كره عادل تعرابت الحياة في انكلترا كثيراً عندما وصل إلى لندن قبل أربع سنوات، وأراد أن يعود إلى فرنسا بعد أسبوعين فقط من انضمامه إلى توتنهام.

مرت السنوات الأربع هذه بسرعة على المغربي عادل تعرابت، كابتن ومهاجم كوينز بارك رينجرز متصدر دوري الأبطال الانكليزي، الذي أكد الآن أنه لا توجد لديه أي نية لمغادرة انكلترا. وسبب تحول موقفه الدراماتيكي هذا هو الدعم الكبير الذي تلقاه من المدير الفني في رينجرز نيل وارنوك. وهو المدير الفني السادس الذي يلعب تعرابت تحت إدارته في لوفتوس رود، والذي جعل من مشاركته على سبيل الإعارة دائمية ومن ثم عينه قائداً للفريق، وقد أوتت هذه القرارات ثمارها بشكل رائع.

وفي يوم الأحد الماضي سجل اللاعب البالغ الـ21 عاماً هدفه الـ14 هذا الموسم في الفوز 2-1 على كوفنتري، وساعد في بقاء رينجرز في صدارة دوري الأبطال بفارق 7 نقاط. وقال تعرابت بعد المباراة: quot;نيل هو أول مدير فني عرف كيف يتعامل معي. إنه مثل آب لي وعندما أخطأ أحياناً يقول للاعبين الآخرين لا تصرخوا في وجهه، إذا كان هناك من سيتحدث معه فهو أنا فقط. وهذا الموسم كان رائعاً بالنسبة إليّ، وآمل أن أساعد النادي في التأهل إلى الدوري الممتاز لأن نيل يستحق ذلكquot;.

هاجر تعرابت مع عائلته المغرب إلى فرنسا مطلع تسعينات القرن الماضي عندما كان عمره أقل من عام واحد، ونشأ في مرسيليا وبدأ مسيرته الكروية مع نادي لينس للشباب. ولكن عندما انتقل إلى لندن كان عمره 17 عاماً فقط فإنه تلقى تنبيهاً فظاً للحياة على أرض الملعب وخارجه، إذ قال: quot;وصلت إلى لندن وكانت الساعة تشير إلى الثالثة بعد الظهر وكانت السماء مظلمة في ذلك الوقت. لعبت مع الفريق الاحتياطي لتوتنهام ضد تشلسي، ولم أفهم كيف يلعبون الكرة في انكلترا، أحدهم طرحني أرضاً ولكنني لم أحصل على ركلة حرة ولم يفعل الحكم شيئاً، بل أشار إلى الاستمرار في اللعب. في فرنسا اللعبة هادئة واللاعبين لا يناقشون الأمور في ما بينهم. في انكلترا اسمع صيحات استهجان وشتائم، حتى لاعبو فريقي كانوا يصرخون في وجهي. اعتقدت بأنهم كانوا يهينونني. ولم يساعد هذا على شيء لأنني لم أكن أعرف حتى كلمة انكليزية واحدةquot;.

وكل هذا كان له تأثيراً مدمراً على حرفية تعرابت حتى أن شقيقه، الذي رافقه إلى شمال لندن، أصبح قلقاً للغاية على المهاجم الذي شعر أن quot;قدرته الطبيعية التي وهبها الله إليهquot; بدأت تتحطم. وبعد أسبوعين من مكوثهما في فندق خصصه توتنهام لهما، طلب تعرابت من شقيقه العودة إلى فرنسا، ولكن الأخير أكد أنه لا أمل في ذلك لأنه كان قد وقع عقداً مع توتنهام لمدة خمس سنوات.

إلا أن الأمور بدأت تتحسن، على الأقل كان لديه أصدقاء في تشكيلة توتنهام يتحدثون الفرنسية، وسرعان ما وجد وسيلة سهلة لتعلم الانكليزية، فقد كلف النادي مدرساً لتعليمهم اللغة ساعة في كل يوم: quot;كان يعلمنا كيف نقول عجلة السياراة، فكنت أرد عليه: لا تساعدني عجلة السيارة في شيء، قل لي كيف أطلب المواد الغذائيةquot;.

والمهاجم المغربي كان أكثر مجاملة في حديثه عن المدير الفني السابق مارتن يول الذي ضمه إلى توتنهام، ولكن الأمور انحرفت تحت إدارة خليفته: quot;لقد منحني مارتن فرصة ولكن خواندي راموس حطمني، فلم يكن يحبني إطلاقاً، وكان يعاملني مثل الرجل على رغم أن عمري كان 18 أو 19 عاماً فقط، وكان يعطيني المشورة حتى لو لم يشاركني في المباراة. لم يكن يتحدث معي، ويضعني فقط في الفريق الاحتياطي وهو يقول لا أحبه، ولا أريد أن اشاركهquot;.

ولم يشر تعرابت إلى خطط هاري ريدناب، لأنه في غضون أشهر من توليه منصب المدير الفني في وايت هارت لين تم ارساله في آذار 2009 إلى كوينز بارك رينجرز على سبيل الإعارة، إلا أنه قال: quot;على رغم أن هاري لم يشاركني في الكثير من الأوقات في المباريات، إلا أنه كان جيداً نحوي. إنه واحداُ من أفضل المدربين في انكلترا، وقدم لي نصائح كثيرة وكان يؤمن بأنني استطيع أن أفعل أشياء لا تصدق ولكنه طلب مني الاستمرار بالعمل الجاد والتدريب. وقال لي هذه هي انكلترا عليك أن تدافع عن نفسك إذا كنت تريد أن تكون لاعباً ممتازاًquot;.

وسبق للمهاجم أن خطط في الصيف الماضي بالانتقال إلى اسبانيا، إلا أنه عبر عن امتنانه للمشورة التي قدمها له ريدناب، على اعتبار أن كرة القدم الانكليزية ستطور من قابلياته لأنها هي الأفضل والتي أقنعته بالبقاء في لندن.

وفي الوقت الذي حذره أصدقاءه وزملائه من اللاعبين، وحتى وكيل أعماله، من التوقيع الدائم مع رينجرز، إلا أنه استطاع أن يتألق تحت إدارة وارنوك، إذ قال المغربي: quot;اتصل نيل بيّ في الصيف الماضي وقال إنه يريد أن يجعلني نجماً وستكون لديّ حرية الحركة في الملعب، وحتى لو فقدت الكرة فإنه سيكون هناك بعض اللاعبين خلفي للقيام بالمهمة الدفاعيةquot;.

وأضاف: quot;عندما يقول مدربك سأجعل الفريق يلعب من أجلك، فإنك ستعتقد حقاً بأن هذا المدرب يحترمك. أتذكر انني لم اقدم أداء جيداً في الشوط الأول من المباراة ضد بريستول التي اقيمت في تشرين الثاني الماضي، ويعرف نيل انني لا أحب أن يصرخ اللاعبين في وجهي، أخذني جانباً في فترة الاستراحة وسألني عن وضعي ولماذا لم أكن جيداً، دخلت أرض الملعب في الشوط الثاني وسجلت هدفينquot;.


ومثل هذا الايمان لوارنوك بتعرابت دفعه إلى تعيينه كابتناً للفريق بعد إصابة فيتز هال في أوتار الركبة بعد أسبوع واحد فقط من انطلاق الموسم، واحتفظ المغربي بالشارة على رغم عودة المدافع إلى الملاعب في تشرين الثاني الماضي.

ويؤكد تعرابت عن مهمته: quot;يعلم الجميع انني لست القائد الذي يتحدث دائماَ، فأنا لا أصرخ بوجه اللاعبين وأصبحت مثالاً يحتذى به. في غرفة تغيير الملابس أرى بعض اللاعبين يتقيأ من الضغط، أما أنا فأعصابي تكون باردة حتى بداية المباراة، وفي الاستراحة أضع المنشفة على رأسي ولا اتكلم، وكثيراً ما أذهب إلى الشوط الثاني من دون أن أقول كلمة واحدةquot;.

وإذا جلب أداءه شيئاً خاصاً لكوينز بارك رينجرز، فإن تعرابت يقر أن سبب تعلمه أخلاق المهنة يعود إلى وارنوك: quot;كنت سابقاً أمارس اللعبة من أجل التمتع. أذهب إلى أرض الملعب لمدة 90 دقيقة، فإذا فاز فريقنا فأكون سعيداً، وإذا لم يفز فأذهب مباشرة إلى منزلي. أما الآن، ومع نيل، فإن كل مباراة لها أهميتها. في بعض الأحيان إذا كسب النادي مباراته، فإنني اعتبر نفسي فائزاً حتى لو لم أقدم أدء جيداًquot;.

ونجاح تعرابت الملفت للنظر أدى إلى دهشة ريدناب وتساؤله ما إذا كان محقاً في بيعه. يقول المهاجم: quot;رأيت هاري الأسبوع الماضي وتمازح بعض الشيء قائلاً لي إنه ستتم اقالتي بسببك، لقد بعتك بمليون جنيه استرليني فقط، أما الآن فسعر صفقتك قد تكون أكثر بكثير مما تتوقعquot;.

وما يزال للمهاجم المغربي أصدقاء كثر في توتنهام، لذلك فإنه من الممكن، إذا تأهل رينجرز إلى الدوري الممتاز، عودته مرة أخرى إلى وايت هارت لين.

ويعلق تعرابت على ذلك: quot;لا أفكر بالعودة إلى توتنهام حالياً، لأن رينجرز منحني الكثير من الدعم وأنا استمتع بوقتي معه. في هذه اللحظة ما أريده هو أن أساعده للتأهل إلى الدوري الممتاز. وإذا فعلت ذلك، فسأشعر انني أكملت مهمتي. وبما أنني طموح جداً، فإنه إذا حصلت لي فرصة جيدة فربما سأفكر باستغالهاquot;.

وعلى رغم حبه لتوتنهام، إلا أن الحب الحقيقي لتعرابت في الكرة الانكليزية كان في نادي شمال لندن الذي كاد أن يحصل على توقيعه في عام 2007. فالشخص الذي جلبه إلى توتنهام هو المدير الإداري للكرة داميان كومولي الذي كان مع ارسنال في ذلك الوقت (الآن مع ليفربول)، فعندما كاد المهاجم المغربي من أن ينتقل إلى ارسنال رحل كومولي إلى توتنهام وطلب منه أن يفعل مثله وأقنعه أن النادي الأخير يريد أن يفعل كما يقوم به منافسه في لندن بجلب أفضل اللاعبين الشباب في العالم، وستكون فرصته أوفر فيه. ولكن تعرابت يعترف الآن أنه أخطأ باتخاذ مثل هذا القرار ويعبر عن أسفه بقوله: quot;حاول توتنهام أن يفعل مثل ما يقوم به ارسنال ولكن ثقافته مختلفة. كان يمكن أن تكون لي فرصة أفضل في ارسنال لأنني كنت سأتقدم مع المدير الفني ارسين فينغر الذي يُعتبر اسطورة في فرنسا وواحداً من أفضل المديرين الفنيين في العالمquot;.

ويعتبر تعرابت مهاجم ارسنال وكابتن المغرب الحالي مروان الشماخ من أقرب أصدقائه، حيث يمكث معه في منزله ويعتبره مثل الأخ الأكبر.

وعلى رغم أن تعرابت لم يتحدث مع فينغر اطلاقاً، فقط يتبادلان التحية، إلا أنه إذا قرر الفرنسي أنه يريد أن يفعل أكثر من أن يقول مرحباً، فإنه سيجد تعرابت حريصاً على الاستماع إلى العرض، لأنه من المعجبين بأسلوب لعب المدفعجية، وسيكون بطبيعة الحال سعيداً إذا طرح ارسنال الفكرة للمناقشة.