كشفت الأحداث التي تزامنت مع المباراة المونديالية الفاصلة بين منتخبي مصر والجزائر في السودان قبل بضعة أشهر، عن وجود ما يمكن أن يُطلق عليه quot;الجرح الغائرquot; في صميم العلاقات بين البلدين، بصورة أثارت ذهول كثيرين على المستويين الرسمي والشعبي في كلا البلدين.
أشرف أبو جلالة من القاهرة :المباراة التي تُقدِم بعض وسائل الإعلام الغربية على وصفها بـ quot;الحربquot;، ويتكهن بعضها الآخر بأنها قد تكون بداية لحرب أخرى شاملة في المنطقة خلال السنوات القادمة، لا بد وأنها كانت بعيدة كل البعد من فنون الساحة المستديرة وأخلاقيات اللعبة التي تشدد عليها لوائح الفيفا.
وعلى الرغم من كافة التوترات التي شابت العلاقات بين الجانبين طيلة الفترة الماضية، إلا أن الأوضاع قد بدأت تهدأ نسبيًّا، حتى عند تقابل المنتخبين في نصف نهائي بطولة أمم إفريقيا الأخيرة بأنغولا. لكن حالة الشد والجذب عاودت للظهور من جديد على مدار اليومين الماضيين، وتحديدًا مع بدء اجتماع اتحاد شمال إفريقيا. وكانت البداية مع ما تم نشره من تصريحات على لسان محمود الشامي، عضو الاتحاد المصري لكرة القدم، والتي أكد فيها على أن الفترة العصيبة بين الطرفين المصري والجزائري اقتربت من نهايتها، وأن الجزائر لم تقدم أي احتجاج للفيفا ضد الإتحاد المصري على خلفية الأحداث التي وقعت بين البلدين إثر مواجهتهما في تصفيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.
وهي التصريحات التي سرعان ما نفاها الشامي يوم أمس، بعد أن كذبها رئيس الاتحاد الجزائري، محمد روراوة، في مقابلة مع الصحافة الجزائرية.
وهي المقابلة ذاتها التي أكد من خلالها روراوة مع صحيفة الخبر الجزائرية على أنه يرفض الصلح مع مصر، إلا بعد أن يتقدم سمير زاهر، رئيس الاتحاد المصري باعتذار علني للشعب الجزائري.
وفي ظل هذه الأجواء المتشابكة ذات الإيقاعات الصاخبة، بدأت تتضح حقيقة مهمة على خط المواجهة بين رئيسي الاتحاد المصري والجزائري، في ما يتعلق بطريقة إدارة كليهما للأزمة التي يراها كل طرف من منظوره الخاص.
فالصراع شديد السخونة الذي بدأ قبل شهور بين quot;أصدقاء الماضي القريبquot;، بدأ بشكل مثير للجدل عقب رفض روراوة مصافحة زاهر، بعد عرض الأخير مبادرة للصلح وتهدئة الأجواء قبيل مواجهة المنتخبين الحاسمة في أم درمان.
وبعد مرور ما يقرب من أربعة أشهر على تلك الواقعة، تثبت الأيام أن الأجواء لا تزال مشحونة بين كلا الجانبين، مع إصرار كليهما على ملاحقة الآخر داخل أروقة الفيفا، على خلفية الأحداث التي رافقت مواجهات الفريقين الأخيرة.
وفي الوقت الذي سلك فيه الطرفان الطريق نفسه، بدا من الواضح أن هناك تفوقًا ملموسًا في طريقة إدارة روراوة للأزمة، بعد نجاحه في إبراز وعرض مظالمه بصورة احترافية أمام الرأي العام الجزائري وأمام مسؤولي الفيفا، على عكس الخطوات والملفات التي جهَّز لها الاتحاد المصري في وقت بات يتعذر فيه البكاء على اللبن المسكوب.
وفي مشهد آخر يبدو مكررًا، صورة بالكربون لسياسة روراوة العبقرية في التعامل مع ملف أزمة بلاده الكروية مع مصر، ها هو ينجح من جديد في كسب quot;بُنطquot; جديد على حساب مسؤولي الجبلاية، مستغلا ما نُشِر على لسان أحد أعضائه، وهو محمود الشامي، بشأن قرب انتهاء الفترة العصيبة مع الجزائر.
حيث بادر في أقل من 24 ساعة على تكذيب الخبر، مواكبًا سياسة التصعيد والثبات على الموقف التي يتبناها منذ اليوم الأول لاشتعال فتيل الأزمة. وهو إذ يثبت بتلك الإستراتيجية تفضيله مواصلة الحرب التي بدأها بلا هوادة ضد مسؤولي الاتحاد المصري، في ملمح بطولي بنظر كثيرين على طريق المواجهة بين البلدين، إلى أن تقول الفيفا كلمتها في الإشكالية.
وكان الاتحاد الدولي قد أصدر يوم أمس الاثنين بيانًا أعلن فيه أن لجنة الانضباط ستستمع إلى أقوال مسئولي مصر والجزائر في ما يتعلق باتهام البعثة الجزائرية للمصريين بالاعتداء عليها في القاهرة قبل مباراة الفريقين بتصفيات كأس العالم في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، وذلك في جلسة استماع سوف تنعقد يوم الخامس عشر من شهر نيسان / أبريل المقبل في المقر الرسمي بزيوريخ في سويسرا.
التعليقات