أبلغ مصدر عراقي عليم "إيلاف" أن بوصلة خلافة المالكي تتجه بقوة حاليًا نحو أحمد الجلبي وطارق نجم، بعدما أبدت كل من واشنطن وطهران، اللاعبين الأكبرين في الشؤون العراقية، الموافقة عليهما لتشكيل الحكومة الجديدة، وفي حال عدم الاتفاق على أحدهما، فإن الأمر سيترك إلى مجلس النواب لطرح الاسمين عليه، واختيار أحدهما خلال جلسته الأولى المتوقعة في مطلع الشهر المقبل.


أسامة مهدي: أوضح المصدر الذي يحتفظ بعلاقات جيدة مع مختلف القوى السياسية العراقية أن الأوضاع الحالية في بغداد خطيرة جدًا، وتعيش فوضى عارمة، وسنتها متخوفون من التحشيد الشيعي، الذي يدفع إليه ويستغله رئيس الوزراء نوري المالكي، لتعزيز سلطته، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن الاستعراض العسكري الذي نظمه جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في بغداد ومدن أخرى أمس السبت قد تم من خلال عجلات عسكرية حكومية.

وأشار إلى أن سنة البلاد مستاؤون جدًا من الحشد الإعلامي المرافق، والذي تقوم على الضخ باتجاه تصاعده قناة "العراقية" الرسمية، التي يشرف عليها محمد عبد الجبار الشبوط، القيادي في حزب الدعوة الإسلامية بزعامة المالكي، والتي أصبح العراقيون يشبّهونها بالقناة الرسمية السابقة في زمن الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ولكن بأداء أسوأ أثار مشاعر المواطنين المذهبية.

الجلبي الأكثر حظًا لخلافة المالكي
وأكد المصدر أن شخصيتين مرشحتين بقوة حاليًا لخلافة المالكي هما طارق نجم القيادي في حزب الدعوة وأحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي، وهو الأكثر حظًا لتولي مهمة تشكيل الحكومة الجديدة.

وقال إن واشنطن وطهران لا تعترضان على أي من الشخصيتين، وكذلك الأكراد والسنة، وخاصة الجلبي، الذي يدعمه الأكراد بقوة، وكذلك الأميركيون والإيرانيون، مشيرًا في هذا الخصوص إلى اجتماعه قبل أيام في أربيل مع مساعد وزير الخارجية الأميركية الذي يوجد في العراق منذ أسبوعين بريت ماكورك، حيث استمع منه إلى رؤيته لحل الأزمة الحالية في العراق.

المرجعية ضحية معلومات مضللة
وعن موقف المرجعية الشيعية العليا في العراق من الأزمة الحالية، ودعوتها إلى التطوع واستغلال المالكي لها في تشكيل ميليشيات داعمة له، أكد المصدر أن المرجعية قد تم تضليلها بمعلومات حكومة مغلوطة، دفعتها إلى هذه الدعوة، لكنها حين اكتشفت خطأ تلك المعلومات، حاولت أمس على لسان خطيب كربلاء السيد أحمد الصافي معتمد المرجع الأعلى آية الله السيد علي السيستاني التراجع عن موقفها الأول، وتوضيح حقيقة دعوتها إلى حمل السلاح، مشددة على أنها موجّهة إلى جميع العراقيين، وليست إلى طائفة معينة من دون أخرى (في إشارة إلى الشيعة) من أجل الاستعداد للتهيؤ لمواجهة الجماعة التكفيرية المسماة داعش، التي أصبحت لها اليد العليا والحضور الأقوى لما يجري في العراق.. وأوضح أن الدعوة كانت للانخراط والتطوع في القوات المسلحة، وليس لتشكيل ميليشيات خارج إطار الدولة.

وأشار المصدر في حديثه مع إيلاف إلى أنه في حال عدم اتفاق الكتل السياسية على أحد المرشحين الاثنين، فإنه سيصار إلى ترك الأمر إلى مجلس النواب الجديد المؤمل أن يدعو نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي خلال اليومين المقبلين إلى انعقاده في مطلع الشهر المقبل لاختيار رئيس جديد له ونائبين ورئيس للجمهورية ونائبين، إضافة إلى ترشيح الشخصية التي ستشكل الحكومة المقبلة.

تحذير من استغلال المالكي لعدم تحقق نصاب جلسات البرلمان
لكن المصدر حذر من عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد جلسة مجلس النواب، الأمر الذي قد يستغله المالكي بالضغط على النواب الجدد المؤيدين لها، والذين تجاوز عددهم المائة، للحضور في الجلسات التالية، التي لا تتطلب نصاب الثلثين، وإنما نصف عدد الأعضاء زائدًا واحدًا، أي 165 عضوًا من مجموع الأعضاء البالغ عددهم 326 برلمانيًا للتصويت لولايته الثالثة، وبالتالي تشكيل الحكومة الجديدة في حال عدم ترشيح التحالف الوطني الشيعي له للاحتفاظ بمنصبه.&&

يأتي ذلك في خضم معلومات غير رسمية عن توصل التحالف الشيعي العراقي إلى قرار بتغيير رئيس الوزراء الحالي المنتهية ولايته نوري المالكي، خاصة مع معارضة التيار الصدري وائتلاف الحكيم والتحالف الكردستاني والكتل السنية توليه منصب رئاسة الوزراء لولاية ثالثة رغم تقدمه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

وتؤكد المعلومات أن الموقف الذي اتخذه التحالف الشيعي يأتي عقب اشتراط الرئيس الأميركي باراك أوباما بدعم العراق إذا تم تشكيل حكومة وطنية تمثل جميع المكونات يغيب عنها رئيس الوزراء نوري المالكي. وتشير معلومات لم تؤكد بعد إلى أن المالكي وافق على أن يتنحّى، بشرط أن يقدم مرشحًا من كتلة ائتلافه دولة القانون للتنافس على منصب رئاسة الوزراء داخل التحالف الشيعي.

وتقول تقارير نشرتها صحف أميركية إن أوباما يتعرّض لضغط من مشرعين أميركيين لإقناع المالكي بالتنحي، بسبب ما يرونه فشلًا في القيادة في وجه تمرد يعرّض بلاده للخطر. ويشهد العراق حاليًا تدهورًا أمنيًا خطيرًا دفع بالمالكي في العاشر من الشهر الحالي إلى إعلان حالة التأهب القصوى في البلاد، وذلك بعد سيطرة مسلحين من تنظيم "داعش" على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، وتقدمهم نحو محافظات صلاح الدين وكركوك والأنبار وديالى وسيطرتهم على بعض مناطقها.
&