عامر الحنتولي من الكويت: تعاني آلاف الأسر العربية في الكويت أشد المعاناة من قلة الأماكن المنضبطة والملتزمة الخاصة بالتنزه والترفيه عن النفس في بيئة عمل ضاغطة لا ترحم، ناهيك عن المناخ الجوي القاسي من إنحباس للأمطار شتاءا، والإرتفاع الحاد في درجات الحرارة صيفا، وهو ما تنتظر آلاف الأسرة العربية معه أشهر الصيف الأولى للإنطلاق نحو بلدانهم لقضاء إجازة صيفية طويلة يعودون بعدها الى الكويت في دورة حياة جديدة، فغالبية الأسر العربية هنا لا تجد المكان المثالي للتنزه دون جلبة أو ضوضاء أو مستهترين يلاحقهم الأمن الكويتي ليل نهار لتوفير بيئة تنزه آمنة لمواطنيها والمقيمين على أرض الكويت، إلا أن البيئة الكويتية تفتقر للطبيعة الخلابة أو الجبال العالية التي تعطيك شعورا بالإنتعاش كما يحدث في لبنان والأردن ومصر وسورية، وهي أبرز الدول التي لها تواجد جاليات كثيف في الكويت منذ عقود عدة، إلا أن هجروا بلدانهم وجاؤوا الى الكويت لأسباب مالية واقتصادية بحتة.

أشرف الدسوقي المقيم وأسرته في الكويت لا يتردد في القول أمام إيلاف أنه يضطر أحيانا لسجن أبنائه في البيت لعدم وجود أماكن محتشمة للتنزه داخل الكويت، فلا يوجد هنا غير المطاعم أو المولات التجارية الضخمة أو المقاهي وهي أماكن يرى الدسوقي أنها لا تناسب البيئة التي تربى بها أبناؤه في الصغر، لأن تلك الأماكن ينطوي بعضها على عادات دخيلة وغريبة تصل الى حد المجون، وهو لا يريد أن يطلع الأبناء على تلك العادات للحيلولة دون اتباعها، خصوصا وأن رفاق السوء يجدون ضالتهم في تلك الأماكن لضرب الأخلاق واسقاط القيم.
وفقا للدسوقي وهو طبيب استشاري عظيم من جمهورية مصر العربية فقد جاء من بلد تنطوي بكثرة على تلك العادات السيئة في المولات والمقاهي، لكن في مصر مثلا فهو قادر على دفع أبنائه هناك بعيدا عن تلك العادات السيئة من خلال حثهم على السفر الى المناطق الطبيعية في مصر من بحر وأنهار وجبال وبحيرات وآثار، وتلك الأماكن لا يرتادها أساسا إلا الراغبين في توطين الأبناء في بيئة منضبطة للتنزه، لأنها أماكن مخصصة للأهالي والعائلات... خلافا للمقاهي والمولات التي أسهمت بقوة في توطيد الرذيلة.... نحن بتنا نرى أطفالا بعمر الزهور يقومون بالتدخين وشرب الأرجيلة علنا دون أي وازع أو رادع... فالحكومة كما يقول الدسوقي هنا لا تقصر في ملاحقة مثيري ومريدي الرذيلة لكن الأمر مع مزيد من الأسف ينتشر وكثير من الأسر العربية الملتزمة هنا بدأت تستشعر الخطر الى لذلك عمدت الى تجهيز المعتقلات البيتية بأحدث أنواع التكنولوجيا لإغنائهم عن التوجه الى أماكن الترفيه المشبوهة.

منى دغلس تقول أمام إيلاف quot; أنا ربة بيت وغالبا لا أغادره إلا للضرورات وزيارة الأقارب... بالصدفة ذهبت لآخذ بنتي الى أحد حفلات عيد الميلاد لزميلاتها في المدرسة في أحد المطاعم المعروفة والشهيرة هنا بمنطقتنا... وأنا أتوقف بسيارتي رأيت العجب العجاب... تخيل فتيات في عمر الخطر يلبسن لباسا فاضحا ويضعن من مساحيق التجميل ما لا تضعه عروس في ليلة زفافها، كما أن الفتيات يتأبطن أذرع الشباب في مشاهد صدمتني... هالني المنظر فأنا لم أره من قبل.. التفت لإبنتي وقلت لها هل ستقيم زميلتك عيد ميلادها في هذا المكان القذر فأجابت بالتأكيد... الفضول وحب الإستطلاع دفعني لركن السيارة ومرافقة إبنتي لمعرفة ما يدور في تلك المطاعم المشبوهة فقد صعقت من حجم الرذيلة المتفشي بين شباب في عمر الخطر والمراهقة... فمن الرقص الغريب الى طريقة اللباس المثيرة للإشمئزاز الى التدخين والأراجيل... لم أحتمل المشهد فدفعت بنتي دفعا الى الخارج وأنا ألومها وأعاقبها بأقسى الكلمات على ارتيادها لحفلات مشبوهة كهذه... لكن الحقيقة نحن نعذر الأبناء أحيانا لأننا دائما نتلقى أسئلتهم بألم quot;أين نذهب؟!quot;.

إبتسام العطار قالت لإيلاف أنها تضطر لمرافقة أبنائها الى الأماكن العامة لإخضاعهم للرقابة المستمرة وحرصا على عدم انزلاقهم نحو العادات السيئة التي بدأ يبيحها بعض الأهالي للأبناء على اعتبار أن الشباب يجب أن يرحوا عن أنفسهم من العمل والدراسة... وأن الكويت لا تنطوي على القدر الكافي من أماكن التنزه والترفيه عن النفس، فهم لا يستطيعون سجن الأبناء ومنعهم من مغادرة المنزل لأنهم يخافون عليهم من الإكتئاب أو الأمرا النفسية، إلا أنني أستطيع أن أسجن أبنائي لمدة ست أيام في المنزل ما بين المدرسة والمطالعة واستخدام الكومبيوتر والتلفزيون داخل المنزل... أما يوم الخميس فهو اليوم المعتاد للتنزه والمشاوير لكن برفقتي أنا ووالدهم فأينما تجولوا يظلون تحت أعيننا... لذلك أنا أكون مطمئنةquot;.