أثارت تصريحات مدرب المنتخب الجزائري البوسني وحيد خليلوزيدش الخاصة بمنافسي الخُضر في نهائيات كاس أمم افريقيا 2013 جدلاً واسعاً في الوسط الرياضي الشعبي الإعلامي ، سواء تلك التي جاءت قبيل إجراء عملية القرعة بعدما صنف الخضر في المستوى الثالث وأكد خلالها انه يخشى الوقوع في نفس المجموعة مع منتخبات ساحل العاج أو غانا أو جنوب إفريقيا أي انه كان يفضل الوقوع مع منتخب زامبيا الذي يعد نظرياً أضعف حلقات هذا المستوى ، أو تلك التي جاءت بعيد القرعة عندما أعرب عن خيبة أمله لان الحظ خانه لوقوعه في مجموعة وصفت بالحديدية أو مجموعة الموت على حد تعبير الصحف الجزائرية بجانب ساحل العاج تونس و الطوغو ، جدلا ازدادت حدته بعدما أكد بان المنتخب الجزائري و شقيقه التونسي سيتنافسان معا على التأشيرة الثانية بعدما منح التأشيرة الأولى مسبقا للفيلة.

وانقسم الشارع الرياضي في الجزائر على نفسه إلى قسمين احدهما أيد خليلوزيدش و الآخر عارضه و بشدة ، فالمؤيدون يرون بان تصريحات الفني البوسني واقعية و تستند لمعطيات فنية تسبق البطولةويجب احترامها من قبله و من قبل غيره ، و أثناء البطولة الميدان هو الوحيد الذي سيفصل في أحقية المتأهلان عن هذا الفوج و الميدان لا يعترف إطلاقا بالتصريحات.

ويرون بان التصريحات البوسنية قائمة على وضعية كل منتخب من المنتخبات الأربع حاليا وليس خلال البطولة ووفقا لما سجلته من نتائج في الأعوام القليلة الماضية ، فمنتخب ساحل هو وصيف بطل الدورة الأخيرة التي لم تجرى قبل عامين بل قبل عام فقط ، وصي كان الجميع يرشحه لاعتلاء عرش القارة السمراء حتى الركلات الترجيحية التي أطاحت به بسبب سذاجة الفيلة أكثر ما هي بسبب قوة زامبيا ، وهو المنافس الذي كان يخشاه مدربو بقية المنتخبات وليس فقط مدرب الجزائر ، و هو المنتخب الوحيد إلى جانب غانا الذي يمتاز باستمرار نتائجه الجيدة منذ بلوغه نهائيات مونديال ألمانيا 2006 خاصة عندما يلعب ضد منافسين أفارقة فالمنتخب المصري هو الوحيد الذي لقنه درساًفي أمم إفريقيا 2008 ، ويضم في صفوفه تركيبة بشرية ثرية بنجوم تلعب في أفضل وأقوى الأندية الأوروبية تحدوهم عزيمة كبيرة لتدارك خيبة نهائي النسخة الماضية خاصة بالنسبة لجيل دروغبا و توريه.

أما تونس فهي الأخرى تمتلك منتخباً صحيح انه ليس بنفس قوة كوت ديفوار لكنه منتخبا محترما بفضل الاستقرار الذي ينعم به منذ نهاية العام 2010 سواء على مستوى الجهاز الفني بقيادة سامي الطرابلسي الذي يزداد خبرة من تصفيات و من بطولة لأخرى ، أو على صعيد اللاعبين حيث تقل التغييرات التي يجريها الطرابلسي واعتماده بشكل رئيسي على نجوم الترجي الذي يسيطر بالطول والعرض على إفريقيا من خلال مسابقة دوري الأبطال ، وهو الآخر سقط في الدور الثاني من دورة الغابون بسذاجة حارسه المتألق المثلوثي ، بينما يبقى الطوغو متواضع بالنظر إلى نتائجه المتذبذبة ، أما المنتخب الجزائري فان يمر بمرحلة انتقالية أعقبت خيبته في اقصائيات كأس افريقيا 2012 وأغلب لاعبيه يافيعين يفتقرونإلى خبرة البطولات الدولية ذات المستوى العالي، حيث سيصطحب خليلوزيدش معه إلى جنوب إفريقيا عدد من اللاعبين يشاركون للمرة الأولى في الكان على غرار سوداني و سليماني وبلكالام وكادامورو وفيغولي وجابو وهم الذين يشكلون لعمود الفقري للمنتخب، فرغم قدراتهم التقنية والبدنية العالية إلا أن عامل التجربة يكتسي أهمية مؤثرة في الأداء وفي النتائج.

كما أن المنتخب الجزائريلم ينتصر على أي منتخب من عمالقة إفريقيا منذ هزمه لساحل العاجفي ربع نهائي دورة 2010 بأنغولا، ومن هذا المنظور فان مستوى الخضر اقل من الفيلة و أفضل من الطوغو و متقارب مع نسور قرطاج مما يجعل المنافسة على البطاقة الثانية تنحصر بين الجزائر وتونس في حال احترم المنطق النظري غير أن ذلك لن يقف في وجه تأهل زملاء ادبايور و لن يجعل اشبال الفرنسي التونسي الأصل صبري العموشي يبدؤون البطولة من دورها الثاني مباشرة.

كما يرى المؤيدين للمحارب البوسنيبأن تصريحاته لم تكن سوى تكتيك محارب اعتاد عليه الغرض منه هو احترام المنافس مهما كان مستواه نظريا من جهة و من جهة ثانية تفادي غرور أشباله الذين كما قلنا يفتقدون للتجربة الكافية و سيناريو مالاوي في بطولة 2010 لا يزال راسخا في أذهان الجزائريين ، و من جهة ثالثة إبعاد الضغط النفسي عنهم و إشعار منافسيه بعقدة التفوق قبل مفاجئتهم على ارض الواقع بالمستوى الحقيقي لمنتخب يتطلع لاستعادة بريقه و يبحث عن استعادة تاج تذوق حلاوته قبل 23 سنة.

أما المعارضون لتصريحات خليلوزيدش فيعتبرونها نوع من الانهزامية من شانها أن تؤثر سلبا على نفسية زملاء الحارس رايس مبولحي في البطولة و كان يفترض أن يبدي تفاءلا يزيدهم إرادة لترجمته على ارض الميدان و يبتعد عن استخدام كلمات مثل أخشى لأنه تصيب اللاعبين بالضعف و تفقدهم حماسهم.

وأعابوا على خليلوزيدش الوقوع في تناقض غير مفهوم فقبل أيام تحدث عن الهدف الرئيسي الذي يتضمنه عقده مع الاتحاد و الذي ينص صراحة على بلوغ الدور النصف النهائي لكأس افريقيا 2013 ثم يقول بان القرعة خذلته لأنها وضعته في فم الغول العاجي.

ومن وجهة نظرهم فان المنتخب الذي يشارك من اجل لعب الأدوار الطلائعية لا يولي أهمية كبيرة لعملية القرعة لأنه يفترض ان يكون جاهزا للإطاحة بأي منافس و إلا فالأفضل العودة للحديث عن قاعدة المهم المشاركة ، كما يؤكدون بان خليلوزيدش أقيل من منصبه في العام 2010 بعدما انهزم ساحل العاج الذي كان تحت إشرافه من الجزائر و الآن هو مدربا للخضر فيفترض أن العموشي و فيلته هم من يخشون مواجهة المحاربين خاصة أنهم يعتبرون المنتخب الحالي أقوى و أفضل بكثير من منتخب 2010 ، الذي كانت نقطة قوته الرئيسية هي الروح القتالية عكس اليوم حيث نمتلك خطة ولاعبين مميزين و روح قتالية أيضا، وهو ما تؤكده حسبهم النتائج التي سجلها منذ تولي خليلوزيدش الإشراف عليه في يوليو 2011 حيث خسروا مباراة رسمية واحدة كانت من مالي ويحتلون المركز الثاني قاريا في التصنيف العالمي للفيفا، ويقدم أداء طيبا أدهش الخبراء خاصة القوة الهجومية التي يعتبرونها مفتاح الفوز بالبطولة. منتخبا سبق له أن فاز على تونس التي تأهلت بشق الأنفس لهذه البطولة و أمام منافس متواضع ، و حتى بالنسبة لكوت ديفوار فان نجومها شاخوا و خبرتهم أو شهرتهم لوحدهما لن تكفيهم لمقارعة حيوية و حماس فيغولي و سليماني.

ويخشى المعارضين لتصريحات خليلوزيدش أن يكون الأخير بصدد تجهيز الرأي العام الجزائري لانتكاسة جديدة في حال خرج مبكرا من البطولةوبالتالي يتفادى مطالب إقالته ليبقى يغرف من خزينة الاتحاد.