كشف المدير الفني السابق للمنتخب المغربي حسن مومن في حوار خاص مع quot; إيلافquot; بعض الأمور التي حدثت خلال فترة توليه مسؤولية الاشراف على المنتخب ، خصوصا ما وقع في الغابون، والكاميرون، مؤكدا أنه عانى من بعض انتفاضات اللاعبين التي وصلت في بعض الأحيان إلى التمرد.
وعادت علامات الاستفهام لتطرح حول ما يقع داخل المنتخب المغربي، بعد المستوى الباهت الذي ظهر به أمام المصنف ما قبل الأخير في الترتيب العالمي منتخب إفريقيا الوسطى، الذي خطف نقطة ثمينة من قبل العاصمة الإدارية الرباط، من بين أفواه أسود فقدت كل شيء، حتى مع وجود مدرب من العيار الثقيل، ويتعلق الأمر بالبلجيكي إيريك غيريتس، الذي يشرف على الأسود الأطلس عبر الهاتف، من خلال اتصالات يجريها مع مساعده المدرب الفرنسي دومينيك كوبرلي.
وفتح هذا المظهر المخيب للآمال الباب على مصراعيه للنبش في ما كان يقع داخل المنتخب من quot;انتفاضاتquot; للاعبين ضد المدربين، سواء الأجانب أو المحليين، كانت بعضها وراء وصول الفريق الوطني إلى حالة التفكك التي يوجد عليها حاليا.
وآخر حادثة من هذا النوع سجلت في المباراة أمام إفريقيا الوسطى، إذ إن منير الحمداوي (لاعب فريق أياكس أمستردام الهولندي) رفض مصافحة المدرب كوبرلي، بعد أن عمد إلى تغييره في الشوط الثاني.
وهذا يرجع بالأساس إلى أن التخطيط كان دائما منعدما، ويكون على المدى القصير، وهو ما جعلنا نعيش دائما تحت الضغط، الذي يفرض بدوره على المجموعة التي يطلب منها تحقيق نتائج في وقت وجيز، وبالتالي فإن تسطير أهداف على المدى القصير يكون سيفا ذا حدين، إذ يصبح هناك ضغط كبير، تقود بعض المرات محاولات التخلص منه إلى السقوط في التسرع، وأخطاء لا يمكن أن ترتكب في حالات عادية.
* ألا ترى بأنه لم تعطك الفرصة الكافية لوضع لمستك على المنتخب؟
بالنسبة لي أنا استقدمت في ظرف معين كان يمر فيه المنتخب، إذ إن عقدي كان محددا في مدة زمنية من أجل إصلاح ما يمكنه إصلاحه، لكن ما تبين لي في تلك اللحظة هو أنه كان يلزمنا المزيد من الوقت لتحقيق هذا الهدف.
حاولنا أن نشتغل أكثر لأن تواجدنا في تلك اللحظة تزامن مع بروز مشكلتين رئيستين هما، انعدام الثقة وحدوث انشقاق داخل المجموعة، وبالتالي عندما تغيب الثقة المتبادلة بين العناصر، فكان من الضروري أن نعمل على تسطير أهداف نعمل عليها.
وتمثل الهدف الأول في إعادة العلاقة بين اللاعبين لأنهما هما من يمكنهما أن يشكلوا قوة، أما الهدف الثاني فتجلى في البحث عن إرجاع الثقة في المجموعة حتى يتمكنوا من العطاء.
لكن هذه الأمور كلها اصطدمت بكون أن المدة التي يقضيها اللاعبون داخل المنتخب الوطني قليلة ولا تساوي شيئا، وبأن ذلك المنزل كان آيلا للسقوط في أي لحظة من اللحظات، وهذا ما وقع لنا للأسف.
إذ إن أي لاعب يحس بأنه سيوضع في دكة الاحتياط، أو سيجري تغييره في الشوط الثاني، كان يبدر منه رد فعل. لهذا فإنني أقول إن البناء يحتاج إلى الوقت، إذ يجب أن نغير في محيط الفريق الوطني، وفي عقلية التدبير للاعبين. ويجب أن يكون هناك التزام تام بشروط، في مقدمتها التضحية من أجل الفريق الوطني، إذ لا يجب أن يظل هناك فرق بين لاعب رسمي وآخر بديل، فـ quot;الأناquot; يجب أن تلغى في سبيل تحقيق مصلحة الوطن.
وهذه الأمور تهم بدرجة كبيرة اللاعب المحترف، الذي من الضروري احترام الوضعية التي يوجد فيها، لكن في الوقت نفسه هناك منتخب وطني ومدرب يجب الالتزام بالضوابط التي تقنن العلاقة في ما بينهما.
* هناك من يتحدث عن وجود خلافات كبيرة بين اللاعبين، هل تتفق معهم؟
ما هو أكيد أنه ليس من خلال ملاحظات يمكن أن نطلق استنتاجات أو آراء، إذ إن ارتساماتنا ونحن في حالة انفعالية يمكن أن تكون على صواب أو على خطأ. لكن الأكيد أن اللاعبين في حد ذاتهم يعيشون إحباطات ذاتية، ولدي اليقين أن لا أحد منهم يتمنى أن يدخل الملعب ويسمع اسمه يتردد وسط الجمهور. فكل واحد يدخل يتمنى أن يعطي كل ما لديه، هذه المسألة تجعلهم يمارسون ضغطا كبيرا على أنفسهم.
أكيد أنه ليس هناك تفاهم كبير، لأنه لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها، إذ إن هناك أمورا كثيرة يجب أن نمر بها، لأن اللاعب الذي يتخوف من أن يخطئ، يصبح يفكر كثيرا وبالتالي فإنه يقع في الخطأ الذي كان يهرب منه.
وهذا ما جعلنا نرى البناء الهجومي، في المباراة الأخيرة للمنتخب، كان فيه نوع من التباطؤ، لأننا لم نصل للاستقرار النفسي والتفاهم الجماعي الذي يمكننا من لعب كرة محررة وبسرعة كبيرة، تجعل الخصم لا يجد الوقت الكافي لإعادة تنظيم صفوفه.
الجمهور محبط، وهذا من حقه، لكن البناء يحتاج إلى الوقت. فالهدم وقول ما نريد سهل، لكن إعادة البناء صعبة، لأن الوقت هو السيف المسلط على المشرفين على المنتخب.
* هل غيريتس في حاجة إلى إعطائه الوقت الكافي قبل الحكم عليه؟
هو لم يبدأ بعد حتى يعطاه الوقت. الفريق الوطني منذ سنة 1998، إذا استثنينا سحابة صيف سنة 2004، وهو يعيش على إيقاع الأزمات. لهذا يجب أن نتريث جميعا، ونحاول أن نكون أكثر مسؤولية، ونوجه خطابنا، لأنه إذا لم يكن هناك عمل قاعدي كبير، فإن الفريق الوطني سيصعب عليه الرجوع إلى الواجهة في ظرف وجيز.
لهذا يجب إنجاز عمل عميق، مبني على أسس متينة، إذ إن الفريق الوطني سيصل إلى أعلى مستوى له، إذا نجحنا في القيام بهذا العمل على مدة زمنية طويلة.
* أصعب فترة مرت عليك عندما كنت مدربا للمنتخب الوطني؟
كنت أتخوف من ردود اللاعبين الهواة، لكن ما وقع في الغابون من ردود فعل للاعبين بين قوسين محترفين، شكل بالنسبة لي صدمة لم أكن أنتظرها نهائيا.
أما النقطة الثانية، والتي كانت خطرة، فهي أنه في المباراة الأخيرة مع المنتخب الكاميروني، برسم الإقصائيات المؤهلة لكأسي العالم وإفريقيا، هي تقديم 12 لاعبا شواهد طبية حتى لا يلعبوا في تلك المقابلة، وهو ما يعتبر ضربة قاسية بالنسبة إلى المنتخب الوطني، إذ كانت لها دلالات كثيرة، إذ إن من يريد أن يلعب للمنتخب الوطني يجب أن يضحي.
وبالعودة إلى ما حدث في الغابون، فإن مبارك بوصوفة (لاعب أندرلخت البلجيكي) كان ضحية، إذ إن المشكل وقع لي مع يوسف حجي (لاعب خط وسط نادي نانت الفرنسي)، إذ إنه قال إن حسن مومن خذلني، اعتقادا منه بأنني وضعته في لائحة البدلاء وهذا غير صحيح، وحتى لو كان الأمر كذلك، فإن يجب عليه أن يجلس في الاحتياط.
وحقيقة ما وقع بالضبط، هو أنه في الحصة التدريبية الأخيرة دخل الجمهور، مع العلم أن هذه الحصة كان مبرمجا أن تكون مغلقة حتى نتدرب على خططنا في راحة.
وهذا ما دفعني إلى تنظيم مقابلة صغيرة، حرصنا فيها على عدم إعطاء التشكيلة الرسمية التي ستشارك في المباراة، لكن للأسف بعض اللاعبين المحترفين، عندما وجدوا أنفسهم في فريق quot;بquot; احتجوا وسط الحصة، وقالوا لي quot;اسمح لنا لا يمكننا أن نلعب كبدلاءquot;، مع العلم أنهم كانوا سيلعبون كرسميين في المنتخب، إذ إننا أردنا فقط خداع المراقبين، الذين أرسلهم مدرب المنتخب الغابوني للتعرف إلى التشكيلة المحتملة، التي كنا سنلعب بها. لكن بعض لاعبي المنتخب وقعوا في الفخ، غير أن ما كان سيئا في الحادث هو أن لاعبين محترفين رفضوا أن يكونوا في فريق quot;بquot;. وهذه هي العقلية السائدة حاليا، إذ إن اللاعب إذا كان يشارك فهو راضٍ، ولكن إذا وضعته في دكة الاحتياط فإنك تصبح عدوه. وهذه هي الطامة الكبرى التي يجب أن لا تكون في الفريق الوطني. وعندما نصل إلى أن اللاعب بمجرد استدعائه إلى المنتخب الوطني يكون ذلك بمثابة فخر بالنسبة إليه، وبالتالي يجب أن يضحي بكل شيء من أجل بلده، ففي تلك الأثناء سنصل إلى أعلى مستوياتنا، سواء بوجود إيريك غيريتس أوغيره.
وفي هذا الحوار مع quot;إيلافquot; يكشف حسن مومن، المدرب السابق للفريق الوطني، عن بعض هذه الأمور ..
رغم تغيير المدربين، إلا أن المنتخب المغربي ما زال على حاله، ما سبب ذلك؟
إعادة البناء يحتاج إلى الوقت وليس بالأمر السهل. ويكفي على أن أي لاعب مهما كانت قيمته فهو ليس كل شيء في المنتخب. فآخر تصريح لمدرب منتخب الأرجنتين أكد أن النجم ليونيل ميسي لا يجب أن نطلب منه دائما أن يقودنا إلى الفوز، ولكن يجب أن نطلب من الفريق بأكمله أن يبدل الجهد حتى ننجح في تحقيق النتائج الإيجابية.
ولقد حاول المدرب الأرجنتيني من خلال هذا التصريح تخفيف الضغط على ميسي، الذي كلما أحس بأنه يحمل عبء المنتخب لن يكون بإمكانه اللعب براحة، وتقديم العروض نفسها التي يقدمها مع فريق برشلونة الإسباني.
وفي نظري، إن إعادة البناء تحتاج إلى الوقت. فخلق مجموعة قوية متجانسة مجددا ليس بالأمر السهل، وللأسف فإن المنتخب الوطني كان دائما على هذا الشكل، إذ منذ سنة 1970 عشنا فترة فراغ حتى سنة 1976، ثم بعدها تكرر السناريو نفسه، قبل أن يظهر الجيل الذهبي لسنة 1986، ثم دخلنا فترة الفراغ مجددا حتى سنة 1994، ثم بعدها سنة 1998، قبل أن تكون آخر محطة هي سنة 2004.
التعليقات