية بين العراق وسورية، لكنه أشار إلى أن هذا الأمر سيكون موضع مناقشات وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم المقبل في القاهرة، سعياً لبلورة موقف عربي يدفع في اتجاه احتواء هذه الخلافات على نحو عاجل، ويحول دون تفاقمها كي لا تتحول لبؤرة احتقان جديدة في المنطقة . وفي القاهرة أيضاً قال دبلوماسي سوري ـ طلب عدم ذكر اسمه ـ إن بلاده التي تستقبل على أراضيها أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ عراقي، لا يمكن أن تسمح بممارسة أي أعمال معادية للعراق، بل عملت كل ما بوسعها لضبط الجانب السوري من الحدود، وهذا ما أقرت به كل المستويات القيادية السياسية والأمنية في العراق، كما سعت دمشق إلى الارتقاء بالعلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، وقدمت كافة التسهيلات الممكنة، لكن على ما يبدو أن بعض الجهات في العراق التي بدأت تفقد مواقعها في الخارطة السياسية والحزبية العراقية تريد أن تعلق أخطاءها على شماعة الآخرين، بدلاً من معالجة هذه الأخطاء التي أدت إلى تراجع دورهاquot;، كما يقول الدبلوماسي السوري .

وفي السياق ذاته فقد استبعد مراقبون ومحللون سياسيون أن تستجيب دمشق لما طالبت به الحكومة العراقية بتسليم كل من: محمد يونس الأحمد، وسطام فرحان، لدورهما المفترض في تنفيذ العمليات الإرهابية الأخيرة، وكل المطلوبين ممن ارتكبوا جرائم قتل وترويع بحق المواطنين العراقيين، وطرد المنظمات التي تتخذ من سورية مقراً ومنطلقاً لها بهدف التخطيط لعمليات إرهابية ضد الشعب العراقي . كما قرر مجلس الوزراء العراقي استدعاء السفير العراقي في سورية للتشاور معه بشأن الأمر، وتكليف وزارة الخارجية بمطالبة مجلس الأمن الدولي بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب الذين خططوا ونفذوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين العراقيين، كما أوعز لوزارتي الداخلية والعدل بتنظيم ملفات استرداد المطلوبين المسؤولين عن تنفيذ جرائم الإرهاب في العراق، وهو الإجراء الذي ردت عليه دمشق باستدعاء سفيرها لدى العراق .

تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي زار دمشق أخيراً، حيث التقى الرئيس بشار الأسد, وقد أفضت الاجتماعات التي عقدها مع مسؤولين سوريين إلى إعلان سياسي مشترك لتأسيس مجلس تعاون استراتيجي برئاسة رئيسي الوزراء يضم وزراء الخارجية والدفاع والطاقة والكهرباء والصناعة والمالية والاقتصاد والنقل في البلدين .