عيد ميلاد سعيد للسويسريين رغم كل شيء


سفين اجنتير من زوريخ: يمر الترام الذي ينتمي الى عالم الحواديت بشارع باهنهوفستراس وهو شارع التسوق الفاخر بزوريخ تحت أضواء عيد الميلاد المتلألئة وكأن هذا العام كغيره من الاعوام.

داخل الترام يستمع الاطفال الى حكايات يرويها لهم بابا نويل وخارجه يندفع اباؤهم من متجر الى اخر محملين بالحقائب ومتجاهلين حواديت الازمة المالية العالمية.

ويشعر تجار التجزئة بالسعادة بسبب المبيعات القياسية كما أن الحصول على طاولة بأحد المطاعم أصبح بنفس صعوبة حجز حجرة في منتجعات التزلج.

وفي حين حول الكساد الفترة السابقة لعيد الميلاد الى كابوس في أماكن أخرى ما زال مواطنو سويسرا يتمتعون بمزايا طفرة ممتدة منذ خمس سنوات أضافت الاف الوظائف وجاءت بزيادة في الرواتب بالبلاد التي تتمتع بالرخاء بالفعل.

وقالت اديت ويبل سوفيا quot;ما زلت أتسوق وسأستمر في التسوق.quot;

وأضافت الموظفة بمجال الاتصالات فيما كانت تتجول بمتجر ماكس مارا الراقي quot;انا شخصيا لم أشعر بأي أثر للازمة لكنني أراقبها وسأراقبها في المستقبل.quot;

وفي نهاية المطاف لن يستطيع السويسريون تجنب اثار الكساد الذي تتوقع الحكومة أنه سيكون الاسوأ منذ عام 1991 مع تباطؤ الطلب من أماكن أخرى في العالم مما يؤثر على الصادرات التي هي المحرك الرئيسي للنمو بالبلاد.

لكن الاقتصاد البالغ حجمه 490 مليار دولار والذي يخشى البعض أن يواجه انهيارا مثل الذي شهدته ايسلندا بعد أن شطب بنك (يو بي اس) وهو اكبر بنوك سويسرا اصولا بقيمة 50 مليار دولار بسبب ازمة الائتمانات العقارية يبدو في وضع يهييء له الخروج من الازمة فائزا.

وقال هولجر شمايدينج كبير الخبراء الاقتصاديين في شؤون اوروبا ببنك اوف امريكا ان quot;سويسرا حصلت تقريبا على كل شيء على مدار الاعوام الخمسة الماضية... انهم الان في وضع جيد للتعامل مع الكساد وليكونوا في المقدمة في الانتعاش القادم.quot;

ونما الاقتصاد السويسري بمعدل أسرع من معدل النمو بمنطقة اليورو على مدار الاعوام الخمسة الماضية وفيما تتوقع الحكومة السويسرية تقلص الاقتصاد بواقع 0.8 في المئة العام القادم فان الكثير من التوقعات لمنطقة اليورو والولايات المتحدة اكثر احباطا بكثير.

وقال اندريس فونتيس خبير الشؤون السويسرية بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان quot;الكساد في سويسرا سيكون أقل عمقا منه في منطقة اليورو.quot;

وسكان سويسرا البالغ عددهم 7.6 مليون نسمة من بين أصحاب أعلى متوسط لدخل الفرد في العالم كما أن البلاد التي تتمتع بالجبال ذات القمم الجليدية والبحيرات النقية نقاء الكريستال تتصدر التصنيفات العالمية حين يتعلق الامر بنوعية الحياة الى جانب القدرة التنافسية الاقتصادية.

وحتى بعد مرور 18 شهرا على بدء الازمة تقترب البلاد من توظيف كامل سكانها بمعدل بطالة لا يتجاوز 2.7 في المئة.

وكثير من المنتجات عالية الجودة من الساعات والشيكولاتة والادوية الى البطاريات الشمسية والالات تبدو في وضع أفضل لمواجهة الازمة من فروع أخرى كصناعة السيارات في المانيا والولايات المتحدة.

وحتى البنوك السويسرية التي تضررت بشدة قد تستطيع العودة بنجاح متى تنقشع الازمة.

ويقول بيت بيرنيت الاستاذ بجامعة سانت جالين quot;لا أرى فائزين حقيقيين (عالميا) بل خاسرين يعانون من درجة اكبر او أقل من الضرر... كفاءتنا في ادارة الثروات يمكن أن تساعد في تغيير وضع الصناعة المصرفية السويسرية مجددا وبشكل أقوى.quot;

وتبلغ مديونيات بنكي (يو بي اس) وكريدي سويس ثاني اكبر بنك في سويسرا سبعة أمثال اجمالي الناتج المحلي السويسري ومع تفاقم الازمة ازدادت المخاوف من أن البلاد ربما تتهاوى اذا انهار احد البنكين.

لكن شمايدينج قال ان المجازفة محدودة بفضل تركيز البلاد على ادارة الثروات. وأضاف أن quot;اكثر أجزاء القطاع المالي العالمي استقرارا متمركزة في سويسرا فهي دولة يثق بها الناس. لن يسحبوا أموالهم في أزمة.quot;

وقال فيليب هيلدبراند نائب رئيس البنك الوطني السويسري ان المصرفي السويسري التقليدي الحكيم يجب أن يعود بقوة في عالم ما بعد الازمة.

والبلاد الواقعة بمنطقة جبال الالب في وضع أحسن كثيرا بعد أن نجت من أزمتها الخاصة في التسعينات حين أثر انهيار أسعار العقارات ورفض الشعب الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي تأثيرا شديدا على الاقتصاد.

غير أنه ومنذ ذلك الحين ساعدت سياسة سويسرا على تعزيز مرونة الاقتصاد بفتحه أمام الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 دولة مع ترك مساحة لردود الفعل المناسبة تجاه الازمة.

ووقعت سويسرا عددا من الاتفاقيات مع الاتحاد الاوروبي سهلت على مصدريها الوصول الى اكبر سوق بالعالم. وفتحت البلاد سوق العمل بها تماما أمام عاملين من الدول الاعضاء بالاتحاد الاوروبي.

وتدفق عشرات الالاف من المهنيين البارعين مثل المهندسين والممرضات والمعماريين على سويسرا منذ ذلك الحين مما أعطى دفعة لسوق المساكن وملأ خزائن الحكومة بعائدات الضرائب وغذى انفاق المستهلكين.

والعديد من الاسهم السويسرية من ضمن الاستثمارات التي تتمتع بدرجة عالية من الامان وقد ساعدت أسهم نوفارتس المنتجة للادوية وعملاق الاغذية نستلة المؤشر الرئيسي للبورصة السويسرية على تحقيق أداء أفضل من بورصات أخرى كبيرة.

وارتفع الفرنك السويسري خلال الازمة مما يعكس ثقة المستثمرين في البلاد كملاذ آمن.

واستفاد السويسريون المستقلون بشدة ايضا من عدم الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي اذ أبقى البنك المركزي السويسري معدلات الفائدة عند مستوى أقل من منطقة اليورو واستطاع طرح خطة دعم لبنك (يو بي اس) دون اي مشاكل سياسية.

واحتفظ السويسريون بثقتهم في مؤسساتهم المالية على الرغم من الكثير من الانتقادات الداخلية بشأن (يو بي اس). وفي دراسة مسحية أجريت مؤخرا احتلت البنوك المركز الثالث وراء المحاكم والشرطة في قائمة المؤسسات السويسرية التي تحظى بالثقة.

شاركت في التغطية كيتي ريد