أشرف أبوجلالة من القاهرة: تتناول مجلة quot;وورلد بوليتكس ريفيوquot; الأميركية الشهيرة في تقرير نشرته بعددها الصادر يوم الخميس تحت عنوان ( دول الشرق الأوسط تُسقِط quot;بالونة اختبارquot; واشنطن لطهران )، فتشير في البداية إلى حقيقة تنامي مشاعر القلق خلال الأشهر الأخيرة لدى دول منطقة الشرق الأوسط حيال المخطط الحقيقي الذي تعتزم واشنطن انتهاجه مع إيران فيما يتعلق بملفها النووي. وقالت إن ذلك يرجع جزئيا ً إلى تلك التصريحات التي أدلى بها مؤخراً كبار قادة الإدارة الأميركية بخصوص الطريقة الجديدة التي من الممكن إتباعها بشأن طموحات طهران النووية. وأوضحت المجلة أن الإدارة الأميركية إذا كانت تخطط لاستخدام كلمة quot;مخططquot; كبالون اختبار في الشرق الأوسط، فإن الأمر الواضح هو أنّ اللاعبين الإقليميين أو ( دول المنطقة ) قد قاموا بفقع هذا البالون، وتركوه يطلق صوتا ً كالصفير على الأرض.

ثم انتقلت المجلة لتشير إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، سبق لها وأن سلّطت الضوء مؤخرا ً على تلك المشاعر التي رأت أنها تبعث على القلق وتهيمن على منطقة الشرق الأوسط خلال زيارتها التي قامت بها مؤخرا ً إلى تايلاند، وهي المتعلقة بالفكرة التي كانت واحدة من محاور النقاش بينها وبين منافسها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الرئيس باراك أوباما، وهي عن فكرة توفير الولايات المتحدة quot;مظلة وقائية نوويةquot; تكون منوطة بحماية تلك الدول المهددة من جانب إيران. وهنا أشارت المجلة إلى أن تلك المظلة، تبدو في ظاهرها، وكأنها مصدر ارتياح بالنسبة لتلك الدول التي تقع في الجانب البارد للمظلة، وهو الأمر الذي رأت المجلة أنه سيزيد في حقيقة الأمر من المخاوف المتزايدة بشأن إمكانية تقبل إدارة أوباما تدريجيا ً لواقع فشل الغرب في مجهوداته الرامية إلى وقف إيران عن إنتاج السلاح النووي.

ومضت الصحيفة لتؤكد على أن حلفاء الولايات المتحدة سبق لهم وأن أكدوا على أنهم يريدون من واشنطن أن تتأكد في المقام الأول من عدم امتلاك إيران للسلاح النووي، وذلك عندما عرضت عليهم أن تحميهم من طموحات إيران النووية. وفي معرض حديثها عن أجواء الامتعاض التي تهيمن على الدول الشرق أوسطية من فكرة المظلة النووية الأميركية بالمنطقة، نوهت المجلة لتلك التصريحات التي عبر من خلالها الرئيس المصري، حسني مبارك، عن رفضه باقتضاب لتلك الفكرة، ونقلت عنه في هذا الإطار قوله :quot; لن تكون مصر جزءا ً من أي مظلة نووية أميركية لحماية الخليج. فأنا أرى أن هذا المخطط يُمثل اعترافا ً ضمنيا ً بأن هناك قوة إقليمية نووية quot;.

وسجلت المجلة هنا، واقعة تبدو مثيرة، حيث أشارت إلى أن تلك الجزئية تحديداً من السياسة الأميركية كانت محل اتفاق من جانب إسرائيل وجيرانها العرب، على غير العادة. وهنا، تحدثت عن الرفض التام الذي أبداه، ودان مريدور، وزير الشؤون الاستخبارية والطاقة الذرية الإسرائيلي لهذا المخطط الأميركي، ونقلت عنه المجلة قوله :quot; لم أتحمس عند سماعي لذلك التصريح الأميركي، الذي أعلنت فيه واشنطن عن أنها ستحمي حلفائها بمظلة نووية، وكأنهم سلموا بواقع النووي الإيراني، وهو ما أعتقد أنه أمر خاطئquot;.

وفي محور آخر ذو صلة، انتقلت المجلة لتبرز ردود أفعال دول الخليج حيال هذا الأمر، لتقول إنه وبالرغم من ضعف صداها، إلا أنها لم تكن أقل سلبية. وأماطت المجلة اللثام عن أن الدول الخليجية، التي تعيش في ظل إيران وتحاول أن تبقي على علاقاتها بجيرانهم ودية قدر الإمكان، يعبرون عن قلقهم فيما وراء الكواليس (وتحديدا ً خلال اجتماعاتهم الفردية ) وليس في وسائل الإعلام. كما قالت المجلة إن تلك الدول لديها سلسلة من النزاعات طويلة الأمد مع طهران، ويقول عشرات الأشخاص الذين يتحدثون إلى قادة الدول الخليجية إنهم قلقون من طموحات إيران النووية تماما ً كما هو الحال مع إسرائيل.

وفي هذا الشأن، تنقل المجلة عن مصطفي العاني، محلل سياسي في دبي، ما مفاده أن الحماية الأميركية من إيران لا تعني أي شيء بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرا ً في الوقت ذاته إلى أن صِغر مساحة الإمارات، سيجعلها تختفي في غضون خمس ثواني، في حالة وقوع هجوم إيراني. وهنا شكك في جدوى تلك المظلة بقوله :quot; إذن، فما هو الدور الذي ستقوم به تلك المظلة ؟quot;. إلى هنا، تابعت المجلة تناولها للموضوع، بإشارتها إلى أن فكرة تلك المظلة موجودة منذ عديد السنوات، لكنها عادت من جديد لتطرح من جديد موضعا ً للنقاش العلني خلال العام 2008. وتلك هي المرة الثالثة التي يطفو فيها إلى السطح مفهوم الدرع الإقليمي خلال الأشهر الأخيرة،والمرة الثانية منذ انتخاب أوباما رئيسا ً للولايات المتحدة. وفي كل هذه المرات، لم يكن يحظى هذا المفهوم بأي قدر من الترحيب، وكان يثير قلق تلك الدول التي من المفترض أنها ستستفيد من حماية الدرع.

وفي محور آخر مهم، تؤكد المجلة على أن الدول العربية تعترض في الوقت ذاته على جانب آخر من المخطط الأميركي، يتلخص في أن القادة العرب سيضطرون لإخبار شعوبهم وكذلك طهران ndash; في حال تفعيل المخطط ndash; بأنهم حلفاء للولايات المتحدة ضد إيران، وهو ما يعتبر اعترافا ً ضمنيا ً بأن سيطرتهم على مقاليد السلطة تستدعي الحماية الأميركية. وهو ما سيلحق بهم أضرارا ً سياسية جسيمة. وترى المجلة في ذات السياق أن فكرة المظلة الدفاعية ضد إيران ستُسبِب سلسلة من المشكلات الجديدة للدول العربية، وبخاصة تلك الموجودة في منطقة الخليج، إذ أنها لن تخفف من ورع امتلاك إيران للسلاح النووي. وإذا لم يتم استخدام تلك الأسلحة على الإطلاق، فإن موقف إيران في النزاعات الإقليمية القائمة سيصبح أكثر قوة على الفور. كما ستصبح إيران قادرة على تقديم مطالبات إقليمية جديدة، وقد تثير مزيد من أجواء التوتر، والمطالب، والاضطرابات من الأقليات الشيعية في دول الخليج.