ظاهرة جنسية غربية اثبتت نجاح الزواج بعد تجربتها

عرب هولنديون يتحدثون عن تجربة العيش الجنسي المشترك

صلاح حسن من لاهاي: مايحدث في الغرب اليوم من تطور حضاري على الأصعدة كافة لم يأت من فراغ، بل حصل بعد ثورات كثيرة إستمرت أكثر من أربعة قرون شملت جميع مناحي الحياة. ومن يقرأ تاريخ أوروبا سيصاب بالفزع نتيجة للحروب الدامية التي وقعت في القرون الماضية وكان دافعها دينيًا في اغلب الأحيان. لقد نقلت الثورة الصناعية المجتمعات الغربية من اقتصاد القرية إلى اقتصاد المدينة وهي نقلة نوعية تغيرت جراءها الكثير من المفاهيم والعادات والتقاليد. وجاء فصل الدين عن الدولة بمثابة قفزة هائلة نحو الحرية الفردية التي تغيرت على ضوئها أيضًا المفاهيم البائدة وجلبت معها تقاليد حديثة تقدس الحرية الفردية مقابل أن يعتمد المرء على نفسه في كل شيء. إن الفرد في هذه المجتمعات يعمل ويجتهد ويبتكر دون ضغوط تمارس عليه من المجتمع، بل إن المجتمع هو الذي يوفر له الحماية في علاقة تعاضدية يشترك فيها الجميع.

هذا التطور الذي استمر أربعة قرون جاء بأخلاق وتقاليد جديدة تلقفتها المجتمعات الأوربية وجعلتها جزءًا من مقومات حياتها اليوم. من هذه التقاليد صيغة العيش المشترك قبل الزواج بين الرجل والمرأة دون عقود أو شروط مسبقة. كل ما في الأمر أن يقرر الرجل والمرأة الطريقة التي يريدان العيش من خلالها مثل أن يعيشا في بيت واحد بلا زواج. تتيح هذه الطريقة للمرأة والرجل إمكانية معرفة شخصية الأخر بأدق تفاصيلها لكي تكون فكرة عن هذا الأخر ومدى القدرة على استيعابه في حياة مشتركة قد تطول كثيرًا وربما يحدث أن يُنجَب أطفال خلال هذه الفترة.

زوجان هولنديان مع اولادهما المولودين قبل الزواج
بالمقابل فإن الكثير من الزواج الناجح يحصل بعد تجربة العيش المشترك حيث يكون الشريكان قد تعرفا على بعضهما بشكل كامل ولفترة طويلة حيث يكون السلوك ثابتًا والشخصية واضحة ولا مجال لانحرافات سلوكية مفاجئة. كل هذا الأمور واضحة في المجتمعات الغربية التي تجد فكرة العيش المشترك أفضل تجربة قبل الزواج وتسهل من مهمة الأشخاص الذين يحلمون بتكوين عائلة متماسكة مبنية على التفاهم والحب. لكننا في هذا التحقيق نريد أن نتعرف على تجربة العرب والمسلمين في هذا المجال لان هذه التجربة غريبة على المجتمعات العربية الإسلامية وقد قمنا بالبحث في ثلاث مدن هولندية هي أمستردام ولاهاي وهارلم ووجدنا ثلاثة رجال لأنه من العبث البحث عن امرأة عربية أو مسلمة.

الرجال الثلاثة هم عراقيان ومغربي تتراوح أعمارهم بين الخمسين والثلاثين وقد تحدث كل منهم عن هذه التجربة وفقا لخبرته الشخصية ومستواه الثقافي. المغربي واسمه الأول مصطفى وعمره ثلاثة وثلاثين عامًا ونكتفي بالاسم الأول هنا، قال انه يعيش مع صديقته الهولندية منذ ثلاث سنوات في مدينة أمستردام دون مشاكل تذكر بسبب التفاهم على كل الأمور والوضوح في التعامل. هناك مشاكل صغيرة تحدث بسبب الثقافة المختلفة واللغة والتقاليد لكن صديقتي تبدي تفهما كبيرا لهذه المشاكل ولا تتدخل أحيانا في بعض الأمور مثل صوم رمضان على سبيل المثال مع إنني أصوم ليس بسبب وازع ديني لكنني أمارس الصيام كتقليد تعلمته منذ كنت صغيرًا.
الرجل الأخر وهو عراقي اسمه احمد وعمره ثمانية وثلاثين عامًا، قال إن هذه التجربة من أعظم التجارب والانجازات التي حققتها المجتمعات الغربية ويمكن أن تنجح في أي مجتمع له القدرة الحضارية على استيعابها. أنت تشعر بالحرية الكاملة في حياتك ولا تفكر في يوم من الأيام بالعواقب التي قد تحدث إذا تغيرت الظروف لذلك فأنت تتصرف بشكل طبيعي وتتعامل بوضوح مع شريكك وهذا جوهر العملية كلها. أنا أعيش مع صديقتي الهولندية التي تكبرني في العمر ولكنني سعيد بهذه العلاقة وقد اتفقت معها بشكل مبدئي إنني لن أتزوج منها في يوم من الأيام وهي موافقة وراضية.

الرجل الثالث وهو عراقي أيضًا اسمه علي وعمره اثنان وخمسون عامًا ضحك في بداية الأمر وتوقف قليلا قبل إن يجيب ثم قال تخيل لو إن عشيرتي تعرف إنني أعيش مع امرأة هولندية من دون زواج فماذا سيقولون في رأيك ؟ لقد هبطت هذه المرأة علي من السماء وأنا أعيش معها منذ ثلاث سنوات بمنتهى الانسجام مع إن لغتي الهولندية ضعيفة. أنها تحب العرب وتتكلم العربية قليلاً لأن أصدقائي يحضرون دائما لزيارتنا وقد اشتريت لها ملابس عربية من سوريا في إحدى زياراتي وهي سعيدة بذلك. لا أخفيك بالرغم من أنها امرأة في عمري وليست جميلة جدا لكن بعض الأصدقاء يقدمون لها رقم تلفونه النقال ويقول لها اتصلي بي إن أردت.

هذه التصرفات لا يقوم بها غير العربي والشرقي والمسلم، على الرغم من أنهم يعيشون هنا منذ سنوات طويلة لكنهم للأسف لم يتعلموا من هذا المجتمع اللياقة أو الاحترام أو أي شيء مفيد. أنا أريد أن انتهز هذه المناسبة لكي أقول إن العقلية التي يتعامل بها الشرقي الذي يعيش في الغرب تقدم صورا بائسة للغاية عن مجتمعاتنا التي تعيش في الوهم والخرافة والتخلف. هذه الصورة هي احد الأسباب التي تجعل المجتمعات الغربية تنظر إلينا كمجتمعات قاصرة لم تبلغ سن الرشد بعد.