وسط سبات عميق تغط فيه كل مناحي الحياة الرياضية في السعودية، كتب أبناء مدينة صغيرة في شرق المملكة رواية قصيرة، بات يعرفها العالم الآن، الرواية الصغيرة تقول quot;عليك بمصافحة يد مضر، لأنك لا تقواهاquot;.

الأسلاف صنعوا الأقداح والأبناء صاغوا كأس آسيا

الرياض
: من نافلة القول، إن الرياضة في المملكة حققت إنجازات كثيرة محلياً ودولياً، لكنّها في سنواتها الأخيرة رغم وفرة المال وعديد الخطط راوحت مكانها، ففي كرة القدم وهي واجهة المشهد الرياضي لا تكفي 100 مليون ريال لتحقيق بطولة آسيوية.
أما في نادي مضر فالموضوع مختلف جداً، فيمكنك بقليل من المال وكثير من التخطيط والدراسة والإصرار، أن تعتلي سدة القارة الصفراء، وأن تذهب بثقافتك الفاخرة إلى مونديال الأندية بين عمالقة كرة اليد في العالم.
الملحمة السعودية التي رعاها الأمير عبدالعزيز بن محمد بن فهد نجل أمير المنطقة الشرقية مساء الاثنين، كانت حافلة بالمعاني الوطنية والرياضية، لقد ردّد حينها الأمير عبدالعزيز وهو يتوّج أبناء مضر quot;لقد فعلناها، العلم الأخضر أخذ مكانه بين أندية العالمquot;.
نادي مضر الذي اعتمد رسمياً ضمن الأندية السعودية مطلع سبعينات القرن الماضي لا يملك منشأة تضم لاعبيه وكوادره، يتدرب في ساحة نصفها أخضر والنصف الآخر تراب، فقط في النهار، لأن ملعب الفريق لا توجد فيه إضاءة تبدد عتمة المساء، ومع الأجواء الرطبة والحارة في المنطقة الشرقية فإنه يلزم اللاعبين الاستعداد يومياً لتحمل درجة حرارة تقترب من الخمسين لكي يتموا حصتهم اليومية من التجهيز والإعداد.
وهذا ما حصل قبل البطولة الآسيوية لكرة اليد التي حققها أبناء مضر من أفواه عمالقة كرة اليد الآسيوية.
أما عن محافظة القديح التي سميت بذلك تصغيراً لكلمة القدح، لأن أسلاف أبطال آسيا اشتهروا بصنع الأقداح قديماً، فعدد سكانها يقرب من الخمسين ألفاً ويسكنون في مساحة تعتبر هي الأعلى كثافة سكانية في الوطن العربي في بساتين صغيرة متراصة.

أبناء مضر خطفوا اللقب من أفواه عمالقة كرة اليد الآسيوية

وللوهلة الأولى حين ينظر أي متابع لكرة اليد إلى صورة الفريق وجماهيره التي تشبه جماهير هولندا بألوانها البرتقالية الزاهية، سيظن بأن هذا النادي لا يقل شأنا عن الهلال والإتحاد مادياً، لكن المفاجأة ستكون حاضرة عندما يعلم بأن هذا الفريق الذي يدعم كل منتخبات المملكة من البراعم حتى الفريق الأول في كرة اليد لا تتعدى ميزانيته السنوية الخمسة ملايين ريال جلها من التبرعات.
علي سعيد آل مرار، المشرف على كرة اليد في نادي مضر تحدث لـquot;إيلافquot;، فيقول إنهم بدأوا الاستعداد للبطولة في رمضان، ولأن إمكاناتهم في النادي ضعيفة فإن موعد تمرينهم عصراً والجميع صائمونquot;.
ويتحدث آل مرار عن الإعجاز كما أسماه فيقول quot;لقد فرحنا لأننا أفرحنا الوطن وضمنا لرايته الخضراء مكاناً بين أقوى فرق العالم في مونديال الأندية المقبلquot;، ويضيف quot; تلقينا دعماً رسمياً وأهلياً، الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة كان متابعاً، والرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل كان على الخط، أما أبناء وأهالي القديح وباقي السعوديين فكنا نريد أن نثبت لهم إصرارنا وعزيمتنا في نهاية المطاف، وهو ما تحققquot;.
ويعرج آل مرار على الآتي بعد أن وضعت البطولة أوزارها وسلمت لناديه رايتها فيقول quot;لقد سألني الكثيرون بعد نهاية البطولة، لماذا لا تفرح؟، فأجبتهم بأن الحمل أصبح أثقل، والمهمة باتت أصعب، نريد تمثيلاً مشرفاً في البطولة، والمحافظة على هذا الانجاز باستمراريته، لكنني أرتاب كثيراً كلما تذكرت أن نادينا لا يملك منشأة ترعى أكثر من عشرين لاعباً يمثلون منتخبات المملكة في درجاتها المختلفة براعم وناشئين وشبابا وكباراquot;.
يقول الصحافي الرياضي علي الزهراني وهو يتحدث عن إنجاز مضر، quot;على الأندية التي تسمى بأنها كبرى أن تخجل، لقد فضح مضر كل أعذارها من نقص المال أو المنشآتquot;، ويضيف quot; ما شاهدناه على أرض القطيف أمر يمكن تسميته بطغيان الإدارة على المال، والفكر على الشيك، والعزيمة على الدعمquot;.